مايكروسوفت تستخدم الذكاء الاصطناعي لاكتشاف خليط يوفر 70% من الليثيوم في البطاريات

3 دقيقة
مايكروسوفت تكتشف مادة توفر 70% من الليثيوم المُستخدم في صناعة البطاريات
حقوق الصورة: shutterstock.com/Black_Kira
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بالتعاون مع مختبر شمال غرب المحيط الهادئ الوطني (PNNL)، التابع لوزارة الطاقة الأميركية، اكتشفت مايكروسوفت مادة جديدة يمكن أن تقلل من استخدام الليثيوم في البطاريات بنسبة 70%، وذلك خلال 80 ساعة فقط من البحث بين 32 مليون مادة بمساعدة الذكاء الاصطناعي

استخدم الباحثون أداة “آزور كوانتوم إليمنت” (Azure Quantum Elements) التي طوّرتها مايكروسوفت لفحص المواد الجديدة المحتملة التي يمكن استخدامها في بطاريات الليثيوم أيون، وحددوا مادة غير موجودة في الطبيعة يمكنها تقليل كمية الليثيوم المستخدمة في البطاريات بنسبة تصل إلى 70%. وقد استغرقت عملية الفحص منذ البداية حتى تطوير نموذج أولي للبطارية أقل من تسعة أشهر، وكان من الممكن أن تستغرق العملية أكثر من عقدين من الزمن إذا نُفِذت باستخدام أساليب البحث التقليدية حسب الدراسة المنشورة في خادم ما قبل الطباعة (arXiv).

المادة عبارة عن مزيج من أيونات الصوديوم والليثيوم والإيتريوم والكلوريد؛ أي هي نوع من كلوريد المعادن المختلط، وقد وجد أنها الخيار الأفضل من بين 32 مليون مادة.

العقبة في صناعة بطاريات الليثيوم أيون

يُعد الليثيوم المكون الرئيسي في البطاريات القابلة لإعادة الشحن والتي تعمل على تشغيل المعدات كلها بدءاً من السيارات الكهربائية حتى الهواتف الذكية، وازداد الطلب عليه بشكلٍ كبير في السنوات الأخيرة بسبب قدرة البطاريات المصنوعة منه العالية على تخزين الطاقة وعمرها الطويل، لكن عملية التعدين للحصول عليه تستهلك الكثير من الطاقة، وغالباً ما تسبب تلوثاً دائماً للمياه والأراضي، ويمكن أن تترك العملية آثاراً على المناظر الطبيعية، فضلاً عن النفايات السامة. 

ومع تزايد الحاجة إلى معدن الليثيوم النادر والباهظ الثمن، وزيادة الطلب على المركبات الكهربائية، قد يواجه العالم نقصاً في المواد بحلول عام 2025، لذلك يبحث العديد من الشركات عن مواد بديلة لصنع البطاريات منه.

اقرأ أيضاً: لماذا تُعدُّ صناعة البطاريات عاملاً حاسماً للتحول في قطاع الطاقة؟

كيف صمم باحثو مايكروسوفت توليفة المواد الجديدة؟

ركز الباحثون في مايكروسوفت على المواد الإلكتروليتية الصلبة التي يأمل العلماء في تطويرها لتصبح بديلاً أكثر أماناً وكفاءة للإلكتروليتات السائلة المستخدمة حالياً، ويجب أن تكون مادة الإلكتروليت متوافقة مع الأقطاب الكهربائية وتسمح لأيونات الليثيوم بالمرور بسهولة من خلالها بينما تمنع تماماً حركة الإلكترونات عبر البطارية. (الإلكتروليت هو مُركّب كيميائي وسيط ناقل للكهرباء).

بدأ البحث بأكثر من 32 مليون مادة محتملة، أُنشِئت عن طريق استبدال العناصر في الهياكل البلورية المعروفة بعينة من العناصر عبر مجموعة فرعية من الجدول الدوري، واستخدم الباحثون مجموعة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لتصفية المواد بناءً على خصائصها، من بين هذه الخصائص الطاقة والقوة والضغط والنطاق الإلكتروني والخصائص الميكانيكية. 

عمل الباحثون بعد ذلك على تصفية المواد حاسوبياً بناءً على خاصية الاستقرار وإمكانية تصنيعها في المختبر. وبذلك تقلص عدد المواد إلى نصف مليون مادة في غضون ساعات. ثم اختار الفريق تسعة معايير أخرى واستخدم الذكاء الاصطناعي لتطبيقها بشكلٍ تسلسلي، وفرز المواد حسب خصائصها الإلكترونية والتكلفة والقوة، ليتبقى في النهاية 18 مادة محتملة، بمجموع 80 ساعة عمل حاسوبية فقط، بينما يتطلب فحص هذه المواد مخبرياً 20 عاماً. 

ركّب الباحثون سلسلة من هذه المواد النهائية التي تحتوي على الليثيوم والصوديوم والإيتريوم وأيونات الكلوريد بنسب متفاوتة، وباستخدام ما يقرب من 70% أقل من الليثيوم مقارنة ببطاريات الليثيوم أيون المستخدمة حالياً، وذلك عن طريق استبدال بعض ذرات الصوديوم المتوفر بكثرة بذرات الليثيوم النادر. ومن المثير للاهتمام أن هذا الخليط من الليثيوم والصوديوم يسمح للمادة بتوصيل كلا النوعين من الأيونات، وهو أمر كان يُعتقد في السابق أنه مستحيل، ويمكن أن يعمل أيضاً في بطاريات أيونات الصوديوم. 

اقرأ أيضاً: كيف ستغيّر بطاريات الحالة الصلبة الجديدة من تويوتا صناعة السيارات الكهربائية؟

من بين الخصائص التي ركز عليها البحث أيضاً “الموصلية الأيونية”، وهي الخاصية الأساسية لأنها تحدد مدى سرعة تحرك أيونات الليثيوم، ومدى سرعة شحن البطارية. 

تستخدم بطاريات الليثيوم أيون التقليدية محلول إلكتروليت سائلاً يسمح للأيونات بالتنقل بسرعة، وبالتالي شحن سريع للبطارية، لكن هذه المواد قابلة للاشتعال، والتفاعلات الجانبية مع الأقطاب الكهربائية تؤدي إلى تدهور البطارية بمرور الوقت. من جهة أخرى، تتميز الإلكتروليتات الصلبة بأنها أكثر استقراراً كيميائياً وأقل قابلية للاشتعال، لكن أيونات الليثيوم لا تنتقل خلالها بالسرعة المطلوبة وبالتالي تتطلب وقتاً أكبر للشحن.

اقرأ أيضاً: ما هي بطاريات الزنك؟ وهل هي بديل مقنع لبطاريات الليثيوم-أيون؟

على الرغم من ذلك، يرى الباحثون أهمية هذا البحث في إثبات قدرة الذكاء الاصطناعي على تسريع استكشاف المواد، وتقليص مدة العمل المختبري من عشرات الأعوام، إلى بضعة أيام فقط.