ما الذي يحدث إذا حاولت الادعاء على إنستقرام بأن عمرك يقارب 150 عاماً؟

5 دقائق
ما الذي يحدث إذا حاولت الادعاء على إنستقرام بأن عمرك يقارب 150 عاماً؟
حقوق الصورة: كاتي روزاريو، انسبلاش.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في ليلة من ليالي الأسبوع الأول من أبريل/ نيسان، فتحت تطبيق إنستقرام، متوقعة أن أتصفح مجموعتي المعتادة من منشورات كلاب البولدوغ الفرنسية، وصور السيلفي لطاقم تصوير مسلسل “Selling Sunset“، ومجموعة من اللقطات التي لا أريد مشاهدتها. ولكن، وبدلاً من ذلك، ظهر إشعار على الشاشة، يقول: “يرجى إضافة عيد ميلادك”. وتحت هذه العبارة كانت هناك حقول قابلة للتقليب لاختيار اليوم والشهر والسنة. حاولت أن أخرج من الإشعار لأعود إلى صفحة التطبيق، ولكن دون فائدة، بل وحاولت حتى إغلاق التطبيق وإعادة فتحه، ولكن الإشعار بقي في مكانه.

لم أكن راغبة بتزويد إنستقرام بتاريخ ميلادي. إضافة إلى ذلك، فهذه المعلومة موجودة مسبقاً لدى الشركة الأم، “ميتا” (Meta)، فقد كان تاريخ ميلادي موجوداً على حسابي في فيسبوك منذ عدة سنوات. وهكذا، وفي محاولة للتملص بأية طريقة، نقرت على رابط ضمن الإشعار يقول: “لم يجب أن أفعل هذا؟”. وظهرت صفحة المساعدة في إنستقرام، والتي تشرح أن الهدف هو التأكد من أن المستخدمين تزيد أعمارهم عن 13 عاماً، وهو الحد الأدنى لعمر مستخدمي إنستقرام في معظم الدول. وقلت في قرارة نفسي: حسناً. أنا أكبر من 13 سنة بالتأكيد، ولن يكون هناك أي مشكلة عند اختيار أي تاريخ ميلاد قبل أبريل 2009. وبنقرة من إصبعي، قمت بتدوير حقل السنوات نحو الخلف، وتوقف على سنة تسبق تاريخ ولادتي بعقد كامل على الأقل، وبنفاد صبر واضح، نقرت الحقل بإصبعي بقوة أكبر هذه المرة، واكتشفت أنه عاد إلى الخلف وصولاً إلى ثلاثينيات القرن الماضي. وكررت العملية بفضول، إلى أن وصل إلى العام 1876. طبعاً، لم لا؟ فلتكن سنة ولادتي 1876. ونقرت على زر الحفظ.

اقرأ أيضاً: المناقشات حول المعلومات المغلوطة على وسائل التواصل الاجتماعي

وظهر إشعار آخر فوراً. وظهر السؤال التالي: “هل يبلغ عمرك 146 عاماً؟” مع خيارين: “العودة إلى الخلف” و “أجل”. وبرغبة مني بالمواجهة، نقرت على الخيار “أجل“. كيف يمكن لإنستقرام أن تعرف أنني أكذب؟

ولكنها كانت تعرف بالطبع. فلا أحد عاش ليبلغ من العمر 146 عاماً وفقاً لمعلوماتنا، حيث يبلغ عمر أكبر شخص في العالم سناً (“فقط”) 122 عاماً، ويزعم البعض أنها ربما كانت تكذب بشأن حقيقة عمرها. وهكذا، أدت بي هذه الكذبة إلى حظر فوري، وأرسلتني إلى صفحة على إنستقرام تقول: “يرجى مساعدتنا على تأكيد عمرك”. ولن يُعاد تفعيل حسابي إلا إذا قمت بملء استمارة، تتضمن اسمي الكامل مع صورة لبطاقة شخصية تعريفية سارية المفعول تحمل صورتي وتاريخ ميلادي. وكانت الاستمارة تحمل عبارة: “يجب أن يكون عمرك 13 سنة على الأقل لامتلاك حساب إنستقرام”. “لقد قمنا بتعطيل حسابك لعدم بلوغك السن المطلوبة”. ولكن يا للغرابة! فقد تعرضت للحظر لأنني كبيرة للغاية في السن. لقد كانت إنستقرام واضحة في تحديد 13 سنة كحد أدنى للعمر لامتلاك حساب، ولكن هل يوجد حد أقصى أيضاً للعمر على المنصة؟ ولو قلت إنني أبلغ من العمر 105 سنوات على سبيل المثال، فهل كان سيؤدي هذا إلى تنبيه أنظمة إنستقرام لتطلب مني تحميل صورة هوية؟

اقرأ أيضاً: أول دليل علميّ على أن بوتات مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دوراً رئيسياً في شيوع الأخبار الزائفة

لقد تواصلت مع إنستقرام حتى أستفسر ما إذا كانت الأنظمة قادرة على كشف الحسابات العائدة لأشخاص بأعمار كبيرة إلى درجة مثيرة للريبة. وقد قال لي ممثل عن اتصالات إنستقرام: “لدينا بالفعل حد أقصى للعمر”، ولكنه لم يفصح عن أي تفاصيل إضافية حول هذه القيمة القصوى. وهذا يبدو منطقياً، فمن المرجح أن المنصة لا ترغب في أن يعرف الناس كيفية الالتفاف حول أنظمتها. هناك أيضاً حد أدنى لعمر المستخدم على كل من تويتر وتيك توك، ولكن المنصتين لا تعلنان بوضوح عن وجود حد أقصى للعمر، ولم أتلقّ رداً حول هذا الموضوع بعد أن تواصلت مع كلتا الشركتين طلباً للتعليق عليه.

محاولة لكشف العمر المسموح 

ولكنني رغبت في معرفة المزيد، وهكذا، حاولت إنشاء حساب جديد. وعندما طُلب مني تحديد تاريخ الولادة على إنستقرام، كان حقل سنة الولادة القابل للتقليب محدوداً بسنة 1919، أي أن اختياري الأصلي، 1876، لم يكن حتى متاحاً. وحتى بعد إدخال جميع معلوماتي على تطبيق آيفون، لم أتمكن من إنشاء حساب جديد، وكان التطبيق يعرض رسالة خطأ عامة في كل مرة. وبدلاً من ذلك، جربت استخدام الحاسوب المحمول، وتعرضت محاولتي لتأسيس حساب جديد إلى الحظر، وذلك لأن عنوان بروتوكول الإنترنت (IP) الخاص بي تم تحديده على أنه “وكيل مفتوح” (Open Proxy)، أي أنه عنوان يتم استخدامه لإنشاء حسابات مسيئة. (ومن المرجح أن هذا يُعزى إلى محاولتي الأولى لتحديد عمر يبلغ 146 سنة). ولكن، وبمساعدة برنامج شبكة خاصة افتراضية، تمكنت من تأسيس حساب جديد بتاريخ ميلاد يجعل عمري يبلغ 100 سنة ويوماً واحداً.

اقرأ أيضاً: الجدل حول متابعي “تويتر” المزيفين يكشف زيف اقتصاديات العار الكامنة خلف وسائل الإعلام الاجتماعية

قوانين صارمة لتطبيقات التواصل الاجتماعي

ليس تطبيق إنستقرام التطبيق الاجتماعي الوحيد الذي يستفسر من المستخدمين حول أعمارهم، فهناك قانون يعود إلى عام 1998 لحماية خصوصية الصغار، ويمنع المنصات من جمع معلومات التسويق والتتبع للمستخدمين تحت سن 13 سنة. ولهذا، حددت منصات التواصل الاجتماعي 13 سنة كحد أدنى لعمر المستخدمين، كما قامت الكثير من المنصات، مثل تويتر وفيسبوك وتيك توك، بطلب إثبات الهوية من مستخدميها أيضاً. وبالنسبة لهذه المنصات، عادة ما أستخدم تواريخ ولادة مزيفة وأقرب إلى الواقع، مثل 20 أبريل/ نيسان، 1969، ولم أواجه أي مشكلة. (سيكون موضوع تحقيقي الصحافي التالي: كم شخصاً يستخدمون 20 أبريل/ نيسان، 1969، كتاريخ ميلاد مزيف؟)

اقرأ أيضاً: كيف يقع الشباب فريسة المعلومات المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي؟

إن العاملين في هذه الشركات ليسوا مغفلين، ويعرفون أن المستخدمين يكذبون حول أعمارهم. ولهذا، تعمل الشركات حالياً على أساليب يمكن أن تضبطك بالجرم المشهود. وقد يكون الإشعار بسبب الحد الأقصى للعمر أحد هذه الأساليب. وقد يكون الذكاء الاصطناعي أسلوباً آخر، حيث تقول شركة إنستقرام إنها تمتلك تكنولوجيا قادرة على دراسة منشورات وتعليقات المستخدمين لتقييم مدى تطابق أعمارهم المعلنة مع ما يقولونه وما يقوله أصدقاؤهم. على سبيل المثال، إذا قال أحد المستخدمين لإنستقرام إن عمره يبلغ 21 سنة، وعلق أصدقاؤه على صفحته متمنين له عيد ميلاد سعيد بمناسبة بلوغه عمر 15 سنة أو ظهرت منشورات على صفحته تحمل كلمة “quinceañera” (أي عمر الميلاد الخامس عشر في الثقافة اللاتينية)، فقد يقوم نظام الذكاء الاصطناعي بتحديد هذا الحساب كحساب مشكوك في أمره. أيضاً، تقول إنستقرام إن المستخدمين يمكن أن يبلغوا عن الحسابات العائدة لأشخاص تحت السن المطلوبة، وأن مدققي المحتوى لديها “مدربون على كشف الحسابات التي تم التبليغ عنها، والتي تبدو مُستَخدمة من قبل أشخاص تحت الحد الأدنى للعمر”. وأخبرني ممثل عن إنستقرام إن ميتا قامت في الربعين الأخيرين من العام 2021 بإزالة أكثر من 4.8 مليون حساب “يشتبه بأنها تعود لأشخاص تحت السن المقبولة” على فيسبوك، وأكثر من 1.7 مليون حساب على إنستقرام.

ويجب على الحسابات المشتبه بها –سواء بسبب تحليل الذكاء الاصطناعي أو إبلاغات المستخدمين أو مدققي المحتوى أو الكذب بشأن السن، كما في حالتي- أن تمر بعدة مراحل حتى يُعاد تفعيلها. فعملية تأكيد العمر التي فرضها إنستقرام عليّ بعد حظري تطلبت من تحميل صورة لبطاقة شخصية تعريفية سارية المفعول، مثل رخصة القيادة أو رخصة الزواج أو جواز السفر. (وهذا ينطبق على تويتر وتيك توك أيضاً). ولكن الأشخاص الأصغر عمراً قد لا يمتلكون مثل هذه الوثائق على الإطلاق، وجميع الوثائق المقبولة الأخرى –مثل وثيقة الولادة- على نفس الدرجة من الحساسية. وبالنسبة لآخرين، فقد تكون الأسماء على هذه الوثائق الرسمية غير مطابقة لهوياتهم.

اقرأ أيضاً: كيف يتحكم الذكاء الاصطناعي فيما تراه على وسائل التواصل الاجتماعي؟

إن حساب إنستقرام الذي تم حظره هو الحساب الذي أستخدمه للمتابعات الترفيهية، مثل حسابات عن الكلاب وبرامج الشائعات الفنية، ولهذا فقد قررت أن خسارة هذا الحساب قد تكون في صالحي، حيث سأضيع وقتاً أقل في تصفح المنشورات، ولن أضع صور مستنداتي ووثائقي الحساسة بين يدي شركة عملاقة في مجال التواصل الاجتماعي.