نظام جديد يُتيح للروبوتات إمكانية استشعار اللمسة البشرية دون بشرة اصطناعية

4 دقيقة
نظام جديد يتيح للروبوتات إمكانية استشعار اللمسة البشرية من دون بشرة اصطناعية
مصدر الصورة: ستيفاني آرنيت/ إم آي تي تكنولوجي ريفيو| غيتي

ملخص: استشعار اللمسة البشرية صعب بالنسبة إلى الروبوتات، ويتطلب تقديم مدخلات لمسية مفهومة للروبوتات معرفة في الرياضيات وعلوم الكمبيوتر، لكن قاد مركز الفضاء الألماني مشروعاً جديداً أدّى إلى ابتكار طريقة جديدة قد تجعل التفاعل مع الروبوتات لمسياً سهلاً. تعتمد الطريقة الجديدة على محاكاة اللمسة البشرية بالاعتماد على مفاصل الأصابع، وليس أطرافها، تحتوي الذراع الروبوتية التي صممها الباحثون على 6 مستشعرات، تستطيع كلٌ منها التقاط مقادير صغيرة للغاية من الضغط على أي جزء من الجهاز. بعد قياس شدة هذه القوة وزاويتها بدقة، تستطيع سلسلة من الخوارزميات تحديد الموضع الذي يلمس فيه الشخص الروبوت وتحليل الرسالة التي يحاول إيصالها من خلال هذه اللمسة. بهذه الطريقة قد يتحول الروبوت بأكمله إلى شاشة لمسة، لكن من قيود الطريقة الجديدة أن النموذج الجديد لا يستطيع أن يتعامل مع أكثر من نقطتي تلامس في الوقت نفسه

يمثّل استشعار اللمسة البشرية مهمة صعبة بالنسبة إلى الروبوتات، حتى بالنسبة إلى أكثرها تطوراً وقدرة، وعادة ما يتطلب منك امتلاك درجة في علوم الكمبيوتر، أو جهاز لوحي على الأقل، من أجل التفاعل معها بصورة فعّالة. لكن هذا قد يتغير، وذلك بفضل الروبوتات التي أصبحت الآن قادرة على استشعار اللمسة وتفسير مغزاها، دون أن تكون مغطاة ببشرة اصطناعية فائقة التكنولوجيا. إنها خطوة مهمة في سعينا نحو تطوير روبوتات قادرة على التفاعل بأسلوب تلقائي مع البشر أكثر من ذي قبل.

اقرأ أيضاً: قيادة التحول الصناعي: دور توليب للتقنيات في ثورة الروبوتات في السعودية

طريقة جديدة تستشعر بها الروبوتات اللمسة البشرية

قاد مركز الفضاء الألماني المشروع الذي أدّى إلى ابتكار هذه الطريقة الجديدة، التي جرى نشر تفاصيلها مؤخراً في مجلة ساينس روبوتيكس (Science Robotics). وحتى نفهم هذه الطريقة الجديدة، يجب أولاً أن نفكر في الطريقتين المختلفتين اللتين تتبعهما أجسامنا في استشعار اللمسة. إذا وجهت راحة يدك اليسرى نحو الأعلى، وضغطت بخفة على إصبعك الأصغر (البنصر) الأيسر، فقد تشعر بهذه اللمسة في البداية من خلال البشرة التي تغطي طرف إصبعك. يبدو هذا منطقياً، فلديك الآلاف من المستقبِلات الحسية على يديك وأصابعك وحدها. غالباً ما يحاول الباحثون المختصون بالروبوتات محاكاة هذه الطبقة من المستشعرات في الروبوتات من خلال البشرة الاصطناعية، غير أن هذه البشرة قد تكون باهظة التكاليف وغير فعالة من حيث قدرتها على تحمل الصدمات أو البيئات القاسية.

لكن، إذا ضغطت بقوة أكبر على إصبعك في التجربة السابقة، فقد تلاحظ طريقة أخرى لاستشعار اللمسة، وهي الاستشعار من خلال مفاصل أصابعك وغيرها من المفاصل. هذا الإحساس –أي الإحساس بعزم الدوران، وفقاً لمصطلحات الروبوتات- هو ما عمد الباحثون إلى محاكاته بالضبط في نظامهم الجديد.

تحتوي الذراع الروبوتية التي صممها الباحثون على 6 مستشعرات، يستطيع كل منها التقاط مقادير صغيرة للغاية من الضغط على أي جزء من الجهاز. بعد قياس شدة هذه القوة وزاويتها بدقة، تستطيع سلسلة من الخوارزميات تحديد الموضع الذي يلمس فيه الشخص الروبوت وتحليل الرسالة التي يحاول إيصالها من خلال هذه اللمسة. يمكن لشخص ما، على سبيل المثال، أن يرسم بعض الأحرف أو الأرقام على السطح الخارجي للذراع الروبوتية في أي مكان باستخدام إصبعه، ويمكن للروبوت أن يفسّر التعليمات الموجهة له بناءً على هذه الحركات. كما يمكن استخدام أي جزء من الروبوت على أنه زر افتراضي.

تحويل كل بوصة مربعة تقريباً من سطح الروبوت إلى شاشة تعمل باللمس

يقول الباحث في مركز الفضاء الألماني، ماجد إسكندر، المؤلف الرئيسي للدراسة، إن هذا يعني ببساطة تحويل كل بوصة مربعة تقريباً من سطح الروبوت إلى شاشة تعمل باللمس، لكن دون مواجهة الجوانب السلبية لهذا النوع من الشاشات، مثل التكلفة والهشاشة وتعقيد التوصيلات.

يقول إسكندر: "ما زال التفاعل بين البشر والروبوتات، حيث يمكن للإنسان التفاعل من كثب مع الروبوت وتوجيه الأوامر إليه، غير مثالي، لأن الإنسان يحتاج إلى جهاز لتلقيم الروبوت بالمدخلات. وإذا تمكنت من استخدام الروبوت نفسه بوصفه جهازاً لتلقيم المدخلات، فستصبح التفاعلات أكثر سلاسة".

قد يُتيح نظام كهذا توفير طريقة أقل تكلفة وأسهل من ذي قبل لمحاكاة حاسة اللمس، وليس هذا فحسب، بل قد يوفّر أيضاً طريقة جديدة للتواصل مع الروبوتات. قد يكون هذا مهماً على وجه الخصوص بالنسبة إلى الروبوتات الأكبر حجماً، مثل الروبوتات الشبيهة بالبشر، التي ما زالت تجتذب المليارات من الدولارات من استثمارات رأس المال المغامر.

يقول العالم المختص بالروبوتات الذي يقود مختبر اللمس العصبي-الروبوتي (Neuro-Robotic Touch Laboratory) في معهد الروبوتات الحيوية (BioRobotics Institute) والذي لم يشارك في هذا العمل، كالوجيرو ماريا أودو، إن هذا التطور مهم للغاية، وذلك بفضل الطريقة التي يجمع فيها البحث بين أجهزة الاستشعار، والاستخدام الحذق للرياضيات في تحديد موضع اللمسة، والأساليب الجديدة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في جمع هذه المعطيات كلها معاً للحصول على النتائج النهائية. يقول أودو إن هذا العمل يمكن أن يدخل حيز الاستثمار التجاري بسرعة كبيرة نسبياً، بما أن الاستثمار المطلوب لتحقيقه يركز على المكونات البرمجية أكثر مما يركّز على المكونات المادية التي تتسم بأنها أكثر تكلفة بكثير.

اقرأ أيضاً: هل بإمكان نماذج الذكاء الاصطناعي التفوق على البشر في اختبارات تحديد الحالة العقلية؟

ما هي المشكلات التي يعانيها النموذج الجديد؟

لكن ثمة بعض المحاذير. فالنموذج الجديد لا يستطيع أن يتعامل مع أكثر من نقطتي تلامس في الوقت نفسه. قد لا يمثل هذا الأمر مشكلة ضمن بيئة خاضعة للرقابة، مثل مساحة العمل داخل المصانع، لكنه قد يفرض قيوداً تعوق العمل في البيئات التي تكون فيها التفاعلات بين البشر والروبوتات أقل قابلية للتنبؤ. كما أنه على الرغم من أن أنواع أجهزة الاستشعار اللازمة لتمكين الروبوت من استشعار اللمسة متوفرة تجارياً، فإن تكاليفها قد تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات.

عموماً، يتصور أودو مستقبلاً تندمج فيه أجهزة الاستشعار التي تعتمد على البشرة مع أجهزة الاستشعار التي تعتمد على المفاصل لمنح الروبوتات حاسة لمس تتميز بشمولية أكبر.

ويقول: "لدينا نحن البشر إلى جانب حيوانات أخرى نظام حسي يدمج كلا الحلين. وأتوقع للروبوتات التي تعمل في العالم الحقيقي أن تستخدم كلا الحلين أيضاً، كي تتمكن من التفاعل مع العالم من حولها بصورة آمنة وسلسة والتعلم منه".