لماذا ما زال من المبكر تقييم خطورة أوميكرون؟

5 دقائق
متحور أوميكرون
حقوق الصورة: أندو أنجريه/ غيتي إيميدجيز.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يُظهر اكتشاف المتحور أوميكرون من فيروس كورونا في جنوب إفريقيا كيف يمكن لتسلسل جينات الفيروس أن يقدّم تحذيراً مبكراً للتغيرات الجينية التي تبدو خطيرة.

يحتوي المتحور أوميكرون على أكثر من 30 طفرة، لوحظ بعضها سابقاً في متحورات أخرى ويعتقد أنها تجعل انتقال الفيروس أسرع. ويُنذر البعض الآخر بالخطر لأن الباحثين ليس لديهم فكرة عن غاية تلك الطفرات. يتمثل القلق في أن يكون المتحور أوميكرون قد احتوى على تشكيلة مثالية من الطفرات السيئة. وهذا هو السبب في أن العديد من الدول فرضت قيوداً على السفر هذا الأسبوع لمنع الطائرات من حمل الركاب من إفريقيا.

على الرغم من هذه الخطوات، سيستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يتمكن الباحثون من تحديد ما إذا كان المتحور أوميكرون يمثل مشكلة حقيقية. تقول إيما هودكروفت، عالمة الأوبئة الجزيئية في جامعة بِرن والتي تساعد في تشغيل قاعدة بيانات مخصصة للمعلومات الجينية تسمى نيكست سترين Nextstrain: “الشيء المهم حقاً الذي يجب أن نضعه في الاعتبار هو أنه ليس لدينا الكثير من البيانات حتى الآن فيما يتعلق بمعظم الأشياء التي نحاول معرفتها”.

إليك ما يرغب العلماء بمعرفته ومتى ستصبح الإجابات متوافرة لديهم. ونظراً للطريقة التي سارت بها الأمور مع المتحورات السابقة، مثل ألفا ودلتا، نتوقع أن يستغرق الأمر نحو شهر حتى يكشف المتحور أوميكرون عن خصائصه.

إن وجهات النظر البحثية المذكورة في هذه المقالة قد تمت مشاركتها خلال مناقشة على مساحات تويتر شارك فيها خبراء من جامعة بِرن السويسرية يوم الثلاثاء الموافق 30 نوفمبر/تشرين الثاني.

هل ستبقى اللقاحات فعّالة؟

المخاوف: أدى رئيس شركة موديرنا، ستيفان بانسِل، إلى اضطراب في سوق الأسهم عندما أخبر صحيفة فايننشال تايمز أن اللقاحات ستتأثر بسبب المتحور. كما أنه يتوقع حدوث “انخفاض جوهري” في فعاليتها، مضيفاً أن العلماء قالوا له: “هذا ليس بالأمر الجيد”.

التجارب: لمعرفة مدى فعالية اللقاحات الحالية، يتسابق الباحثون في كافة أنحاء العالم لعزل المتحور أوميكرون من أجسام المسافرين المصابين. وسيقومون بزراعة الفيروس في خلايا مختبرية ثم تعريضها لبلازما دم الأشخاص الذين تلقوا اللقاح. يمكنهم بعد ذلك قياس مدى كفاءة الأجسام المضادة لهؤلاء الأشخاص في تثبيط الفيروس. وستقوم مختبرات أخرى باستخدام المعلومات الجينية للمتحور أوميكرون لإنشاء “فيروسات كاذبة” لا تحتوي إلا على جين البروتين الناتئ للمتحور، وذلك لإجراء اختبارات مماثلة.

يقول فولكر تيل، عالم الفيروسات بجامعة بِرن: “إن هذا الأمر مهم للعثور على الإجابة التي نحتاجها: هل ما تزال الأجسام المضادة مثبِّطة [للفيروس]؟ اعتماداً على درجة التثبيط، يمكن القول بفعاليتها أو عدمها”.

التوقيت: عادةً ما يستغرق إجراء هذا النوع من الاختبارات أسبوعين. بالنسبة للمتحورات السابقة، مثل ألفا، نشرت شركات مثل موديرنا وبيونتك إجابات مأخوذة من تجاربها المختبرية خلال شهر.

الخطوة التالية: إذا تمكّن المتحور أوميكرون من تفادي اللقاحات، فقد يعني ذلك أنه سيتعين على الشركات مثل موديرنا وبيونتك إعادة تصميم لقاحاتها التي تحتوي على الحمض النووي الريبي المرسال للمرة الأولى لتتلاءم مع التركيب الجيني المتغير للمتحور الجديد. ويمكن أن يصبح هذا الأمر شائعاً مع مرور السنين. ففي المستقبل، من المتوقع الحصول على جرعة سنوية داعمة قبل حلول فصل الشتاء، كما هو الحال مع الإنفلونزا تماماً.

اقرأ أيضاً: خمسة أسباب لعدم الذعر بشأن سلالات فيروس كورونا الجديدة

هل ينتقل المتحور أوميكرون بسهولة أكبر؟

المخاوف: انتشر المتحور الجديد على نطاق واسع في مقاطعة غاوتنغ بجنوب إفريقيا، حيث تقع مدينة جوهانسبرج، ووصل الآن إلى أكثر من 20 دولة. يتساءل الباحثون عما إذا يمكنه الانتقال بشكل أسرع أو أنه ينجح في الانتشار لأنه يتفادى المناعة الموجودة مسبقاً، سواءً كانت من اللقاح أو الإصابة السابقة.

التجارب: من الصعب اختبار الانتقال في المختبر، لذا فإن هذه التجربة تحدث في العالم الحقيقي. سيستخدم الباحثون اختبارات التسلسل لتتبع حالات كوفيد-19 الفعلية التي يلاحظون بأنها ناتجة عن المتحور أوميكرون. إذا بدأت هذه النسبة بالازدياد، وإذا لوحظ ازدياد مماثل في بلدان مختلفة، فسيكون ذلك علامة على أن أوميكرون ينتقل بشكل أسرع.

هذا ما حدث مع المتحور ألفا، الذي ظهر في المملكة المتحدة عام 2020. بحلول شهر ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام، كان ألفا يمثل نسبة متزايدة من الحالات في بريطانيا، وأصبح أيضاً في غضون بضعة أشهر هو المتحور السائد بين إجمالي الحالات في بقية أنحاء أوروبا والولايات المتحدة. وفي وقت لاحق، حلّ المتحور ألفا محلّ دلتا. استغرق الأمر مع كل من سلالتي ألفا ودلتا نحو أربعة أشهر من وقت الكشف عنهما لحين تسبّبِهما بمعظم الحالات. إذا حذا المتحور أوميكرون حذوهما، فسيصبح هو السلالة السائدة بحلول شهر مارس/آذار أو أبريل/نيسان من عام 2022.

يقول تيل: “عندما نشهد استبدال سلالة بسلالة أخرى، فهذا يشير بقوة إلى وجود أفضلية في الانتقال. ولكن إذا حدث ذلك في مكان واحد فقط، فقد يكون بسبب الصدفة”. ويقول إن ظهور أوميكرون في جنوب إفريقيا لا يثبت وحده ما إذا كان هذا المتحور أكثر قابلية للانتقال.

التوقيت: قد يستغرق الحصول على دليل قاطع على ازدياد قابلية الانتقال شهراً أو أكثر، وذلك لأن الأمر يستغرق نحو خمسة إلى ستة أيام حتى تتكاثر كمية كافية من الفيروسات لدى الشخص المصاب حديثاً لينقل العدوى إلى الآخرين. ولإدراك ما إذا كان أوميكرون ينتقل بشكل أسرع، سيتعين على الباحثين مراقبة عدة دورات من العدوى والانتشار.

يمكن تسريع مثل هذه الأبحاث إذا قام الباحثون بالعودة بالزمن إلى الوراء عن طريق إجراء تسلسل للعينات القديمة. وبالفعل، قال الأطباء في نيجيريا إنهم وجدوا المتحور أوميكرون في إحدى عينات فيروس كورونا المحفوظة في ذلك البلد. كما وجدت السلطات الهولندية أيضاً حالات ناجمة عن المتحور أوميكرون تعود لمنتصف نوفمبر/تشرين الثاني. ويمكن أن تقدم مثل هذه الأحداث بيانات لمراحل سابقة.

الخطوة التالية: ليس فيروس كورونا هو الذي يتغير فقط، بل أيضاً المراحل البشرية التي ينتشر خلالها الوباء. سيواجه المتحور أوميكرون ظروفاً أكثر تنوعاً من التي واجهها أي متحور آخر حتى الآن، بما في ذلك البلدان التي حصل الجميع فيها تقريباً على اللقاح، والبلدان التي تستخدم لقاحات مختلفة، والمناطق التي أصيب فيها معظم الأشخاص بالفيروس مسبقاً، وبلدان “خالية من الفيروس” مثل الصين ونيوزيلندا. وهذا يعني أن أوميكرون قد يسيطر في بعض المناطق ولكنه سيختفي في مناطق أخرى.

اقرأ أيضاً: ما الذي تعنيه الموجة الجديدة لفيروس كورونا في أوروبا؟

هل يسبب المتحور أوميكرون الإصابة بحالة أكثر شدة من المرض؟

المخاوف: قال بعض الأطباء في جنوب إفريقيا في البداية إن الأعراض التي يسببها المتحور الجديد تبدو أخف، ولكن بعد ذلك وردت تقارير عن امتلاء المزيد من أسرّة المستشفيات. في الوقت الحالي، لا أحد يعرف ما إذا كان أوميكرون يسبب أعراضاً بدرجة أسوأ أم لا.

تكمن المشكلة في أن أوميكرون حديث جداً لدرجة أن معظم الحالات لم يمضِ عليها سوى أسبوع واحد أو أسبوعين، بينما يستغرق الأمر عدة أسابيع حتى يتسبب مرض كوفيد-19 بحدوث مشكلات خطيرة أو الوفاة. يقول كريستيان ألتاوس، عالم الأوبئة بجامعة بِرن: “من السابق لأوانه الجزم بشيء عن شدة المرض. لا يمكننا أن نجزم أي شيء حتى الآن”.

التجارب: لقياس شدة المرض، يمكن للباحثين تعريض حيوانات المختبر مثل الفئران أو القرود للمتحور أوميكرون، لكن الإجابات النهائية ستأتي من بيانات العالم الحقيقي المأخوذة من الأشخاص، بما في ذلك ملاحظات الأطباء وسجلات المستشفيات وتعداد الوفيات.

التوقيت: ما إذا كان أوميكرون يسبب حالة أسوأ من المرض أو أعراضاً مختلفة قد يكون هو السؤال الذي سيستغرق وقتاً أطول للإجابة عليه، وذلك لشهرين على الأرجح.

مع كل الغموض الذي يكتنف أوميكرون واحتمال ألا تكون اللقاحات فعالة كثيراً معه، يقوم الباحثون بتذكير الناس بالإجراءات التي يقولون إنها ستعيق انتشار أي متحور، مثل العزل والتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات. ويقول تيل: “لا يوجد متحور لن تنجح معه هذه الإجراءات”.

كما يقول إن أوميكرون يمثل علامة على ما هو قادم. ويضيف: “خلال الأشهر أو السنوات المقبلة، سيكون الأمر قاسياً. سيكون هناك سلالات جديدة. يجب أن نتوقع ذلك. لكن لا ينبغي أن تتأثر أسواق الأسهم بجميع السلالات بطريقة مخيفة. هذا هو المستقبل، وسيتعين علينا التعامل مع ذلك”.