اكتشف الروبوتات الهجينة التي تحاكي الكائنات الحية

4 دقيقة
اكتشف الروبوتات الهجينة التي تحاكي الكائنات الحية
حقوق الصورة: Shutterstock.com/Michaela Jilkova

ألهمت المبادئ والآليات الموجودة في الطبيعة العلماءَ لتطوير روبوتات اصطناعية متطورة، تحاكي الكائنات الحية، فهي مبنية من مواد لينة، ومبرمجة لتتمتّع بقدرات حركية مختلفة، وتتولى مهامَ مختلفة. ولكن الروبوتات غير الحية التقليدية لا تستطيع أن تحاكي بشكلٍ كامل التعقيد البنيوي والوظيفي للأنظمة الحية، مثل الخلايا والأنسجة التي تتمتّع بطبيعة مستقلة وقابلة للتكيُّف، وتنتج الطاقة وتستخدمها بكفاءة، وتتكاثر، وتؤدي وظائف معقدة مختلفة. لذا، فإن دمج الخلايا الحية بالروبوتات الصناعة أدّى إلى الاستفادة من قدرات الخلايا الحية، دون تعقيدات برمجية، فيما يُعرف باسم "الروبوتات الحيوية الهجينة".

اقرأ أيضاً: ما هي الحوسبة الحيوية؟ وكيف تسهم في محاربة التغيّر المناخي؟

ما هي الروبوتات الحيوية الهجينة؟ 

الروبوتات الحيوية الهجينة هي أنظمة تجمع بين الخلايا الحية، مثل خلايا العضلات أو الخلايا العصبية، مع مواد اصطناعية مثل البوليمرات والمعادن والإلكترونيات. يُتيح هذا التكامل للروبوتات إظهار سلوكيات تشبه الكائنات الحية، مثل الزحف والسباحة والإمساك بالأشياء، وذلك بالاستفادة من قدرة العضلات الحية على التكيُّف، وحساسية الخلايا الحسية، والقوة الحسابية للخلايا العصبية، والانتقال من الخيال العلمي إلى التطبيقات العملية عبر تطوير الروبوتات المتحركة التي تعمل بفاعلية في بيئات العالم الحقيقي. 

تتضمن الروبوتات الحيوية الهجينة خلايا وأنسجة وكائنات دقيقة وحيوانات حية، وتوفّر مزايا مثل القدرة على التحلل البيولوجي وخصائص الشفاء الذاتي وآليات التحكم القابلة للتكيُّف. يمكن الاستفادة أيضاً من سماتها البيولوجية الطبيعية لمعالجة التحديات في مجال الروبوتات، مثل استهلاك الطاقة وتحمل الضرر. على سبيل المثال، تستهلك قناديل البحر الهجينة الحيوية المجهزة بوحدات تحكم إلكترونية دقيقة طاقة أقل بكثير من الروبوتات السابحة التقليدية، بينما يمكن الاستفادة من دم الحشرات الآلية كمصدر للوقود.

في الحشرات الآلية، تتحقق الحركة من خلال التحفيز الكهربائي للمواقع العصبية العضلية الرئيسية، ما يلغي الحاجة إلى المحركات الاصطناعية ويسمح باستهلاك منخفض للغاية للطاقة. طور العلماء أيضاً خلايا الوقود الحيوي التي تحوّل سوائل الجسم الغنية بالسكر في الحشرات إلى طاقة كهربائية، ما يخلق أنظمة هجينة حيوية مكتفية ذاتياً. بالإضافة إلى ذلك، يمكن الاستفادة من قدرات تجنب العقبات الفطرية لدى الحشرات، ما يقلل الحاجة إلى أجهزة استشعار وخوارزميات معقدة.

تسهِّل الروبوتات الحيوية الهجينة بعض الدراسات البيولوجية مثل اختبارات التحكم العصبي العضلي، وهو ما يعزز فهم سلوك الحيوان، ويمكن أن يؤدي إلى اكتشافات جديدة لقدرات الحركة. 

اقرأ أيضاً: الزينوبوت: روبوت حي ولد من رحم التطورات التكنولوجية الحيوية والحاسوبية

تطبيقات الروبوتات الحيوية الهجينة 

استخدم العلماء أنواعاً مختلفة من الخلايا في تطوير الروبوتات الحيوية الهجينة لأغراض مختلفة، مثل:

روبوتات الكائنات الحية الدقيقة

تعتمد بعض الروبوتات الحيوية الهجينة على الكائنات الحية الدقيقة مثل البكتيريا والفطريات والطحالب، والتي تُدمَج مع مكونات وظيفية تُقاس بالميكرومتر أو النانومتر، وطوّرها الباحثون لأغراض مثل توصيل الأدوية والاستشعار البيولوجي ومراقبة البيئة والتطهير البيولوجي ومعالجة الأغشية الحيوية والاستشعار البيولوجي، نظراً لقدرة هذه الكائنات على التكيف مع التغيرات في درجات الحرارة ودرجة الحموضة وتوفر العناصر الغذائية وغيرها من الظروف البيئية. يساعد هذا النوع من الروبوتات على معالجة التحديات المختلفة في مجال الروبوتات الدقيقة.

روبوتات الحيوانات المنوية

من الروبوتات الحيوية الهجينة أيضاً روبوتات دُمج معها الحيوانات المنوية للاستفادة منها في تطبيقات مختلفة، مثل توصيل الأدوية والدراسات الأساسية للتفاعلات بين الخلايا والجسيمات.

واستخدم العلماء الحيوانات المنوية البشرية المحملة بدواء الدوكسوروبيسين لعلاج سرطان عنق الرحم ثلاثي الأبعاد وخلايا سرطان المبيض لدى المصابات به، وقد أدخلوا الخلايا المنوية في كبسولات مغناطيسية صغيرة محملة بالعقار، وتم توجيهها مغناطيسياً لنقل العقار وإطلاقه.

روبوتات الخلايا العضلية القلبية

استُخدمت الخلايا العضلية القلبية في الروبوتات الحيوية الهجينة بسبب خصائصها الانقباضية الممتازة، فهي قادرة على العمل باستمرار دون تعب، بالإضافة إلى أنها أنسجة قابلة للإثارة كهربائياً وتعمل ذاتياً، ما يجعلها مثالية لصُنع مجموعة متنوعة من الأجهزة الروبوتية الصغيرة والناعمة.

يمكن عزل هذه الخلايا العضلية القلبية من الفئران أو الحشرات، وتظهر سلوكاً يمكن التنبؤ به عند دمجها في الهياكل الروبوتية. وبدلاً من ذلك، يمكن استخلاصها أيضاً من الخلايا الجذعية متعددة القدرات المستحثة من قبل الإنسان، ما يسمح بتطبيقات متعددة لأداء وظائف مختلفة، بما في ذلك السباحة والضخ والزحف. 

تعمل هذه الروبوتات أيضاً كنماذج للدراسات البيولوجية، وخاصة في فهم دور اتجاه الخلية في تكوين الأنسجة ووظيفتها. بالإضافة إلى ذلك، يمكن ربط الأنسجة القلبية المزروعة بهياكل روبوتية ناعمة لإنشاء روبوتات قادرة على الزحف والإمساك مصممة لأغراض الروبوتات والبحوث البيولوجية. 

اقرأ أيضاً: ما هي الروبوتات اللينة وكيف تستفيد البشرية منها؟

روبوتات العضلات الهيكلية

تعمل العضلات الهيكلية بمثابة مشغل فعّال في الروبوتات، فهي توفّر تقلصاً يمكن التحكم فيه وتجديداً ذاتياً، وتتمتّع بقدرة على التكيُّف وزيادة القوة مع التدريب. تُصمَّم لتطبيقات الروبوتات اللينة. قد نحصل على خلايا العضلات الهيكلية من سلالات الخلايا الخالدة أو الخلايا الجذعية البشرية المتعددة القدرات. 

يُصنع هذا النوع من الروبوتات في 3 أبعاد لدعم تنظيم الألياف العضلية، باستخدام تقنيات مثل الطباعة الحيوية الثلاثية الأبعاد.

تعمل هذه الروبوتات بنبضات كهربائية، مع تعديل التردد والشدة للتحكم في الحركة أو بالموجات فوق الصوتية أو التحفيز الكيميائي، مع تعزيز التشغيل بالحبر الحيوي النانوي. يساعد هذا النوع من الروبوتات في الهندسة العكسية للمبادئ البيولوجية، وفي تطبيقات الرعاية الصحية مثل الشفاء الذاتي والقدرة على التكيُّف.

روبوتات عضلات الكائنات اللافقارية

تُظهِر عضلات الكائنات اللافقارية، مثل العضلات المحرّكة لقرون استشعار الحشرات وعضلات الحلزون البحري، قوة التحمل في البيئات الطبيعية، وتستمر في العمل في الروبوتات الحيوية الهجينة مدة طويلة نوعاً ما، ولا تتطلب الكثير من الصيانة. واستخدم العلماء هذه العضلات في الروبوتات السابحة والزاحفة والقابضة. وتوفّر عضلات الحشرات مزايا مثل معدل استقلابي أقل وملاءمة للأنظمة منخفضة الصيانة. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن عضلات اللافقاريات البحرية، مثل عضلات الرخويات، واعدة للتطبيقات المائية، ويمكن أن توفّر أنظمة تحكم عصبية عضلية لمراقبة البيئة.

أدّت حساسية الأعضاء الحسية للحشرات أيضاً إلى تطوير روبوتات هجينة حيوية مزودة بأجهزة استشعار بيولوجية. 

ومن الأمثلة على ذلك الروبوتات الموجهة بالرائحة باستخدام قرون استشعار الحشرات، وغيرها من التطبيقات المتنوعة للأنسجة اللافقارية في الروبوتات الهجينة الحيوية.

جلد الروبوتات الحي

يؤدي ربط أنسجة الجلد الحية بالروبوتات إلى تعزيز مظهرها الجمالي ووظائفها وتفاعلها مع البيئة. يُلصق الجلد الحي بالروبوتات بطريقة مشابهة للجسم البشري من خلال محاكاة بنية أنسجة الجلد البشري، ما يسمح لها بالثبات والتوافق مع أجزاء الروبوت. ويوفّر الجلد الحي مرونة طبيعية والتصاقاً قوياً، ما يسمح بحركة طبيعية وسلسة للأجزاء الميكانيكية للروبوت، كما أن الجلد الحي يمتاز بالقدرة على إصلاح الأضرار الطفيفة تلقائياً، وبالتالي يزيد من متانة وطول عمر الروبوتات البشرية ويقلل الحاجة إلى الصيانة المتكررة. 

يساعد الجلد الحي أيضاً على دمج أجهزة الاستشعار في الجزء الخارجي للروبوت، ويعزز بالتالي استجابته للعوامل البيئية المحيطة. 

اقرأ أيضاً: علماء يصنعون روبوتات حية صغيرة قد تُحدِث ثورة في علم الطب

التحديات التي تواجهها الروبوتات الحيوية الهجينة 

يواجه تطوير الروبوتات الحيوية الهجينة العديد من التحديات الرئيسية منها:

  • يتطلب النشر الفعّال للروبوتات الحيوية الهجينة الميكروبية تعاون آلاف العوامل، ما يعقِّد إمكانية التوسع للتطبيقات العملية.
  • يُعدّ تحقيق التحكم المركزي في الحركة في أنظمة الروبوتات الميكروبية أمراً صعباً بسبب الحاجة إلى التنسيق الدقيق بين العديد من العوامل التي تستجيب للمحفزات الخارجية.
  • يشكّل تحسين كفاءة الطاقة لمختلف المهام تحدياً كبيراً على الرغم من قلة احتياجات الروبوتات الحيوية الهجينة من الطاقة.
  • لا تزال القدرة على الحركة المستقلة وتجنب العوائق قيد التطوير لتصبح الروبوتات الحيوية الهجينة فعّالة في عمليات البحث والإنقاذ أو مراقبة البيئة.
  • إن دمج أجهزة الاستشعار والكاميرات في الأنظمة الحيوية الهجينة لتحسين الوظائف يفرض تحديات تقنية، وخاصة في ضمان الأداء الموثوق به في البيئات الديناميكية.
  • يُثير استخدام الكائنات الحية في الأنظمة الروبوتية مسائل أخلاقية وتحديات تنظيمية يجب معالجتها لتسهيل القبول والتطبيق الأوسع لها.