6 أفكار حول الذكاء الاصطناعي يجب أن نناقشها الآن مع الأطفال

6 دقائق
6 أفكار حول الذكاء الاصطناعي يجب أن نناقشها الآن مع الأطفال
حقوق الصورة: shutterstock.com/Frame Stock Footage
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

كان عام 2022 بمثابة دورة تدريبية مكثّفة في الذكاء الاصطناعي بالنسبة للأطفال والمعلمين وأولياء الأمور، وذلك بفضل بوت الدردشة تشات جي بي تي الذي يحظى برواجٍ كبير.

في رد فعل آليّ، حظر بعض المدارس مثل المدارس العامة في مدينة نيويورك هذه التكنولوجيا، ولكنها ألغت الحظر بعد أشهر فقط. والآن، بعد أن اعتاد العديد من البالغين على هذه التكنولوجيا، بدأت إدارات المدارس باستكشاف طرق لاستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي لتعليم الأطفال دروساً مهمة حول التفكير النقدي.

لكن بوتات الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي ليست أدوات الذكاء الاصطناعي الوحيدة التي يتعرّض لها الطلاب في المدارس وفي حياتهم اليومية. ينتشر الذكاء الاصطناعي على نحوٍ متزايدٍ في مختلف المجالات؛ إذ تقدّم أدواته توصيات حول العروض المختلفة على تطبيق نتفليكس، وتساعد تطبيق أليكسا على الإجابة عن أسئلة المستخدمين، وتعتمد عليها مرشّحات تطبيق سناب شات التفاعلية وطرق فتح أقفال الهواتف الذكية.

تقول الأستاذة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ورئيسة هيئة التدريس للذكاء الاصطناعي في معهد جميل كلينيك، التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ريجينا بارزيلاي، إنه على الرغم من أن هناك بعض الطلاب أكثر اهتماماً بالذكاء الاصطناعي من غيرهم، فإن فهم المبادئ الأساسية التي تعمل وفقها هذه الأنظمة أصبح نوعاً أساسياً من أنواع الثقافة التي يجب أن يتمتّع بها كلُ مَن أنهى مرحلة المدرسة الثانوية. أدار معهد جميل كلينيك مؤخراً برنامجاً صيفياً يضم 51 طالباً من طلاب المدارس الثانوية المهتمين باستخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية.

وفقاً لبارزيلاي، يجب تشجيع الأطفال على أن يتمتّعوا بالفضول بشأن الأنظمة التي تؤدي دوراً متنامياً في حياتنا؛ إذ تقول: “إذا كان الأشخاص الذين يدرسون علم البيانات وعلوم الكمبيوتر في الجامعات هم الذين يفهمون آلية عمل هذه الأنظمة فقط، فقد يؤدي ذلك إلى خلق تفاوتات هائلة في المستقبل”.

سنستعرض في هذا المقال النصائح الست الأساسية التي تقدّمها إم آي تي تكنولوجي ريفيو حول تعليم الأطفال كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي مع بداية العام الدراسي الجديد.

1. لا تنسَ: الذكاء الاصطناعي ليس صديقاً

صُممت بوتات الدردشة لتؤدي وظيفة بسيطة، وهي الدردشة. يمكن أن تجعل لهجة المحادثة الودية التي يستخدمها تشات جي بي تي عند الإجابة عن الأسئلة الطلاب يغفلون عن أنهم يتفاعلون مع أحد أنظمة الذكاء الاصطناعي، وليس مع صديق موثوق. قد يؤدي ذلك إلى زيادة احتمالية أن يصدّق المستخدمون الأجوبة التي تقدّمها بوتات الدردشة، بدلاً من التعامل مع أجوبتها المقترحة بتشكّك. تقول الأستاذة في جامعة أولد دومينيون، هيلين كرومبتون، المتخصصة في الابتكار الرقمي في مجال التعليم، إنه على الرغم من أن بوتات الدردشة ماهرة للغاية في عرض نفسها على أنها بشرية متعاطفة، فإن ما تفعله هو أنها تحاكي طريقة كلام البشر المستخلص من البيانات المستخرجة من الإنترنت.

تقول كرومبتون: “يجب أن نذكّر الأطفال ألا يقدّموا المعلومات الشخصية الحساسة للأنظمة مثل تشات جي بي تي، لأن هذه المعلومات ستُضاف إلى قاعدة بيانات كبيرة”. تصبح إزالة البيانات الشخصية شبه مستحيلة بمجرد إدخالها إلى قاعدة البيانات. ويمكن أن تستخدمها شركات التكنولوجيا لكسب المزيد من الأموال دون موافقة أصحابها، كما يمكن أن يستخرجها المخترقون أيضاً.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة؟

2. نماذج الذكاء الاصطناعي ليست بدائل لمحركات البحث

جودة النماذج اللغوية الكبيرة هي بجودة البيانات التي استُخدمت لتدريبها. يعني ذلك أنه على الرغم من أن بوتات الدردشة ماهرة في الإجابة بثقة عن الأسئلة بنصوص قد تبدو معقولة، لن تكون المعلومات التي تقدّمها جميعها صحيحة أو موثوقة. من المعروف أيضاً أن النماذج اللغوية الكبيرة تعرض الأكاذيب على أنها حقائق. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تعزيز التحيّزات والصور النمطيّة المسيئة اعتماداً على مصدر البيانات التي استُخدمت لتدريب هذه النماذج. يجب على الطلاب التعامل مع الإجابات التي تقدّمها بوتات الدردشة بطريقة نقدية، كما يتعاملون مع أي نوع من المعلومات التي يواجهونها على الإنترنت.

يقول الأستاذ المشارك في كلية ستانفورد للدراسات العليا في التعليم، فيكتور لي، الذي أنشأ مجموعة من موارد الذكاء الاصطناعي المجانية المخصصة لمناهج المدارس الثانوية: “هذه الأدوات لا تمثّل الجميع، وتستند أجوبتها إلى البيانات التي استُخدمت لتدريبها. ويعود ذلك إلى أن البيانات على الإنترنت لا تشمل الأشخاص الذين لا يستخدمون الإنترنت. يجب على الطلاب التمهّل والتفكير قبل استخدام هذه الأنظمة أو مشاركة المعلومات التي تولدها أو نشرها، ويجب أن يفكروا بطريقة نقدية أكثر بالمعلومات التي يتعرضون لها ويصدّقونها لأن الكثير منها قد يكون خاطئاً”.

يقول أستاذ تعليم العلوم الحيوية في جامعة شيفيلد هالام في المملكة المتحدة، ديفيد سميث، الذي يحضّر نفسه لمساعدة طلابه على استخدام الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، إنه على الرغم من أن الاعتماد على بوتات الدردشة للإجابة عن الاستفسارات قد يكون مغرياً، فإنها ليست بدائل لجوجل أو محركات البحث الأخرى. ويجب ألّا يعتبر الطلاب أن المعلومات التي تقدّمها النماذج اللغوية الكبيرة جميعها حقائق لا جدال فيها. يُضيف سميث: “يجب التحقق من الأجوبة التي تولّدها هذه النماذج مهما كانت”.

اقرأ أيضاً: ما الدروس التي يمكن تعلمها من استخدام خان أكاديمي لتشات جي بي تي في التعليم؟

3. المعلمون قد يتهمون الطلاب باستخدام الذكاء الاصطناعي ظلماً

يتمثل أحد أكبر التحديات التي يواجهها المعلمون حالياً بعد الانتشار الواسع للذكاء الاصطناعي التوليدي في المجتمع في كشف الحالات التي استخدم فيها الطلاب هذه التكنولوجيا لإتمام واجباتهم. على الرغم من أن العديد من الشركات أطلق منتجات يُروَّج لها على أنها تُميّز النصوص التي كتبها البشر عن تلك التي ولّدتها الآلات، تكمن المشكلة في أن أدوات كشف النصوص المعتمدة على الذكاء الاصطناعي ليست موثوقة ويمكن الاحتيال عليها بسهولة. وهناك العديد من الحالات التي افترض فيها المعلمون أن الطلاب استخدموا الذكاء الاصطناعي لكتابة المقالات في حين أنهم لم يفعلوا ذلك.

يقول لي إن الاطلاع على سياسات الذكاء الاصطناعي الخاصة بالمدارس أو طرق الإفصاح عن استخدام الذكاء الاصطناعي (إن وجدت)، بالإضافة إلى تذكير الأطفال بأهمية الالتزام بها، هو أمر ضروري. تقول كرومبتون إنه إذا اتَُهم طفلك ظلماً باستخدام الذكاء الاصطناعي في واجب مدرسي ما، تذكّر أن تحافظ على هدوئك، ولا تتردد في الطعن في الاتهام والمطالبة بالكشف عن التفاصيل. يمكنك أيضاً الإشارة إلى السجل الذي يحتفظ به تشات جي بي تي بمحادثات المستخدمين إذا أردت إثبات أن طفلك لم ينقل المعلومات مباشرةً منه.

اقرأ أيضاً: ما الدروس المستفادة من تجربة الإمارات في استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم؟

4. أنظمة التوصية مصممة بطريقة تُثير اهتمامك، وقد تعرض النتائج السيئة

يقول أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة هلسنكي، تيمو روس، الذي يطوّر منهجاً دراسياً حول الذكاء الاصطناعي للمدارس الفنلندية، إنه من الضروري أن نفهم آليات عمل خوارزميات التوصية ونشرحها للأطفال. تكسب شركات التكنولوجيا الأموال عندما يشاهد المستخدمون الإعلانات على منصاتها. ولذلك، طوّرت هذه الشركات خوارزميات فعّالة معتمدة على الذكاء الاصطناعي تقدّم توصيات بالمحتوى، مثل مقاطع الفيديو على يوتيوب وتيك توك، حتى يستمر الأشخاص باستخدام هذه المنصات لأطول فترة ممكنة. تتتبّع هذه الخوارزميات مقاطع الفيديو التي يشاهدها الأشخاص وتحددها بدقة، ثم توصي بمقاطع فيديو مشابهة. على سبيل المثال، كلما شاهد المستخدم المزيد من مقاطع الفيديو حول القطط، ازداد احتمال أن توصي الخوارزمية بالمزيد من هذه المقاطع.

ويقول روس إن هذه الخدمات تميلُ إلى توجيه المستخدمين إلى المحتوى المسيء مثل المعلومات المضلّلة لأنهم يميلون إلى مشاهدة المحتوى الغريب أو الصادم لفترات أطول، مثل المعلومات المضللة حول الصحة أو الأيديولوجيات السياسية المتطرّفة. من السهل أن تقودك مشاهدة مقاطع فيديو معينة إلى مشاهدة عددٍ كبيرٍ من المقاطع ذات المواضيع المشابهة أو المماثلة، لذلك، يفضّل ألّا تصدّق كلَّ ما تجده على الإنترنت. ويجب عليك التحقق من المعلومات من مصادر أخرى موثوقة أيضاً.

اقرأ أيضاً: ما هي أبرز فرص وتحديات الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم الأساسي؟

5. الحرص على استخدام الذكاء الاصطناعي بأمان ومسؤولية

لا يقتصر محتوى الذكاء الاصطناعي التوليدي على النصوص؛ إذ أُطلق العديد من تطبيقات التزييف العميق وبرامج الويب المجانية التي يمكن استخدامها لتحميل وجوه الأشخاص على أجسام الآخرين في غضون ثوانٍ. على الرغم من أن الطلاب تلقّوا على الأرجح تحذيرات حول مخاطر مشاركة الصور الشخصية عبر الإنترنت، يجب عليهم أن يكونوا حذرين بالقدر نفسه من تحميل وجوه الآخرين إلى التطبيقات الخطيرة، لا سيّما أن ذلك قد تكون له تداعيات قانونية. على سبيل المثال، أدانت المحاكم المراهقين بنشر المواد الإباحية المتعلقة بالأطفال بسبب إرسالهم المواد الفاضحة التي تخصُّ مراهقين آخرين أو حتى أنفسهم.

يقول لي: “نحن نجري المحادثات مع الأطفال حول السلوكيات المسؤولة في استخدام الإنترنت، سواء لضمان سلامتهم أو ضمان عدم مضايقة الآخرين أو جمع المعلومات عنهم لأغراض مسيئة أو انتحال شخصياتهم، ولكن يجب علينا أيضاً تذكيرهم بمسؤولياتهم. تنتشر الصور المزيفة للأشخاص بسرعة وعلى نطاقٍ واسع، تماماً كما تنتشر الشائعات المسيئة”.

يقول لي إن عرض الأمثلة المحددة عن الخصوصية أو المخاطر القانونية لاستخدام الإنترنت على الأطفال والمراهقين بدلاً من اطلاعهم على القواعد أو الإرشادات العموميّة مفيد أيضاً. على سبيل المثال، الإجراءات مثل شرح كيفية احتفاظ تطبيقات تعديل الوجه المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بالصور المحمَّلة أو إطلاع الأطفال على الأخبار المتعلقة باختراق المنصات يمكن أن تؤثّر فيهم أكثر من التحذيرات العامة مثل “توخّى الحذر بشأن خصوصيتك”، حسب تعبير لي.

اقرأ أيضاً: ما الذي قد يحدث إذا تحول الذكاء الاصطناعي من أداة إلى كائن حي؟

6. عدم نسيان فوائد الذكاء الاصطناعي

ليست كل استخدامات الذكاء الاصطناعي ضارة. على الرغم من أن العديد من المناقشات الأولى التي دارت في القاعات الدراسية حول الذكاء الاصطناعي تمحور حول استخدام هذه التكنولوجيا في الغش، يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي مفيداً للغاية إذا استُخدم بذكاء. يستطيع الطلاب الذين يعانون في فهم موضوع صعب أن يطلبوا من تشات جي بي تي شرحه بالتفصيل أو إعادة صياغته بأسلوب الراب، كما يمكنهم أن يطلبوا منه التصرف على أنه مدرّس علم أحياء خبير يساعدهم على اختبار فهمهم للموضوع. بالإضافة إلى ذلك، وعلى سبيل المثال، النماذج مثل تشات جي بي تي ماهرة على نحو استثنائي في إعداد جداول مفصّلة بسرعة لمقارنة إيجابيات وسلبيات الجامعات، وهي جداول قد يتطلب إعدادها ساعات من البحث وجمع المعلومات.
وفقاً لكرومبتون، تشمل الاستخدامات المفيدة الأخرى شرح الكلمات الصعبة أو التدّرب على أسئلة الاختبارات قبل خوضها أو تقييم إجابات الاختبارات بعد كتابتها. تقول كرومبتون: “ما دام الطلاب يستخدمون هذه البوتات بالطريقة الصحيحة ويحرصون على الحذر من تحيّزها وميلها للهلوسة وتوليد المعلومات غير الدقيقة، ويتذكّرون أهمية المعرفة الرقمية، فاستخدامها مفيد للغاية. نحن نكتشف الطرق الصحيحة لاستخدام هذه البوتات على نحو ارتجالي.