سماعات الرأس التي تحذف الضجيج يمكنها المساعدة على اختيار الأصوات التي ترغب في سماعها

3 دقائق
سماعات الرأس التي تحذف الضجيج يمكنها المساعدة على اختيار الأصوات التي ترغب في سماعها
مصدر الصورة: ستيفاني آرنيت. إم آي تي تي آر. غيتي إيميدجيز، إنفاتو
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في المستقبل، يمكن أن تتيح سماعات الرأس التي تحذف الضجيج للمستخدمين إمكانية تمرير أصوات معينة لسماعها؛ مثل بكاء الأطفال أو زقزقة العصافير أو رنين المنبه.

تحمل هذه التكنولوجيا اسم “السماع الدلالي” (semantic hearing)، ويمكن أن تمهد الطريق أمام صنع سماعات أذن وأجهزة لتقوية السمع بتصميم أكثر ذكاء؛ حيث تتيح للمستخدم فلترة بعض الأصوات، وتقوية أصوات أخرى.

سماعات ذكية!

يعمل هذا النظام، الذي ما يزال في مرحلة النموذج الأولي، من خلال وصل سماعات الرأس المانعة للضجيج المتوفرة في الأسواق مع تطبيق على الهاتف الذكي. وتقوم هذه التقنية على استغلال الميكروفونات المدمجة في هذه السماعات، التي تُستخدم عادة لحذف الضجيج، لتحقيق غرض آخر أيضاً، وهو كشف الأصوات في البيئة المحيطة بالمستخدم. تُلقم هذه الأصوات إلى الشبكة العصبونية التي تعمل ضمن الهاتف الذكي على تعزيز أصوات معينة في الزمن الحقيقي أو كتمها وفقاً لتفضيلات المستخدم. يُنسب تطوير هذه الطريقة إلى باحثين من جامعة واشنطن، وقد قدّم الباحثون بحثهم في ندوة برمجيات وتكنولوجيات واجهة المستخدم (UIST) التي أقامتها جمعية آلات الحوسبة مؤخراً.

درب الفريق الشبكة العصبونية على الآلاف من العينات الصوتية من مجموعات بيانات متوفرة على الإنترنت، وأصوات جُمِعت من عدة بيئات مليئة بالضجيج. بعد ذلك، علّم الباحثون الشبكة تمييز 20 صوتاً من الأصوات المسموعة في الحياة اليومية؛ مثل صوت العاصفة الرعدية، وصوت دفق الماء في المرحاض، وصوت تحطم الزجاج.

وقد جرب الباحثون هذه التكنولوجيا من خلال 9 مشاركين أجروا جولات في أماكن مختلفة مثل المكاتب والمتنزهات والشوارع. ووجد الباحثون أن نظامهم قدم أداء جيداً في كتم الأصوات وتقويتها، حتى في أوضاع لم يُدرَّب عليها من قبل. لكن النظام واجه صعوبات طفيفة في التمييز بين الكلام البشري والموسيقا المسموعة في الخلفية، خصوصاً موسيقا الراب.

اقرأ أيضاً: موسيقى خلفية يؤلفها الذكاء الاصطناعي تظهر لنا حدود إبداعه

محاكاة قدرة بشرية

لطالما حاول الباحثون حل “مشكلة حفلات الكوكتيل“؛ أي تزويد الحاسوب بالقدرة على التركيز على صوت واحد ضمن غرفة مزدحمة تماماً كما يفعل البشر. تمثل هذه الطريقة الجديدة خطوة مهمة نحو تحقيق هذه الهدف، وتبين القدرات الكامنة لهذه التكنولوجيا وفقاً لأحد كبار العلماء الباحثين في مختبرات إن تي تي (NTT) لعلم الاتصالات في مدينة كيوتو، مارك ديلكروا، الذي يدرس تحسين الكلام والتعرف على الكلام، ولم يشارك في هذا المشروع.

ويقول: “هذا النوع من الإنجازات مفيد جداً بالنسبة إلى هذا المجال. لقد طُرِحت أفكار مماثلة من قبل، خصوصاً في مجال فصل الكلام؛ لكن هذه المجموعة هي الأولى التي تقترح نظاماً متكاملاً لاستهداف الصوت واستخلاصه في الزمن الحقيقي لكلتا الأذنين.

يقول الأستاذ المساعد في جامعة واشنطن، وأحد المشاركين في المشروع، شيام غولاكوتا: “تتميز سماعات الرأس الحالية التي تحذف الضجيج بإمكانية تشغيل الموسيقا حتى مع تفعيل ميزة حذف الضجيج. وبدلاً من تشغيل الموسيقا، نعيد تشغيل الأصوات الفعلية المهمة الصادرة من البيئة المحيطة، التي استخلصناها باستخدام خوارزميات التعلم الآلي التي صممناها”.

يشعر غولاكوتا بالحماسة إزاء إمكانية استخدام هذه التكنولوجيا في مساعدة المصابين بضعف في السمع؛ حيث يواجهون صعوبة في استخدام الأجهزة الحالية لتقوية السمع في البيئات الصاخبة. ويقول: “إنها فرصة فريدة من نوعها لبناء أجهزة ذكية تساعد على تحسين السمع في المستقبل”.

أيضاً، يمكن أن تكون الانتقائية العالية في اختيار الأصوات التي نريد سماعها والتي نريد كتمها مفيدة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يحتاجون إلى الإصغاء بصورة مركزة في وظائفهم؛ مثل محترفي الرعاية الصحية والمجال العسكري والهندسة، أو بالنسبة إلى عمال المصانع أو عمال البناء الذين يرغبون في حماية سمعهم، والحفاظ على قدراتهم على التواصل في الوقت نفسه.

اقرأ أيضاً: كيف تستخدم تطبيقات بث الموسيقى الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة المستخدم؟

فلترة العالم المحيط

يمكن لهذا النظام أن يمنحنا، ولأول مرة، درجة ما من التحكم في الأصوات المحيطة بنا، مهما كانت النتيجة، وفقاً لماك هاغود؛ وهو أستاذ مساعد مختص بالوسائط والتواصل في جامعة ميامي في أوهايو، ومؤلف كتاب: “سكوت: الوسائط والتحكم الذاتي بالصوت” (Hush: Media and Sonic Self-Control)، ولم يشارك في المشروع.

ويقول: “إن هذا المشروع أشبه بحلم يتحقق، لقد رأيت الكثيرين ممن كانوا يتخيلون شيئاً كهذا منذ فترة طويلة. يمكن تشبيه هذا المشروع في جوهره، بقائمة اختيار تتيح لنا تحديد الأصوات التي نريد سماعها والتي نريد كتمها، وقد يكون هذا التحديد للتجربة الصوتية مفيداً للغاية، وهو شيء يجب علينا فعله حقاً وقد يساعد فعلياً على تعزيز التواصل بصورة أفضل”.

اقرأ أيضاً: تعرّف إلى ميوزك إل إم (MusicLM): أداة جوجل لتوليد الموسيقى من النصوص

لكنه يقول إننا عندما نختار التحكم والاختيار، فإننا ننحي الصُدف الجميلة والأحداث العارضة السعيدة جانباً. ويضيف قائلاً: “نحن نقرر مسبقاً ما نرغب في سماعه وما لا نرغب في سماعه. وسيؤدي هذا إلى حرماننا من فرصة معرفة مدى استمتاعنا الفعلي بشيء ما قررنا تجاهله”.