كيف سيتأثر تنظيم الذكاء الاصطناعي إذا فاز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية؟

3 دقيقة
كيف سيتأثر تنظيم الذكاء الاصطناعي إذا فاز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية؟
حقوق الصورة: رو بكسل

في 21 يوليو/تموز، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنه سينسحب من السباق الانتخابي الرئاسي ضد دونالد ترامب.

غير أن عشاق الذكاء الاصطناعي قد يتذكرون أنه منذ سنة، في 21 يوليو/تموز من عام 2023، كان بايدن يقف لالتقاط الصور في البيت الأبيض مع سبعة من كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا. وكان وقتها قد انتهى للتو من التفاوض حول صفقة اتفقت فيها الأطراف جميعاً على ثمانية من القواعد الأكثر إلزاماً التي تستهدف قطاع الذكاء الاصطناعي في ذلك الوقت، غير أن سنة واحدة تكفي حتى تتغير أشياء كثيرة!

نالت الالتزامات الطوعية الترحيب والاستحسان بوصفها إرشادات مطلوبة بشدة لقطاع الذكاء الاصطناعي، الذي كان يبني تكنولوجيا عالية القدرة دون أي قواعد تضبط عمله. منذ ذلك الحين، وقّعت 8 شركات إضافية على الالتزامات، وأصدر البيت الأبيض أمراً تنفيذياً يوسع نطاقها، كإضافة شرط، على سبيل المثال، يفرض على المطورين إطلاع الحكومة الأميركية على نتائج اختبارات السلامة لنماذج الذكاء الاصطناعي الجديدة إذا أظهرت الاختبارات أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تشكّل خطراً على الأمن القومي.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن تستفيد الشركات العربية الناشئة من قانون الاتحاد الأوروبي لتنظيم الذكاء الاصطناعي؟

اختبارات السلامة لنماذج الذكاء الاصطناعي الجديدة

تتسم السياسات الأميركية بدرجة عالية للغاية من الاستقطاب، ومن غير المرجح أن تتمكن البلاد من إقرار لوائح تنظيمية للذكاء الاصطناعي في أي وقت قريب. ولهذا، تمثل هذه الالتزامات، إلى جانب بعض القوانين القائمة، مثل قوانين مكافحة الاحتكار وحماية المستهلك، أفضل ما يمكن أن تعتمد عليه الولايات المتحدة حالياً في حماية الناس من أضرار الذكاء الاصطناعي. واحتفاء بالذكرى السنوية الأولى لهذه الالتزامات الطوعية، قررت أن ألقي نظرة على ما حدث منذ ذلك الحين. طلبت من الشركات السبع الأصلية التي وقعت على الالتزامات الطوعية أن تطلعنا على أكبر قدر ممكن مما فعلته بغية الامتثال لهذه الالتزامات، وأجريت مقارنات بين إجابات هذه الشركات بالاشتراك مع بعض الخبراء الخارجيين، وبذلت قصارى جهدي لتقديم تصور حول التقدم الذي أحرزته هذه الشركات. وتمكنك قراءة مقالي هنا.

يكره وادي السيليكون الخضوع إلى الرقابة، ويتذرع بأن هذا يعوق الابتكار. حالياً، تعتمد الولايات المتحدة على النوايا الحسنة لدى قطاع التكنولوجيا لحماية المستهلكين من الأذى، لكن هذه الشركات يمكنها أن تقرر تغيير سياساتها في أي وقت يناسبها، دون مواجهة أي عواقب حقيقية. وهذه هي المشكلة في الالتزامات غير الملزِمة: فمن السهل التوقيع عليها، كما من السهل نسيانها أيضاً.

اقرأ أيضاً: ما الجديد في تنظيم الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي في 2024؟

الالتزامات غير الملزمة

هذا لا يعني أنها ليست لها أي قيمة، فقد تكون مفيدة في وضع معايير تتعلق بتطوير الذكاء الاصطناعي، وفرض ضغوط الرأي العام على الشركات كي تحسن إجراءاتها. خلال عام واحد فقط، نفذت الشركات التكنولوجية بعض التغييرات الإيجابية، مثل استخدام أسلوب الفريق الأحمر (مجموعة مختصة بمهاجمة شركة ما أو منتجاتها أو محاولة اختراقها باستخدام وسائل مادية أو رقمية حتى تتمكن الشركة من تحسين دفاعاتها) في الذكاء الاصطناعي (AI red-teaming)، والعلامات المائية، والاستثمار في الأبحاث الرامية إلى تعزيز سلامة أنظمة الذكاء الاصطناعي. غير أن هذه الأنواع من الالتزامات اختيارية فقط، ما يعني أن الشركات تستطيع ببساطة أن تتراجع عنها. وهو ما يقودني إلى السؤال الكبير التالي في هذا المجال: أي اتجاه ستسلكه سياسة الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة في عهد خليفة بايدن؟

من غير المرجح أن يتوقف الجدل الدائر حول تنظيم الذكاء الاصطناعي إذا فاز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني، على حد قول مديرة مختبر سياسات مركز أبحاث تكنولوجيا المعلومات التي تصب في مصلحة المجتمع أو اختصاراً "سيتريس" (CITRIS) بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، براندي نونيكي:

"في بعض الأحيان، يكون لدى الأحزاب مخاوف مختلفة بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي. فقد يكون أحدها أكثر قلقاً بشأن الآثار على القوى العاملة، وقد يكون الآخر أكثر قلقاً بشأن التحيز والتمييز". وتضيف: "من الواضح أنه ثمة قضية مشتركة بين كلا الحزبين، وهي ضرورة فرض بعض الضوابط والإشراف على تطوير الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة".

اقرأ أيضاً: الأميركيون يريدون تنظيم الذكاء الاصطناعي ولكنهم لا يثقون بأحد للقيام بذلك

الذكاء الاصطناعي ليس مسألة غير مألوفة بالنسبة إلى ترامب. فعندما كان رئيساً، وقع أمراً تنفيذياً يدعو إلى زيادة الاستثمار في أبحاث الذكاء الاصطناعي، ويطلب من الحكومة الفيدرالية أن تزيد اعتمادها على الذكاء الاصطناعي، على أن يتولى تنسيق هذا العمل مكتب جديد يحمل اسم "المكتب الوطني لمبادرة الذكاء الاصطناعي" ( National AI Initiative Office). كما أصدر أيضاً دليلاً إرشادياً مبكراً حول الذكاء الاصطناعي المسؤول. إذا عاد ترامب إلى المكتب البيضاوي، تشير التقارير إلى أنه يخطط لشطب الأمر التنفيذي الذي أصدره بايدن، وإصدار أمره التنفيذي الخاص المتعلق بالذكاء الاصطناعي الذي يخفف اللوائح التنظيمية للذكاء الاصطناعي، وإطلاق ما يشبه "مشروع مانهاتن" لتعزيز الذكاء الاصطناعي العسكري. في هذه الأثناء، يواصل بايدن دعوة الكونغرس إلى إقرار لوائح تنظيمية ملزمة لضبط الذكاء الاصطناعي. ليس من المستغرب إذاً أن يعرب مليارديرات وادي السيليكون عن دعمهم لترامب.