حيلة مبتكرة تتبعها تويوتا لرفع مبيعات سياراتها الكهربائية

6 دقائق
حيلة مبتكرة تتبعها تويوتا لرفع مبيعات سياراتها الكهربائية
هذه الآلة ستصدر صوتاً رائعاً. مصدر الصورة: أثيت بيراونغميثا/ رويترز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قررت تويوتا أن أفضل طريقة لجذب الناس إلى السيارات الكهربائية هي منح المستهلك شعوراً وهمياً بقيادة سيارة مزودة بمقبض يدوي لتحويل السرعة مع أصوات هدير محرك مزيفة وما شابه ذلك. تهدف هذه الميزات المُصطنعة، من تغيير يدوي للسرعة وغير ذلك، إلى منح المستهلكين “’تجربة رائعة‘ للغاية!”، وذلك على حد تعبير رئيس مصنع تويوتا للسيارات الكهربائية المزودة ببطارية، تاكيرو كاتو، خلال ورشة عمل حول مستقبل السيارات خارج العاصمة اليابانية طوكيو منذ فترة وجيزة. (من الجدير بالذكر أن الشركة كتبت عبارة “تجربة رائعة!” (WOW! Experience) بالإنجليزية ضمن العرض التقديمي بأحرف كبيرة مع علامة تعجب). من المحتمل أن تطلق الشركة هذه الميزات في دفعة السيارات الكهربائية للعام 2026، كما أوردت صحيفة وول ستريت جورنال في 13 يونيو/ حزيران.

نحو تشجيع المزيد من السيارات الكهربائية البديلة لتسلا

بعد أن أمضيت أسبوعاً في لوس أنجلوس، وهي المدينة الأميركية الأولى من حيث عدد شواحن السيارات الكهربائية، فأنا أدعم بالكامل توفير مزيد من البدائل المثيرة للاهتمام لسيارات إيلون ماسك. فقد شعرت بالارتباك عندما توقفت عند إشارة ضوئية في أركاديا، وهي ضاحية داخلية ثرية تهيمن عليها سيارات تسلا (Tesla)، وصادفت ثلاث سيارات موديل واي (Model Y) في المجازات المقابلة. ليست الشركة التي صممت سيارة بريوس (Prius) المرشح البديهي لكسر هذا الاحتكار. فعلى الرغم من ريادة تويوتا في إنتاج أول سيارة هجينة تعمل بالبطارية والوقود بكميات كبيرة، فقد تخلفت عن الركب عدة سنوات في تبنّي تكنولوجيا السيارات الكهربائية.

اقرأ أيضاً: ما الدروس المستفادة من قرارات ولاية كاليفورنيا الجديدة حول مستقبل السيارات الكهربائية؟

تويوتا قد تكسر احتكار تسلا لقطاع السيارات الكهربائية

لكن هذه الشركة قد تحقق المفاجأة لاحقاً. إلا أنه لا يبدو من المرجح أن تزويد السيارات الكهربائية بنظام لمحاكاة التغيير اليدوي للسرعة سيكون كافياً لإزاحة تسلا عن صدارة السوق في الولايات المتحدة. ولا يبدو أيضاً أن ميزة محاكاة تباطؤ السيارة بسبب الارتباك في أثناء تغيير التروس المزيفة (وهي ميزة تدرس الشركة إضافتها إلى السيارة، وفقاً للصحيفة) ستؤدي إلى تخلي الناس عن السيارات التقليدية والانتقال إلى السيارات الكهربائية. لكن هدير المحرك المزيف، على ما يبدو، سيُكسب تويوتا بعض الحلفاء غير المتوقعين، أو على الأقل، سيكون متوافقاً مع التاريخ الطويل لتصاميم السيارات التي تهدف عمداً إلى جعلها أكثر ضجيجاً.

اقرأ أيضاً: كم سيكلفك السماح لضيوفك بشحن سياراتهم الكهربائية في منزلك؟

هوية السيارات الكهربائية

تمر السيارات الكهربائية حالياً بأزمة حادة تتعلق بهويتها الصوتية. فعلى غرار الهواتف الخلوية أو الحواسيب المحمولة، تتصف السيارات الكهربائية والهجينة بالهدوء عموماً. وهو ما يجعل سماعها وهي قادمة صعباً بالنسبة للمشاة، وراكبي الدراجات، والحيوانات الأليفة لدى جيمي لين سبيرز.

فمنذ سنتين تقريباً، تعرضت شقيقة المغنية الشهيرة بريتني سبيرز لسخرية واسعة على منصة إنستغرام بعد أن قالت في أحد منشوراتها: “لقد خسرنا عدداً كبيراً من القطط -لا أرغب حتى في أن أفصح عنه- لأنها لم تستطع سماع صوت سيارة تسلا، ما أدى إلى حدوث أشياء مؤسفة، وهو أمر مؤثر ومأساوي بالنسبة للجميع”.

اقرأ أيضاً: ما الذي يجعل من ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية أمراً لا مفر منه؟

الضجيج كميزة لأمان المشاة

لكنها، في الواقع، محقّة. فاحتمال صدم السيارات الهجينة والكهربائية للمشاة والدراجات أعلى بكثير من احتمال صدم السيارات التقليدية المزودة بمحرك احتراق داخلي لهم، وفقاً لما توصلت إليه إدارة السلامة الوطنية للمرور على الطرق العامة. ووفقاً لتحليل هذه الوكالة، فإن الهدوء هو السبب الرئيسي المحتمل. ولمواجهة هذه المشكلة، أصدرت الوكالة في 2018 قراراً بإلزام السيارات الكهربائية والهجينة بإصدار أصوات واضحة عند السير بسرعة أقل من 30 كيلومتراً في الساعة.

غير أن القواعد الناظمة المتعلقة بالأصوات، والتي واصلت تطورها من ذلك الحين، لم تنجُ من سهام الانتقادات. يقول البعض إن تزويد السيارات بأنظمة لإصدار الأصوات أمر منطقي، ولكن فقط عند السرعات المنخفضة. وثمة آخرون يرغبون في رؤية المزيد من التوجيهات المتعلقة بالأصوات التي يمكن استخدامها. بينما ما يزال البعض الآخر يعتقد أن الوكالات الحكومية يجب أن تركز على تخفيف الضجيج في المدن والشوارع، كي تصبح هذه الإجراءات حلاً بديلاً يساعد الناس على ملاحظة السيارات الكهربائية. في مارس/ آذار، قال الكاتب في مجلة إلكتريك (Electrek) المختصة بالسيارات الكهربائية، جيمسون داو: “إن إطلاق سيمفونية صاخبة ومتنافرة من المؤثرات الصوتية السخيفة للسيارات عند كل تقاطع لن يكون الحل الشامل والمؤثر الذي سيجعل العالم أكثر أماناً للمشاة وراكبي الدراجات”.

اقرأ أيضاً: ما التبعات السياسية والاقتصادية لاكتشاف منجم ضخم لليثيوم في الهند؟

أيضاً، أدى أسلوب ماسك في تزويد سياراته بالأصوات إلى بعض المشاكل غير المتوقعة، مثل بعض الأصوات المقرفة التي تستمد طاقتها من بطارية الليثيوم. ففي 2020، كشفت تسلا الستار عن النظام الصوتي لتحذير المشاة، الذي يتيح للسائق إطلاق الأصوات من مكبرات الصوت الخارجية للسيارة. في دليل الاستخدام الرسمي من تسلا لسيارة موديل 3، على سبيل المثال، تقترح الشركة على السائق إطلاق نسخة معدلة من صوته أو “صوت إطلاق الريح المفضل لديه”. أجل، هذه هي الحقيقة يا رعاك الله! في السنة الماضية، فرضت إدارة السلامة الوطنية للمرور على الطرق العامة -التي يطلق عليها ماسك اسم “شرطة مكافحة المرح”– على تسلا إيقاف عمل النظام الصوتي في أثناء حركة السيارة، ما أدى إلى سحب 500,000 سيارة من مالكيها لتعديلها. وفقاً لدليل الاستخدام، ما زال بالإمكان إصدار أي أصوات يرغب فيها السائق عندما تكون السيارة في وضعية التوقف.

نحن نشهد مرحلة مفصلية وحساسة فيما يتعلق بأصوات السيارات، على حد تعبير أستاذ التواصل في جامعة بنسلفانيا الحكومية، ماثيو جوردان، مؤلف كتاب: “زمور الخطر: البوق الذي غيّر التاريخ” (Danger Sound Klaxon!:The Horn that Changed History). بحلول العام 2050، سيبلغ عدد السيارات الكهربائية على طرق الولايات المتحدة نسبة تتراوح بين 40% و75%. وهو ما سيساعد على التخفيف من انبعاثات الكربون وتلوث الهواء. ولكنه يعني أيضاً أن أصوات الشوارع والطرق السريعة ستصبح مختلفة بصورة جذرية، وهي نقلة لن نلاحظها إلا لفترة وجيزة.

وقد قال لي جوردان: “جميع الأصوات نسبية. ومن الممكن أن نعتاد على الضجيج بسرعة، ونصاب بالانزعاج من بعض الأشياء بسرعة أيضاً، فالأمر يتعلق بالتكيف فقط”.

اقرأ أيضاً: كيف تساعدنا الطاقة الشمسية في مواجهة الكوارث المناخية؟

تاريخ صوتي مرتبط بالسيارات 

يذكّر الحوار الدائر حول أصوات السيارات الكهربائية جوردان ببدايات السيارات. فقد كانت السيارات المزودة بعجلات مطاطية والمندفعة بسرعة على الطرق الملساء، هادئة إلى درجة مثيرة للمشاكل بالمقارنة مع الأحصنة التي تمشي متثاقلة مع الكثير من الضجيج على الطرق الترابية. من الجدير بالذكر أنه لم يكن ثمة ممرات للمشاة في تسعينيات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. كان السائقون يعالجون هذه المشكلة بشراء ملحقات لإصدار الأصوات لاستخدامها عند الرجوع إلى الخلف، أو المرور قرب إحدى المزارع، أو بجانب أحد الأشخاص، أو الاقتراب من حصان ما، أو المرور تحت أحد الجسور. استخدم البعض الصُنوج على حوامل متحركة، واستخدم البعض الآخر الأجراس، والصفارات البخارية، أو حتى جهازاً شبيهاً بآلة المفاتيح الموسيقية يمكن للركاب العزف عليه لإصدار تسعة أصوات شبيهة بأصوات الأُرغن. 

شكل توضيحي يبين بوق غابرييل الشبيه بالأرغن، والآلية المستخدمة في تشغيله، من مجلة السيارات (Automobile) عام 1913. المصدر: تقدمة من مؤلف كتاب “زمور الخطر: البوق الذي غير التاريخ” (Danger Sound Klaxon!: The Horn that Changed History)

وهو ما أدى إلى تكوين “بيئة حضرية أكثر تنوعاً من الناحية الصوتية”، كما أخبرني جوردان.

بحلول العام 1912، أصبح البوق أداة التنبيه الأكثر انتشاراً في السيارات في الولايات المتحدة وأوروبا.

دعاية لزمور السيارة. المصدر: تقدمة من مؤلف كتاب “زمور الخطر: البوق الذي غير التاريخ” (Danger Sound Klaxon!: The Horn that Changed History)

وقد كان صوته، للأسف، لافتاً للانتباه إلى درجة أن الجيوش بدأت باستخدامه للتحذير من غاز الخردل، إضافة إلى وظائف أخرى، في الحرب العالمية الأولى. وعندما عاد الجنود إلى أوطانهم، كانوا “ينبطحون أرضاً حال سماعه”، ما دفع إلى الانتقال إلى استخدام أبواق بأصوات تحمل “إرثاً صوتياً أخف وطأة”، على حد تعبير جوردان.

كيف ستجذب تويوتا العملاء بهدير المحركات؟

بالنسبة للعملاء الذين تسعى تويوتا إلى جذبهم، يمثّل صوت هدير المحرك النقيض للإرث الصوتي الثقيل. ولكن، هل سيحبّه السائقون؟ على الأرجح، لا. لم يقتصر انتشار الأصوات المزيفة على السيارات الهجينة والكهربائية، بل وصل أيضاً إلى “الشاحنات الضخمة والسيارات المزودة بمحركات كبيرة، التي لطالما نالت الاستحسان لهديرها المميز”، كما أوردت صحيفة واشنطن بوست (Washington Post) في 2015. لقد تحسّن محرك الاحتراق الداخلي التقليدي إلى درجة لم تعد معها السيارات العادية بحاجة إلى إصدار كل هذا الضجيج أيضاً، ولكن شركات تصنيع السيارات افترضت أن المستهلكين يستمتعون بسماع زئير محركاتهم. قال الرئيس السابق لنادي موستانغ في مدينة دنفر، مايك راينارد، في مقابلة مع درو هارويل من صحيفة واشنطن بوست منذ بضع سنوات: “إنها خدعة ذهنية، ولا أحد يحب التعرض للخداع”.  ولكن، إذا كان المستهلكون يستمتعون بهذا الصوت قبل معرفتهم بأنه مزيف، فمن الممكن أن الحل كان يكمن في الاحتفاظ بهذه المعلومة سراً، كما افترض هارويل.

اقرأ أيضاً: تعرف على حل زهيد التكلفة لمعضلة شحن السيارات الكهربائية

من المؤسف أننا نعرف جميعاً الآن أن السيارات الكهربائية هادئة. ولهذا، لن يكون الضجيج المزيف الذي ستضيفه تويوتا كافياً لخداع أحد. على الرغم من هذا، وجدت استطلاعات الرأي أن أفضل طريقة لجعل شخص ينتقل إلى السيارات الكهربائية هي دفعه لتجربة قيادة سيارة كهربائية. ومن المحتمل أن حيلة تغيير السرعة قد تثير فضول بعض المستهلكين بما يكفي لتجربة قيادة سيارة كهربائية من دفعة تويوتا للعام 2026. وما إن يروا أنها ليست مختلفة كثيراً عن السيارة التي تستهلك الوقود، فقد يشترونها بأصواتها المزيفة وغيرها من الميزات الأخرى على أي حال.