هل يمكن الوثوق بالنصائح الصحية التي تقدّمها بوتات الدردشة؟؟

حقوق الصورة: shutterstock.com/Mdisk

استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية

تقدم بوتات الدردشة مثل تشات جي بي تي إجابات تفصيلية مماثلة للبشرية عن أي سؤال تقريباً في كل المجالات، ومنها المجال الطبي، فهو يُستخدم في الكتابة والتوثيق الطبي والتعليم الطبي. من جهة أخرى، يشك البعض بصحة المعلومات الطبية التي يوفرها للمرضى أو مقدمي الرعاية الصحية. لذا يجب علينا نسأل أنفسنا: هل يمكننا الوثوق بالنصائح الطبية التي تقدمها بوتات الدردشة الطبية المخصصة والعامة مثل تشات جي بي تي؟

بوتات الدردشة المخصصة

تطور بعض المنشآت الطبية بوتات دردشة طبية مخصصة، وتشكل واجهة سلسة للمعلومات لكل من المرضى ومقدمي الرعاية الصحية. فهي أداة موجهة للمريض، وتسمح للمستخدمين بالحصول على المعلومات المتعلقة بالمرض أو حجز المواعيد الطبية، وتوفر لمقدمي الرعاية الصحية معلومات أساسية متعلقة بعملهم، مثل البروتوكولات الطبية لعلاج الأمراض الشائعة والنادرة أو سياسات المستشفيات.

تم تدريب بوتات الدردشة تلك على معلومات مستقاة من قواعد بيانات طبية ومحددة، لذا يمكن الوثوق بالنصائح الطبية التي تقدمها، مع استشارة الطبيب البشري.

تشات جي بي تي والمعلومات الطبية

من جهة أخرى، لم يتم تدريب بوتات الدردشة العامة مثل تشات جي بي تي على مجموعة بيانات مضبوطة بدقة أنشأها متخصصون في المجال الطبي، وهذا ما يثير المخاوف إذا لجأ المرضى إليه للحصول على المساعدة، إذ قد يعطي تشخيصات أو توصيات غير دقيقة. لكن يمكن اعتماده كبوت دردشة طبي سريع ومدرب بشكل احترافي، في حال تم تدريبه على قاعدة بيانات أكبر، ما يساعد في تقليل الأخطاء الطبية، وتحسين أداء الأطباء.

استُمِدت البيانات الطبية التي تم تدريبه عليها من الإنترنت، ومن المعروف أنه ليست جميع المعلومات الطبية الموجودة على الإنترنت صحيحة أو دقيقة، ما يزيد خطر تقديم إجابات مضللة. وبسبب واجهة البوت سهلة الاستخدام، قد يركز المرضى على موضوع الراحة والكفاءة، بدلاً من موثوقية الأداة ودقتها.

التحديات التي تواجهها بوتات الدردشة في الطب

كي يصبح تشات جي بي تي وبوتات الدردشة المماثلة بوتات تقدم نصائح طبية موثوقة يجب أن تتخطى بعض العوائق.

مماثلة بوتات الدردشة الطبية

تركز بوتات الدردشة الطبية المخصصة على مهام محددة، مثل الرد على استفسارات المستخدمين حول مواضيع طبية مختلفة. يمكن لمصممي البوت إنشاء البرنامج الأساسي وربطه بقاعدة بيانات محفوظة وتعديل تدفق المحادثة والبيانات بسهولة.

في المقابل، لم يتم تدريب تشات جي بي تي من قبل فريق متخصص من المهنيين الطبيين، بل يستخرج المعلومات من مصادر البيانات غير المنظمة، مثل السجلات الصحية الإلكترونية، وتحديد الأنماط والتكرارات مثل أعراض معينة، وتقارير تشخيصية. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليل عبء العمل الواقع على العاملين الصحيين في الخطوط الأمامية أثناء الفحوصات الطبية الروتينية ويمكن أن يساعد في تخفيف النقص في العاملين في مجال الرعاية الصحية.

لكن، لأن تشات جي بي تي يستمد المعلومات من الإنترنت، تكون دقة المعلومات الطبية التي يوفرها وحداثتها موضع شك، وفي بعض الأحيان لا يمكن السيطرة عليها. على الرغم من أن هذا الأسلوب يوفر الوقت والجهد في إعداد قاعدة البيانات، فإن تشات جي بي تي يتطلب تدريباً دقيقاً من المتخصصين الطبيين.

يمكن أن يساعد تطوير نظام قوي لضمان الجودة واتباع نهج منظم لمراقبة تحديثات قاعدة البيانات وصيانتها في ضمان دقة المعلومات المقدمة من تشات جي بي تي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لمطوريه التعاون مع فريق من الخبراء الطبيين لمراجعة مجموعة البيانات المستخدمة للتدريب والتحقق من صحتها، بالإضافة إلى المراقبة والتحسين المستمرين لمراقبة أدائه، والتأكد من أنه محدث خلال تقديم بيانات التدريب بمعلومات جديدة ودقيقة.

مقاربة الإجابات من خبرات الأطباء البشر

يخضع الأطباء وغيرهم من مقدمي الرعاية الطبية إلى اختبارات متعددة قبل أن ينالوا الشهادة والرخصة التي تؤهلهم لهذا العمل. في المقابل لم يخضع تشات جي بي تي لأي عملية تحقق مماثلة، وعلى الرغم من اجتيازه امتحاناً طبياً لكن هذا لا يجعله بديلاً عن المهنيين الطبيين من البشر. تعد الخبرة العملية والتعاطف ومهارات التعامل مع الآخرين مكونات أساسية للرعاية الصحية والتي لا يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي محاكاتها بسهولة. بالإضافة إلى ذلك، قد لا يمثل أداء تشات جي بي تي في الامتحان قدرته على التعامل مع المواقف الطبية المعقدة والدقيقة في العالم الحقيقي.

ما يمكن القيام به هو دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في إجراءات الرعاية الصحية، وتكامل الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، ما يعزز كفاءة خدمات الرعاية الصحية وفعاليتها. بالإضافة إلى توفير إرشادات واضحة للمستخدمين حول كيفية استخدام تشات جي بي تي بشكل صحيح، وإرشادات لمقدمي الخدمة حول تنفيذها بأمان باعتباره بوت دردشة طبي، ويمكن أن تقتصر استخداماته على مجالات مثل التشخيص والتعليم والرعاية الصحية.

تجاوز المخاوف الأخلاقية

يزداد استخدام المرضى لتشات جي بي تي، ويجب أن تترافق هذه الزيادة بتسريع تطوير الأطر الأخلاقية المقابلة لهذه التكنولوجيا ونشرها من قبل علماء الأخلاقيات الطبية. حتى الآن، ظهرت بالفعل العديد من التحديات القانونية والأخلاقية فيما يتعلق ببوتات الدردشة الطبية التي يجب معالجتها والتعامل معها، ويشمل ذلك محتوى بيانات البوت، والأمن السيبراني، واستخدام البيانات، والخصوصية والتكامل، وسلامة المرضى، والثقة والشفافية بين جميع المشاركين.

سيستغرق بناء مثل هذه الأطر الأخلاقية وقتاً لأنه يعتمد على تعليقات المرضى والتحديث القوي لبرنامج الدردشة الآلي نفسه، كما أنها تنطوي على قدر كبير من المفاوضات بين مختلف أصحاب المصلحة.

إن التقدم الحالي في نشر مثل هذه الأطر الأخلاقية لا يواكب التقدم السريع لتطوير تشات جي بي تي كبوت محادثة طبي، ما سيزيد الضغط على المهنيين الطبيين عندما يريدون تبني هذا النوع من التكنولوجيا في النظام الطبي خلال هذه الفترة القصيرة من الزمن.

من الضروري مواصلة البحث المنهجي حول الآثار الأخلاقية لتشات جي بي تي على مستخدميه، وتجب متابعة التعاون الدولي لإنشاء معيار عالمي للأخلاقيات المحيطة باستخدامه كبوت محادثة طبي. ومن أجل معالجة القضايا المتعلقة بمحتوى البيانات، والأمن السيبراني، والخصوصية، والتكامل، يجب على مختلف أصحاب المصلحة (بما في ذلك المهنيين الطبيين، وممثلي المرضى والمستشفيات، وخبراء أمن المعلوماتية) أن يجتمعوا لوضع سياسات تتعلق بملكية بيانات المرضى وأمنها.

ينبغي أيضاً تطوير المبادئ التوجيهية والبروتوكولات الأخلاقية ووضعها موضع التنفيذ للتحكم في الاستخدام المناسب للمشورة الطبية الناتجة عن الذكاء الاصطناعي. من المهم أيضاً أن يتلقى المستخدمون تعليماً حول القيود والمخاطر المحتملة لاستخدام تشات جي بي تي من الناحية الطبية، وأن يتحقق المستخدم من أي معلومات مهمة مع متخصصي الرعاية الصحية قبل اتخاذ أي قرارات تتعلق بصحته.