هل يمكن استخدام تيك توك وسناب شات لتخفيف حزن فقدان الأحبة؟

3 دقائق
هل يمكن استخدام تيك توك وسناب شات لتخفيف حزن فقدان الأحبة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Primakov
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

كان الجميع يجربون هذه الميزة. وأثنى الخبراء على مدى واقعية نتائجها. بل إنّ الفنانة المشهورة كايلي جينر جربتها. (لكنها لم تعجبها). وقررت أن أكتشف بنفسي سبب كل هذا الضجيج.

في أحد الأيام، فتحت تطبيق تيك توك (TikTok) وجربت فلتر “التقدم بالسن” (Aged)، متسائلة إذا ما كانت هذه السيدة التي تحمل نسخة افتراضية من وجهي المتقدم في السن ستثني على التزامي بالعناية بوجهي باستخدام مستحضرات الوقاية من أشعة الشمس.

ومع إمالتي للشاشة إلى الأعلى، فوجئت برؤية والدي المتوفى يحدق بي. لقد حولني هذا الفلتر إلى نسخة طبق الأصل عنه، لكن مع تلوين شعري الطويل باللون الرمادي بدلاً من البني الداكن. رأيت في الصورة ملامح والدي المألوفة، مثل غمّازاته، والانتفاخات تحت عينيه، ومظهر بشرته. ومن دون تفكير، ابتسمت كي أرى ابتسامته.

كيف يمكننا التعامل مع النسخ الرقمية من أعزائنا المتوفين؟

وبعدها، أطلقت صرخة صغيرة، وهو صوت محدد ومألوف لدى أي شخص فقد أحد أحبابه، أو رأى شخصاً آخر عند تلقيه أسوأ خبر في حياته. شعرت بمزيج من الراحة والمرارة والاشتياق وعدد هائل من المشاعر الأخرى المترافقة بالحزن. وضعت هاتفي جانباً، ووضعت رأسي بين يدي كي أبكي وأضحك في الوقت نفسه بسبب سخافة ما حدث.

على مدى الأيام القليلة اللاحقة، حدقت في مرآة الأشباح هذه مرات عديدة؛ فقد أحببت رؤية انعكاس وجه والدي في وجهي، وكرهت هذا الإحساس في الوقت نفسه. بدا مفعول الفلتر حقيقياً بما يكفي ليمنحني شعور الراحة، وفي الوقت نفسه، كان قصير الأمد إلى درجة تصيبني بالدمار عندما يعود دماغي إلى العمل ليذكّرني بأن أبي ليس هنا فعلياً. لكن هذا الفلتر كان كافياً للحصول على قدر صغير من السعادة المؤقتة لرؤيته “حياً” مرة أخرى، وهذا السبب كافٍ لدفعي إلى استخدامه في كل مرة.

كان هذا أقرب إلى طقس سري لم أخبر أحداً به، إذ شعرت بالخجل، وكأن ما أفعله غريب جداً ومحرج. لكن هذه لم تكن أول مرة أجرب فيها ميزة كهذه.

اقرأ أيضاً: من تجربة شخصية: إليك الأسباب التي دفعتني لتفضيل استخدام سناب وتيك توك عوضاً عن جوجل

مبادلة الوجوه من سناب شات

ففي 2016، أطلقت منصة سناب شات ميزة “مبادلة الوجوه” (Face Swap). في البداية، كانت هذه الميزة تبادل وجهَي شخصين جالسَين جنباً إلى جنب، من الأحياء بالطبع، غير أنه بعد أن أُضيفت إليها إمكانية تحميل صورة ساكنة لأي شخص بحيث يمكنك وضع وجهه على وجهك وكأنه قناع، كان أول ما رغبت فيه تجربة وضع وجه أمي الراحلة على وجهي. (إذا كنتم تتابعون ما كنت أقوله حتى الآن، فنعم، عندما بلغت الثلاثين من عمري، كان والداي كلاهما قد توفيا. توفيت والدتي عندما كنت طفلة، وتوفي والدي منذ ثلاث سنوات تقريباً).

وقلت في قرارة نفسي، يا إلهي، ما أريد فعله أمر غريب للغاية. لكنني فعلته على أي حال.

عندما حدقت بعيني أمي الزرقاوين بدلاً من عينيّ البنيتين، لاحظتُ مدى التشابه بيننا من حيث شكل الحواجب، وكيف كان وجهانا متراصفين على نحو تام، باستثناء الأنفين. (أدركت حينها أنني ورثت على الأرجح أنف أبي، وهو ما أكده لي تطبيق تيك توك لاحقاً) لم أستطع التوقف. ولم أقاوم الرغبة في رؤية كل زاوية ممكنة من وجه أمي، وتجريب جميع الأوضاع الممكنة لوجهها كأنه انعكاس افتراضي لجزء مني.

ولهذا، عندما علمت أن فلتر “التقدم بالسن” في تيك توك كان مصمماً للصور الساكنة أيضاً، أدركت ما يجب فعله على الفور. وهكذا، تخليت عن التحديق بوجه أبي على أنه وجهي، فقد حان الوقت لاتخاذ خطوة إضافية.

اقرأ أيضاً: المخاطر التي يفرضها تطبيق “تيك توك” ليست مقصورة عليه مطلقاً

الذكاء الاصطناعي يفعل الكثير

ففي الذكرى الحادية والعشرين لوفاة والدتي، استخدمت فلتر التقدم بالسن على مجموعة من صورها، كي أرى كيف كانت ستبدو لو تقدمت في السن. كانت النتيجة واقعية إلى درجة مرعبة، وقد بدت ميزة “مبادلة الوجوه” التي تعود إلى العام 2016 بدائية مقارنة بما يستطيع الذكاء الاصطناعي فعله الآن. شعرت بحزن شديد لرؤية مدى التشابه بين والدتي ووالديها، اللذين عاش كل منهما إلى الثمانينيات والتسعينيات من العمر. لقد أعطاني تطبيق تيك توك لمحة عن واقع بديل، واحتفظت بهذه اللمحة بالتقاط صور للشاشة. أردت الاحتفاظ بهذه الصور، حتى أني فكرت في تأطير إحداها ووضعها بجانب صورة لوالدي، ولكنني وجدت في نهاية المطاف أن هذا سيكون غريباً للغاية.

خلال كل ما فعلته، راودني إحساس باطني بأن استخدام التكنولوجيا بهذه الطريقة أمر خاطئ، على الرغم من أنه يمنح شيئاً من الراحة، وأنني أستخدم هذه الميزات بطريقة أكثر غرابة بكثير من استخدامات الآخرين لها. لكن، هل ما فعلته غريب إلى هذه الدرجة؟ لماذا لا أرى ما يثير الاستغراب في ارتداء ملابس والدتي ومجوهراتها القديمة، على سبيل المثال، على حين لا أستطيع ارتداء وجهها افتراضياً دون الشعور بالغرابة؟

اقرأ أيضاً: لماذا لا يمكن للنموذج اللغوي لامدا أن يمتلك وعي البشر كما قال مهندس في جوجل؟

غالباً ما نفترض أنه يتعين علينا إخفاء حزننا لأنه غير مقبول أو غير مستحسن اجتماعياً. لكن، ماذا لو قررنا جميعاً أن نحتوي حزننا، حتى باتباع أغرب الطرق؟ قد تتيح لنا وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الفرصة أخيراً لمعالجة أحزاننا، من دون أي فلاتر.