علماء من جامعة الشارقة يصممون مدينة «دوار الشمس» لتحسين الاستفادة من الطاقة الشمسية

4 دقيقة
علماء يصممون مدينة «دوار الشمس» لتحسين الاستفادة من الطاقة الشمسية في البلدان التي تفتقر إلى الإضاءة الشمسية القوية
حقوق الصورة: shutterstock.com/FitZtudio
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قالت مجموعة من العلماء إنها طوّرت تصميماً جديداً للمدن مستوحى من توزُّع بذور دوار الشمس، وذلك لضمان أفضل توزيع للاستفادة من الطاقة الشمسية “في البلدان ذات الإشعاع الشمسي الضعيف”.

“يتميز مخططنا الجديد للمدن بأنه يشبه إلى حد كبير توزُّع البذور في أزهار دوار الشمس. يضمن هذا التوزُّع أعلى درجة من الاستفادة من الطاقة الشمسية”، كما يقول الدكتور عمار الخالدي، وهو أستاذ مساعد مختص بهندسة الطاقة المستدامة والمتجددة في جامعة الشارقة.

الدكتور الخالدي هو المؤلف الرئيسي لدراسة جديدة بعنوان “تصميم المدن الحضرية المستوحى من دوار الشمس لتحسين الاستفادة من الطاقة الشمسية في البلدان ذات الإشعاع الشمسي الضعيف”. وقد نُشِرت الدراسة في مجلة رينيوابل إنيرجي فوكس (Renewable Energy Focus).

اقرأ أيضاً: بدائل جديدة لبعض مكونات ألواح الطاقة الشمسية تجعلها أقل تكلفة

تصميم مستوحى من دوار الشمس لزيادة كفاءة الاستفادة من الطاقة الشمسية

يسمح التوزع المتناوب في التصميم المستوحى من دوار الشمس بوصول الشمس بالتساوي إلى كل مبنى من المباني في هذا التصميم. تُبيّن النتائج أن تصميم دوار الشمس المقترح يتفوق في الأداء على النمط الشبكي والنمط الشعاعي بنسبة 4% فيما يخصُّ مساحات أسطح المباني ونسبة 12% فيما يخصُّ مساحات واجهات المباني”، كما يضيف الدكتور الخالدي.

شارك في هذه الدراسة أكاديميون من العراق والأردن والإمارات العربية المتحدة، وهي “تدرس المساحة المشمسة القصوى التي يمكن الحصول عليها على سطوح المباني (الأسطح والواجهات) في المناطق ذات الإشعاع الشمسي الضعيف والظلال الطويلة”. حقق الباحثون هذا الغرض من خلال دراسة توجه المساحات السكنية (الجغرافي) وتوزعها في أنماط مختلفة من التخطيط الحضري.

يقول الباحثون في بحثهم: “وُضِعَ نموذج للمدينة للأغراض البحثية وفق أكثر أنماط التخطيط الحضري شيوعاً؛ وهما النمط الشبكي والنمط الشعاعي، إضافة إلى النمط الجديد المبتكر والمقترح في هذا البحث للتخطيط الحضري وفق توزع دوار الشمس الذي يحاكي الطبيعة الأم”.

اختار الباحثون عدة مدن مختلفة من مدن العالم لإجراء محاكاة الطاقة الشمسية على تصميم دوار الشمس للمدن. بالنسبة للمدن ذات الطاقة الشمسية المحدودة، اختار الباحثون مدينة وارسو مثالاً على “مدينة ذات إشعاع الشمسي ضعيف وظلال طويلة”.

ونظراً إلى أن النموذج يُتيح للشمس الوصول إلى المباني كلها بالتساوي في مخطط المدينة الجديد، فقد وجد المؤلفون أن تصميمهم المقترح وفق نمط دوار الشمس يتفوق على النمط الشبكي والشعاعي بنسبة 4% للمناطق المشمسة المتاحة على أسطح المباني ونسبة 12% للمناطق المشمسة المتاحة على واجهات المباني.

اقرأ أيضاً: منها محطات في الدول العربية: إليك أكبر 6 محطات للطاقة الشمسية في العالم

إعادة النظر في تصميم المدن للاستفادة من الطاقة الشمسية

تتبع تصاميم نمط المدينة الموجودة، وفقاً للدكتور الخالدي، نمطين رئيسين للبناء؛ النمط الشعاعي الدائري، والنمط الشبكي. في النمط الأول، تحيط بالمدينة طرق دائرية كما الحال في المدن الإسلامية الكبرى مثل بغداد التي بُنِيَت في القرن الثامن، أمّا النمط الثاني فهو نمط الأحياء السكنية في المدن الأوروبية؛ حيث تتقاطع الشوارع فيما بينها وفق زوايا قائمة، مثل مدينة برشلونة.

يقول المؤلفون في بحثهم: “من خلال دراسة النتائج الرئيسة لعملية المحاكاة، تَبين أن معيار الاختيار لحساب المساحات المشمسة المتاحة على سطوح المباني، وهو الهدف الرئيسي لهذه الدراسة، يجب أن يعتمد على طول الظلال، لا على النطاق المناخي”.

تُحسب المساحة المشمسة في تصميم دوار الشمس بناءً على مساحات الأسطح غير المغطاة بالظلال، التي يمكن استخدامها في تطبيقات شمسية متنوعة. يقول الباحثون: “تهدف الدراسة إلى اقتراح نمط نظري جديد للمدن، وهو نمط دوار الشمس، ودراسة قدرته على تقديم أقصى مساحة شمسية متاحة لدى مقارنته بأنماط المدن الأخرى؛ أي النمط الشبكي والشعاعي”.

اعتمد الباحثون على ما أطلقوا عليه اسم “مُعاملات وخصائص بسيطة” في بناء مدينتهم الجديدة المقترحة؛ حيث قدموا ثلاثة أنماط تصميمية لدوار الشمس. “لم نغير التصميم الهندسي للمباني لضمان عدم تأثر النتائج بهذه العوامل. وقد اقتصرت التغييرات على توجه مساحات البناء وتوزيعها، وهي المُعاملات الرئيسية في هذه الدراسة”.

بعد ذلك، وضع المؤلفون نموذجاً ثلاثي الأبعاد للمدينة المقترحة؛ حيث يتعلق ارتفاع كل مبنى بمساحة الأرض التي بُنِي عليها. حُدد عدد أدراج المباني ومواقعها بعناية، اعتماداً على بُعدها عن أي نقطة في المبنى، وعددها، ونصف الكرة الأرضية الذي يقع المبنى فيه.

أبدى المؤلفون عناية خاصة بدور أدراج المباني، واعتبروه دوراً محورياً في تصميم مدينة دوار الشمس. فقد وضعوا الأدراج في أماكن لا تتأثر بها ظلال الأسطح. تمثّل أسطح المباني وواجهاتها في التصميم الجديد الذي اقترحه المؤلفون للمدن المصدر الرئيسي لتوليد الطاقة الشمسية. ولهذا، حدد المؤلفون مواضع أدراج المباني على نحو يقلل المساحة المظللة على الأسطح قدر الإمكان.

مثلاً، وفقاً للمؤلفين، فالمباني التي تحتاج إلى درج وحيد، تَبين أن الموضع المثالي له هو الواجهة الشمالية باتجاه الغرب، وذلك في المدن الموجودة في نصف الكرة الأرضية الشمالي. أمّا بالنسبة للمدن الموجودة في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، فقد كان الموضع المثالي للدرج في الواجهة الجنوبية باتجاه الشرق، وذلك للحد من أثر ظلال هيكل الدرج على أسطح المباني قدر الإمكان”، كما كتب المؤلفون.

أجرى المؤلفون الحسابات التقديرية للإنتاج الكهروضوئي من خلال قياس المساحات المتاحة على الأسطح والواجهات من أجل التجهيزات الشمسية. التجهيزات الشمسية (photovoltaic applications) هي أجهزة تحوّل ضوء الشمس إلى طاقة كهربائية.

اقرأ أيضاً: كيف تتحول الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية بوجود منظومة الطاقة الشمسية؟

نمط دوار الشمس

في المناطق الحضرية الإقليمية، يجب أن يكون نظام التجهيزات الشمسية المختار عند التخطيط لإنتاج الطاقة بسيطاً ويتمتع بفاعلية معقولة. إضافة إلى ذلك، يجب جمع بيانات حول الإشعاع الشمسي والاستهلاك السنوي للطاقة للفرد الواحد في المدن المختارة.

أطلق المؤلفون على نمطهم النظري الجديد للمدن اسم “نمط دوار الشمس”، وقد قرر الباحثون وضع نظريتهم موضع التطبيق حتى يعرفوا إن كان مخطط المدن الذي ابتكروه “قادراً على توفير أقصى قدر من المساحات المشمسة المتاحة عند مقارنته بأنماط أخرى للمدن” وفق التصاميم المعتمدة في معظم مدننا العصرية.

توصل الباحثون إلى نتائج رائعة؛ حيث تَبين أن تصميم دوار الشمس يوفّر أقصى قدر من الطاقة الشمسية من أسطح المباني عندما “تكون الحافة القصيرة من أرض البناء موازية للشارع.

ولهذا، يُتيح التصميم العام المقترح وفق نمط دوار الشمس توفير أقصى مساحة مشمسة متاحة على أسطح المباني وواجهاتها في المدن ذات الإشعاع الشمسي الضعيف والظلال الطويلة. ومن الممكن أن يصل إنتاج الطاقة الكهروضوئي المحتمل باستخدام التجهيزات الشمسية في وارسو بالاعتماد على مناطق أسطح المباني المتاحة إلى 337,902,304 كيلوواط/ ساعة”.

يتوقع المؤلفون مستقبلاً واعداً للتصميم الذي اقترحوه للمدن وفق نمط دوار الشمس. فهذا التصميم وفقاً للخالدي يبشّر بثقافة جديدة في أوساط التخطيط الحضري من حيث تبني تقنيات الطاقة وزيادة فاعلية الطاقة خلال الخطوات الأولى من تصميم المدن، وبناء المدينة على أساس الاعتماد على الطاقات المتجددة.

اقرأ أيضاً: ابتكار جديد في مجال الطاقة الشمسية قد يتيح توليد الكهرباء من الملابس

بالنسبة للنتائج العملية للدراسة، يقول الدكتور الخالدي إن نمط دوار الشمس يمكن أن يساعد في التغلب على عدد من المشكلات الحالية في التصميم الحضري. ويقول: “هذا النمط مصمم ليحاكي الطبيعة الأم ويحافظ على الخصوصية في المجتمعات التقليدية مثل المجتمعات العربية، دون الحاجة إلى زيادة مساحة البناء. وبفضل إمكانية وجود بدائل مختلفة لمواقع مساحات البناء، يُتيح نمط دوار الشمس الذي اقترحناه توليد المزيد من الطاقة الشمسية من أسطح المباني وواجهاتها”.