شاهد روبوتاً يتعلم كيفية خياطة الجروح الصعبة

3 دقيقة
شاهد روبوتاً يتعلم كيفية خياطة الجروح الصعبة
shutterstock.com/Venkatesh Selvarajan
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يمثل الروبوت الجراحي المُدَرَّب بمساعدة الذكاء الاصطناعي على خياطة بضع غرز بمفرده خطوة صغيرة نحو بناء أنظمة قادرة على مساعدة الجراحين في تأدية مهام تكرارية كهذه.

يبين مقطع فيديو صوّره باحثون في جامعة كاليفورنيا في مدينة بيركلي روبوتاً ثنائي الأذرع وهو يعمل على خياطة ست غرز في خط واحد لإغلاق جرح بسيط في جلد اصطناعي؛ حيث يمرر الإبرة عبر النسيج وينقلها من ذراع روبوتية إلى الأخرى فيما يحافظ على الخيط مشدوداً.

روبوتات لمساعدة الجراحين

على الرغم من أن الكثير من الأطباء اليوم يحصلون على مساعدة من الروبوتات في عمليات جراحية تتراوح بين ترميم الفتق ومجازات الشريان التاجي، فإن هذه الروبوتات مخصصة لمساعدة الجراحين، لا الحلول محلهم. يمثل هذا البحث الجديد خطوة نحو الأمام في سعينا لصنع روبوتات قادرة على العمل بدرجة أعلى من الاستقلالية لإنجاز مهام معقدة ودقيقة للغاية؛ مثل الخياطة الجراحية. وتُمكن الاستفادة من الدروس المستقاة من عملية تطوير هذا الروبوت في نطاقات أخرى من مجال الروبوتات أيضاً.

يقول الباحث في جامعة كاليفورنيا في بيركلي ومدير المختبر الذي صمم هذا الروبوت، كين غولدبيرغ: “يمثل هذا العمل مهمة تتطلب مهارة حركية عالية للغاية من وجهة نظر علم الروبوتات”.

من المشكلات التي يمكن أن يتعرض إليها الروبوت في أثناء هذا العمل هو أنه يمكن للأجسام اللامعة أو العاكسة مثل الإبر أن تتسبب بتعطيل عمل مستشعرات الصورة في الروبوت. أيضاً، تواجه أجهزة الكمبيوتر صعوبة في نمذجة كيفية تفاعل الأجسام “القابلة للتشوه” مثل الجلد والخيط، عند تعرضها إلى الغرز والوخز. إضافة إلى ذلك، وعلى عكس نقل الإبرة من يد بشرية إلى الأخرى، تمثل عملية نقل الإبرة من ذراع روبوتية إلى الأخرى مهمة صعبة للغاية من حيث المهارة الحركية.

يعتمد الروبوت على زوج من الكاميرات لتصوير محيطه. وبعد تدريبه على شبكة عصبونية، أصبح قادراً على تحديد مكان الإبرة، واستخدام نظام تحكم في الحركة لتخطيط الحركات الست المطلوبة كلها لتنفيذ الغرزة.

احتمالات طبية مهمة

وعلى الرغم من أننا لن نرى هذه الروبوتات قريباً في غرف العمليات وهي تخيط الجروح والأعضاء بمفردها، فإن هدف أتمتة جزء من عملية الخياطة ينطوي على احتمالات طبية مهمة، كما يقول الطبيب والباحث في المشروع، دانيال فير.

يقول فير: “تتضمن العملية الجراحية مقداراً كبيراً من العمل، وفي بعض الأحيان، تمثل الخياطة المهمة الأخيرة التي يجب تنفيذها”. هذا يعني أنه من المرجح أن يكون الأطباء أقرب إلى الإرهاق عند تنفيذ الغرز، وإذا لم يغلقوا الجرح بصورة صحيحة، فقد يؤدي هذا إلى زيادة الفترة المطلوبة للشفاء، إضافة إلى مضاعفات أخرى. أيضاً، ونظراً إلى أن عملية الخياطة تمثل مهمة تكرارية إلى حد بعيد؛ فقد اعتبر غولدبيرغ وفير أنها تمثل مجالاً جيداً للأتمتة.

يقول غولدبيرغ: “هل يمكن أن نثبت أنها يمكن أن تؤدي إلى نتائج أفضل بالنسبة إلى المريض؟ – من المسلّم به أن هذا الأسلوب مريح بالنسبة إلى الطبيب؛ لكن الأهم من هذا: هل يؤدي إلى خياطة أفضل، وشفاء أسرع، وندوب أقل؟”

تحديات استخدام الروبوتات لخياطة الجروح الطبية

هذا سؤال مفتوح، نظراً إلى أن نجاح الروبوت لا يخلو من المحاذير. فقد تمكنت الآلة من تحقيق رقم قياسي يبلغ 6 غرز كاملة قبل أن يصبح التدخل البشري ضرورياً؛ لكن المعدل الوسطي للنجاح عبر التجارب يعادل 3 غرز تقريباً وحسب. علاوة على أن الجرح المستخدم في الاختبار كان محدوداً ببعدين فقط، على عكس جرح موجود على جزء منحنٍ من الجسم؛ مثل المرفق أو مفصل الإصبع. إضافة إلى ذلك، فقد اختُبر الروبوت فقط باستخدام “نماذج شبحية”، وهي نوع من الجلد الاصطناعي الذي يستخدم في التدريب الطبي؛ حيث لا تُستخدم أنسجة أعضاء حقيقية أو جلد حيواني.

يقول الباحث في جامعة جونز هوبكنز، أكسل كريغر، الذي لم يشارك في الدراسة، إن الروبوت تمكن من تحقيق إنجازات مهمة، خصوصاً من حيث قدرته على العثور على الإبرة وإمساكها ونقلها بين الذراعين.

يقول كريغر: “تشبه هذه المهمة العثور على إبرة في كومة من القش. إنها مهمة بالغة الصعوبة، وأنا معجب جداً بمقدار التقدم الذي حققوه”.

يُعَدّ مختبر كريغر أحد المخابر الرائدة في مجال الخياطة الجراحية باستخدام الروبوتات، وإن كان يعتمد أسلوباً مختلفاً. فقد استخدم باحثو بيركلي مجموعة دافينشي البحثية؛ وهي نظام روبوتات تشاركي يُستخدم في عمليات الجراحة التنظيرية في العديد من غرف العمليات الجراحية، على حين بنى مختبر كريغر نظامه الخاص الذي أطلق عليه اسم “روبوت الأنسجة الذكي الذاتي التحكم” أو “ستار” (STAR) اختصاراً.

وتبين ورقة بحثية عائدة إلى عام 2022 أن ستار نجح في وضع غرز في أحشاء الخنازير. يمثل هذا العمل إنجازاً مميزاً؛ لأن الروبوتات تعاني صعوبة في تمييز الألوان في عينة من الأنسجة والدماء الحيوانية. لكن نظام ستار يعتمد أيضاً على تكنولوجيات فريدة؛ مثل مستشعرات الأشعة تحت الحمراء التي وُضِعت في الأنسجة والتي ساعدت على توجيه الروبوت، إضافة إلى آلية خياطة مصممة لهذا العمل على وجه الخصوص. من ناحية أخرى، صُمم روبوت بيركلي بدلاً من ذلك لتنفيذ الخياطة يدوياً، وذلك باستخدام نظام دافينشي الأقل تخصصاً.

وضع كلا الباحثين قائمة طويلة ومفصلة بالتحديات المتعلقة بروبوتيهما الجراحيين، ويخططان لحلها في المستقبل. يريد كريغر أن يجعل استخدام الروبوت أسهل بالنسبة للجراحين، حيث يعمل حالياً من خلال مجموعة معقدة من الرموز البرمجية، وتدريبه على التعامل مع غرز أصغر بكثير.

أما غولدبيرغ فيرغب في أن يرى روبوت مختبره ينجح في خياطة جروح لها أشكال أعقد بكثير، وإنجاز مهام الخياطة بسرعة أكبر ودقة أعلى. قريباً جداً، سينتقل المختبر من إجراء التجارب على البشرة الاصطناعية إلى إجراء التجارب على بشرة الحيوانات.

ويفضل الباحثون استخدام الدجاج في هذه التجارب. يقول غولدبيرغ: “الأمر الرائع في هذه التجربة هو إمكانية شراء الدجاج ببساطة من المتجر. ولن نحتاج إلى أي موافقة”.