كيف يساعد الذكاء الاصطناعي على إدارة المستودعات والتخزين؟

4 دقيقة
كيف يساعد الذكاء الاصطناعي على إدارة المستودعات والتخزين؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/panuwat phimpha

عندما نتحدث عن اللوجستيات، فإن التخزين والتوزيع يشكّلان عموداً فقرياً لسلاسل التوريد الفعّالة. ومع تزايد التعقيدات والمتغيرات في سوق الأعمال والزخم الكبير للتجارة الإلكترونية، أضحت الشركات اللوجستية تواجه تحديات مستمرة في تحسين إدارة المستودعات وعمليات التخزين والتوزيع.

وفي هذا السياق يبرز دور الذكاء الاصطناعي كأداة فعّالة لتحقيق هذه الأهداف؛ حيث يتميز الذكاء الاصطناعي بإمكاناته العالية على معالجة كميات كبيرة من البيانات بسرعة عالية و بفاعلية غير مسبوقة، بالإضافة إلى قدرته على المساعدة على أتمتة المهام الروتينية وتبسيط العمليات المعقدة وإحداث نقلة نوعية في التحول الرقمي، وكل ذلك يصب في مصلحة الشركات بهدف رفع الإنتاجية وزيادة الطاقة الاستيعابية والكفاءة التشغيلية وتقليل التكاليف. ووفقاً للتقرير الذي نشرته Allied Market Research، فقد حقق سوق التخزين العالمي المدعوم بالذكاء الاصطناعي 15.6 مليار دولار عام 2021، ومن المتوقع أن يصل إلى 162.5 مليار دولار بحلول عام 2031، كل ذلك جعل من استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي ليس خياراً فقط، بل ضرورة مُلحّة.

وفي هذه المقالة نستعرض بعض التحديات الرئيسية والحلول التي يمكن أن يقدّمها الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضاً: جيل جديد من روبوتات الذكاء الاصطناعي يكتسح المستودعات

كيف يمكن تحسين إدارة المخزون وتخطيط الطلب والتوزيع؟

تُعدّ إدارة المخزون تحدياً مستمراً للشركات، حيث يجب أن تكون الكميات المخزّنة متناسبة مع الطلب المتوقع، وتعتمد فاعلية الشركات على قدرتها لتخطيط الطلبات بشكلٍ دقيق والتنبؤ بالكميات المطلوبة من كل منتج ومعرفة سلوك عملائها تجاه المنتجات وتحديد أفضل طرق التوزيع، ومطابقة مستويات المخزون مع الطلب المتوقع، والتي تنعكس بالتالي على تكاليف التخزين والإنتاج.

باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن للشركات تحسين توقعات الطلب وضبط مستويات المخزون بشكلٍ دقيق، بالإضافة إلى تحليل البيانات التاريخية والتنبؤ بالطلب المستقبلي على ملايين المنتجات حول العالم بدقة عالية جداً. على سبيل المثال، يمكن التنبؤ بزيادة الطلب خلال فترات معينة مثل مواسم العطلات والمناسبات والأعياد وضبط مستويات المخزون وفقا لذلك. ويساعد الذكاء الاصطناعي على تحديد الطرق الأكثر كفاءة لتسليم الشحنات وتوزيعها على المستودعات بناءً على عوامل مثل مواعيد التسليم والمسافات وحجم الشحنة.

وأفضل مثال على ذلك استخدام أمازون لـ "أمازون فوركاست" (Amazon Forecast)، وهي خدمة لتوقع السلاسل الزمنية مدارة بالكامل بالذكاء الاصطناعي وتعتمد على التعلم الآلي، وتساعد في عملية التنبؤ بالطلب المستقبلي على المنتجات. وبحسب أمازون، تُعدّ أمازون فوركاست نموذج توقع يمكنه زيادة دقة التنبؤات عن التنبؤات الصادرة عن نماذج تحليل بيانات السلاسل الزمنية وحدها بنسبة تصل إلى 50% وأكثر.

كيف يمكن تحسين كفاءة العمليات؟

تمر العمليات داخل المستودعات بسلسلة من الإجراءات المعقدة من الاستلام إلى الفرز والتخزين والمناولة إلى التوزيع، هذه العمليات كلّها في الأعمال التقليدية تتم بشكلٍ بشري كامل، ما يتسبب في إهدار للوقت والمال وخصوصاً مع ارتفاع الطلب على التجارة الإلكترونية التي أصبحت معها إدارة مثل هذه العمليات يدوياً شبه مستحيلة.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن تفعيل التجارة الإلكترونية عبر خرائط جوجل؟

يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين كفاءة عمليات إدارة المستودعات وعمليات الفرز والتوزيع بشكلٍ عام. على سبيل المثال، يمكن أن يستخدم الذكاء الاصطناعي وتقنيات التعلم الآلي لتحسين تخطيط مسارات المناولة والتسليم، واستخدام المركبات الموجهة آلياً (AGVs) وهي روبوتات مصممة لنقل البضائع بشكلٍ مستقل عبر المستودعات أو مراكز التوزيع أو المصانع دون مشغل أو سائق على متنها أو تدخل بشري، وتستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في عملها، وهي تفيد بتقليل الأخطاء البشرية، وزيادة الكفاءة بالتركيز على الأعمال ذات الطابع الإبداعي أكثر.

هذا ويُقدّر حجم سوق المركبات الموجَّهة الآلية في أميركا الشمالية بـ 1.48 مليار دولار أميركي عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 2.66 مليار دولار أميركي بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 12.43% خلال الفترة بين 2024 و2029.

كيف يمكن تحسين تتبع الشحنات وإدارة المخازن؟

تُعدّ عمليات تتبع الشحنات وإدارة المخازن جزءاً أساسياً من عمليات التوزيع خصوصاً مع الشركات التي تملك العديد من مراكز التوزيع موزعة جغرافياً تبعاً للحاجة إلى الوصول السريع إلى العميل في أسرع وقتٍ وأقل تكلفة. باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن للشركات تحسين تتبع الشحنات ومراقبة حالة المخازن بشكلٍ دقيق وتحسين استخدام المساحة داخل المستودعات، كما يمكن تحليل البيانات المتعلقة بالشحنات والتنبؤ بمواعيد التسليم بدقة أكبر، وتُنقل العناصر إلى مركز التوزيع المناسب حسب الطلب والحاجة إلى ذلك.

وفي هذا السياق تعتمد شركة  "أوكادو" (Ocado) -وهي شركة تقنية خاصة بأعمال البقالة تستخدم الذكاء الاصطناعي لإحداث تحول رقمي حقيقي في إدارة المستودعات- أساطيل من الروبوتات المتنقلة الذاتية الحركة (AMRs) عبر شبكة تخزين ثلاثية الأبعاد تحتوي على آلاف المنتجات. فيما يُسمَّى الخلية. ينظّم نظام تحكم متطور يعتمد على الذكاء الاصطناعي الخاص حركة أسطول الروبوتات، ويتواصل النظام مع كل روبوت 10 مرات في الثانية لضمان أعلى أداء، كما تتحرك الروبوتات بسرعات تصل إلى 4 أمتار في الثانية، وتتعاون في نقل مستوعبات المنتجات التي ستتم تعبئتها في أكياس العملاء بواسطة أذرع آلية أو أشخاص، وتُتيح هذه التقنية الروبوتية اختيار طلبات مكونة من 50 عنصراً في خمس دقائق فقط.

اقرأ أيضاً: كيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي في إدارة المخازن؟

كيف يمكن تحسين السلامة والأمان والصيانة؟

يشتمل العمل في المستودعات والتخزين على الكثير من المخاطر والتحديات نتيجة التعامل مع الكثير من المواد ذات الطبيعة الخطرة وكذلك الأوزان والأحجام الكبيرة لهذه المنتجات، التي تحتاج إلى تعامل خاص لضمان سلامة العاملين والمعدات وكذلك سلامة المنتجات في أثناء التخزين والتوزيع والتي لها الأثر الكبير في ارتفاع التكلفة، وكذلك لها دور حاسم في قرار اختيار العميل للخدمة.

يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الشركات على تحسين إجراءات السلامة والأمان من خلال مراقبة البيئة والكشف عن أي مشكلات محتملة مثل تسربات الغاز أو الحرائق بشكلٍ أكثر فاعلية، وكذلك استخدام الروبوتات الذاتية التحكم في نقل الأوزان الكبيرة والدخول إلى الأماكن الضيقة وتقليل الحوادث البشرية، كما يمكنها العمل على توزيع المواد حسب خطورتها بناءً على المواصفات والمقاييس التي تُحدد. إضافة إلى ذلك، يمكن استخدام التحليلات التنبؤية والتي تعتمد على تحليل البيانات الضخمة لتحديد الأعطال المحتملة في المعدات وتخطيط الصيانة الاستباقية.

في مجمل القول، التحديات في إدارة المستودعات والتخزين والتوزيع تتطلب حلولاً فعّالة تجمع بين الذكاء الاصطناعي والابتكار، ويمكن للشركات تحقيق تطور ملحوظ فيها، ما يسهم في تحسين كفاءة العمليات اللوجستية وتقديم خدمات أفضل للعملاء وتحقيق ميزة تنافسية في السوق، حيث إن التخلف عن الركب يجعلك خارج إطار المنافسة في عصر أصبحت سمته الأساسية الابتكار والإبداع.