أداة ذكاء اصطناعي للتنبؤ بالأوبئة الفيروسية قبل انتشارها

3 دقائق
أداة ذكاء اصطناعي للتنبؤ بالأوبئة الفيروسية قبل انتشارها
حقوق الصورة: shutterstock.com/greenbutterfly
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

شاركت كلٌّ من جامعة أكسفورد وكلية الطب بجامعة هارفارد في تطوير أداة ذكاء اصطناعي تتنبأ باحتمالية ظهور طفرة تمكّن الفيروسات من التهرب من الاستجابات المناعية قبل ظهورها، وتطوير لقاحات مناسبة لها قبل تفشيها بين البشر. 

إيف إسكيب تتنبأ بالطفرات الفيروسية قبل ظهورها

تتطور الفيروسات بسرعة كبيرة، وبطرق عدة، لتجد طرقاً تُجنبها استجابات الجهاز المناعي للجسم، وتقوّض فرص السيطرة على الأمراض، كما حدث في أثناء تفشي جائحة كوفيد-19. 

أمّا أداة الذكاء الاصطناعي التي طوّرها باحثون من جامعة أكسفورد وكلية الطب بجامعة هارفارد، وأطلقوا عليها اسم “إيف إسكيب” (EVEscape)، فيمكن أن تساعد على التنبؤ بالمتغيرات الفيروسية الجديدة قبل ظهورها.

بُنيت أداة إيف إسكيب بالاعتماد على نموذج أولي يُسمَّي “إيف” (EVE)، وهو نموذج توليدي يعتمد على التعلم العميق لكتابة تسلسلات البروتين التي تساعد الباحثين على فهم الطفرات التي تحافظ على نشاط فيروس معين. وطُوّر للتنبؤ بآثار الطفرات الجينية على خطر الإصابة بالأمراض البشرية، مثل السرطان أو أمراض القلب، ويمكن تطبيقه على الأمراض النادرة.

أظهرت الدراسة المنشورة بدورية نيتشر، أن الأداة تعمل من خلال التنبؤ باحتمالية أن الطفرة ستمكّن الفيروس من التهرب من الاستجابات المناعية عن طريق منع الارتباط بالأجسام المضادة مثلاً. تعتمد الأداة على الجمع بين نموذج التعلم العميق للتسلسلات الفيروسية التطورية والمعلومات البيولوجية والهيكلية التفصيلية حول الفيروس، ما يُتيح التنبؤ بالمتغيرات التي من المرجّح أن تحدث مع تطور الفيروس.

اقرأ أيضاً: كيف يساهم الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية؟

تتمثل الأهمية الكبرى للأداة بتوقع المتغيرات الفيروسية الجديدة قبل ظهورها، وذلك بالاستفادة من المعلومات المتاحة في بداية تفشي المرض فقط. قد يسهّل هذا النهج اتخاذ إجراءات وقائية أكثر فاعلية، وتصميم اللقاحات التي تستهدف المتغيرات المثيرة للقلق قبل انتشارها. ركّز الباحثون على طفرات التهرب من الأجسام المضادة لأنها تؤثّر في معدلات الإصابة الفيروسية لمرة ثانية ومدة فاعلية اللقاح.

وتعقيباً على أهمية الأداة، يقول المؤلف الرئيسي المشارك للدراسة باسكال نوتين، وهو طالب دكتوراة في مجموعة أكسفورد للتعلم التطبيقي والنظري للآلة (OATML) التابع لقسم علوم الحاسوب في جامعة أكسفورد: “يتمتع هذا العمل بقيمة هائلة، سواء بالنسبة لجهود مراقبة الأوبئة أو لتوجيه تصميم اللقاحات بطريقة قوية لمنع ظهور طفرات معينة معرضة للخطر. الخطوة التالية الأكثر إثارة في هذا النوع من العمل هي إظهار كيف يمكن استخدامه عملياً لتوجيه تصميم اللقاحات”.

اقرأ أيضاً: كيف يساهم الذكاء الاصطناعي في جعل الرعاية الصحية أكثر عدلاً؟

الأداة كان يمكنها التنبؤ بطفرات كورونا قبل تفشيها

بعد تطوير النموذج، اختبر الفريق قدرة النموذج على إجراء التنبؤات المبكرة من خلال تطبيقه على المعلومات المتاحة في بداية جائحة كوفيد-19، في فبراير/ شباط 2020 فقط، ومن خلال إدخال التسلسل الجيني لبروتينات سبارك المميزة لعائلة فيروسات كورونا.

تنبأ إيف إسكيب بنجاح طفرات الفيروس التي ستحدث في أثناء الوباء، وأيها سيكون الأكثر انتشاراً. وكانت دقتها مماثلة للأساليب التجريبية التي تختبر قدرة الفيروس على الارتباط بالأجسام المضادة التي يصنعها الجهاز المناعي. علاوة على ذلك، توقع النموذج أن العلاجات المعتمدة على الأجسام المضادة ستفقد فاعليتها مع تقدم الوباء وتطوير الفيروس لطفرات التهرب من العلاجات. وأكد نوتين ذلك بقوله: “تظهر دراستنا أنه لو تم نشر إيف إسكيب منذ بداية جائحة كوفيد-19، كان من الممكن أن تتنبأ بدقة بالطفرات الأكثر شيوعاً والمتغيرات الأكثر إثارة للقلق للفيروس”. 

اقرأ أيضاً: هل سيثبت الذكاء الاصطناعي جدارته في قطاع الرعاية الصحية؟

يطبّق إيف إسكيب على فيروس كوفيد-19 في الوقت الفعلي، وينشر تصنيفاًً كل أسبوعين لمتغيرات الفيروس الفيروس الجديدة التي تتم مشاركتها مع منظمة الصحة العالمية. وفي نهاية المطاف، يمكن أن تساعد هذه المعلومات العلماء على تطوير لقاحات وعلاجات أكثر فاعلية لكوفيد-19.

ليس التنبؤ بكورونا فقط

أظهر الفريق أيضاً أن الأداة فعّالة في التنبؤ بطفرات التهرب المناعي لفيروسات الإنفلونزا، وفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب، والفيروسات غير المدروسة على نطاقٍ واسع، والتي يحتمل أن تصبح وبائية مثل “لاسا” (Lassa) و”نيباه” (Nipah)؛ أي أنه يمكن تطبيق النموذج على أي فيروس.

اقرأ أيضاً: خوارزمية طبية متحيزة تمنح تفضيلاً لذوي البشرة الفاتحة في برامج الرعاية الصحية

يقول الباحثون إن الأداة تتميز بأن المعلومات جميعها المستخدمة في تطويرها متاحة على الإنترنت منذ بداية الوباء، ولا حاجة إلى انتظار ظهور الأجسام المضادة بين المرضى للتنبؤ بالمتغيرات الأكثر إثارة للقلق.