إنجاز جديد: بطين أيمن آلي مطابق للبشري لمحاكاة حالات الصحة والمرض

3 دقيقة
إنجاز جديد: بطين أيمن آلي مطابق للبشري لمحاكاة حالات الصحة والمرض
حقوق الصورة: shutterstock.com/Adisak Riwkratok
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عندما يتعلق الأمر بمراقبة وظيفة البطين الأيمن بدقة وتقييمها لدى المرضى الذين يعانون من أمراض القلب، ثمة العديد من التحديات التي يواجهها الأطباء والتي قد تؤدي لتشخيصات خاطئة. لكن فريقاً من المهندسين من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تمكّن من تطوير نسخة آلية من البطين الأيمن تحاكي وظيفة وحركة البطين الأيمن الطبيعي في النبض وضخ الدم بدقة عالية.

لماذا البطين الأيمن؟

يتكون القلب الطبيعي من أربع حجرات؛ هي البطينان الأيمن والأيسر، والأذينان الأيمن والأيسر. ونظراً إلى أن البطين الأيسر مسؤول عن ضخ الدم إلى جميع أنحاء الجسم، فإنه يمتاز بعضلات سميكة مخروطية الشكل. في المقابل، يضخ البطين الأيمن الدم غير المؤكسج إلى الرئتين ولا يحتاج نفس القدر من القوة مثل البطين الأيسر. ونتيجة لذلك، فهو يتمتع  ببنية عضلية رقيقة ومعقدة في آن واحد.

ومع ذلك، مثّل هذا التشريح المعقد للبطين الأيمن تحديات للأطباء. تقول مانيشا سينغ، باحثة ما بعد الدكتوراة في معهد ماساتشوستس للهندسة الطبية والعلوم: “غالباً ما تفشل الأدوات التقليدية في التقاط الآليات والديناميكيات المعقدة للبطين الأيمن، ما يؤدي إلى تشخيصات خاطئة محتملة واستراتيجيات علاج غير كافية”.

ولمعالجة هذه المشكلة، صميم فريق الباحثين نموذجاً آلياً للبطين الأيمن، يحاكي تعقيداته التشريحية، ويمارس وظيفته في الضخ، ما قد يساعد في فهم هذه الحجرة، وإيجاد الحلول وتطوير الأجهزة لعلاج أي خلل وظيفي بها.

لإنشاء نموذج البطين الأيمن الآلي (Robotic Right Ventricle -اختصاراً RRV)، الذي وصفه الباحثون في الدراسة المنشورة  في دورية (Nature Cardiovascular Research)، استخدموا أنسجة حقيقية من البطين الأيمن لقلب خنزير، مع الاحتفاظ بالهياكل الطبيعية المعقدة للغاية فيه، والتي لا يمكن إعادة إنتاجها صناعياً، وهي عبارة عن حبال رفيعة وصغيرة ووريقات صمامية تتحرك بالتنسيق مع عضلة البطين. ولإنشاء البطانة العضلية الاصطناعية للقلب، غلّفوا البطين بمادة السيليكون، ثم ضمّنوا فيها عدة أنابيب طويلة تشبه البالونات حول أنسجة القلب الحقيقية في مواضع حددها الباحثون من خلال النمذجة الحسابية، لإعادة إنتاج تقلصات البطين على نحو مثالي.

اقرأ ايضاً: تطوير ذراع روبوتية يمكن التحكم بها عن طريق التنفس

في الخطوة التالية، ربطوا كل أنبوب بنظام تحكم، ثم قاموا بضبطه لتضخيم وتفريغ كل أنبوب بمعدلات تحاكي إيقاع القلب وحركته الطبيعية، ما يسمح بمراقبة الوظائف الطبيعية لصمامات البطين والهياكل الأخرى.

بعبارة أخرى، يمكن القول إن البطين الآلي يعمل بمثابة منصة واقعية لدراسة اضطرابات البطين الأيمن والمساعدة على تطوير علاجات محتملة لبعض أمراضه، من خلال تعديله لمحاكاة حالات القلب الصحية والمرضية، مثل ارتفاع ضغط الدم الرئوي، واحتشاء عضلة القلب (نوبة قلبية). كما يمكن أيضاً استخدام البطين الآلي لاختبار أجهزة القلب المختلفة. على سبيل المثال، تمكّن الفريق من زرع صمام ميكانيكي لإصلاح الصمام الطبيعي المعطل، ثم تتبعوا كيفية تأثير هذا التغيير على ضخ البطين، ما يوفّر بيانات قيّمة حول فعالية الجهاز.

تقييم البطين الأيمن الآلي

لاختبار البطين الآلي، حقن الباحثون في النموذج سائلاً شفافاً يعادل بلزوجته لزوجة الدم، وتمكنوا عبر كاميرات داخلية من مراقبة كيفية استجابة الصمامات والهياكل الداخلية  أثناء ضخ السائل.

وجد الباحثون تطابقاً بين قوة ضخ البطين الاصطناعي ووظيفة بنيته الداخلية وبين قوة ضخ البطين الطبيعي ووظيفة بنيته الداخلية لدى الحيوانات الحية والسليمة، كما توصلوا إلى أنه من الممكن ضبط تردد وقوة أنابيب الضخ لمحاكاة حالات القلب المختلفة مثل عدم انتظام ضربات القلب، وضعف العضلات وارتفاع ضغط الدم.

اقرأ أيضاً: باحثون يطوّرون لساناً إلكترونياً يتذوق الطعوم المختلفة

محاكاة حالات الصحة والمرض

تقول الرئيس المساعد للأبحاث في قسم الهندسة الميكانيكية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الأستاذة إلين روش: “إننا إلى حدٍّ ما نقوم بإعادة إحياء القلب، وبطريقة تمكننا من دراسة الخلل الوظيفي الذي يعاني منه وربما علاجه”.

في الحالة الطبيعية، يحتوي البطين الأيمن على الصمام ثلاثي الشرفات والذي يسمح بدخول الدم إلى البطين الأيمن، لكن أيّ تسرّب أو خلل فيه قد يسبب قصور القلب الأيمن أو الرجفان الأذيني، وما يرافقه من أعراض مثل فقدان القدرة على ممارسة الرياضة، وتورّم الساقين وتضخّم الكبد.

لذا حاول الأطباء تجربة تقنيات جديدة لإصلاح الصمام إما بزرع أجهزة طبية حلقية الشكل ومختلفة الأحجام، أو باستبدال صمام ميكانيكي به، وتمكنوا بالنتيجة من تحديد الجهاز الذي أدى إلى تحسين تدفق السوائل في البطين أثناء استمراره في الضخ.

اقرأ أيضاً: محاكاة أشكال الحيوانات وسلوكها تساعدنا على تطوير روبوتات أفضل

مدة صلاحية البطين الأيمن الآلي

حالياً، يمكن للبطين الأيمن الآلي أن يعمل بشكل متواصل حتى بضعة أشهر وليس أكثر، لكن الباحثون يحاولون تحسين أدائه بزيادة مدة عمله لفترات أطول. علاوة على ذلك، يتواصل الباحثون مع مصممي الأجهزة الطبية القابلة للزرع لاختبارها، وتحديد قدراتها على العمل في الجسم، وربما تطويرها لتصبح أكثر ملاءمة للمرضى.

على المدى البعيد، تخطط روش وزملاؤها لتكرار النموذج للبطين الأيسر، وإقرانه بالبطين الأيمن الآلي لإنشاء قلب اصطناعي قابل للضبط بالكامل، ويمكن زرعه في البشر.