البيانات أولاً: رحلة دبي الذكية في ثروة المعلومات 

2 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مع حدوث الثورة الصناعية الرابعة وظهور التكنولوجيات المتطورة التي أفرزتها، ظهرت ثروة جديدة أمام الدول، مختلفة كلياً عن جميع الموارد التي عرفتها البشرية على مر الأزمان، وهي ثروة البيانات، التي أطلق عليها المختصون نفط المستقبل. تشير البيانات إلى ارتفاع كبير جداً في أرباح المستثمرين الرئيسيين بهذا المجال من الشركات التي تمتلك البيانات الضخمة، والتي تقدر أرباحها بالمليارات التي تتضاعف سنوياً. قدرت توقعات شركة الأبحاث «فورتشن بيزنس إنسايت»، أن يصل حجم سوق البيانات الضخمة عالمياً إلى 104.3 مليار دولار أميركي بحلول العام 2026.

دبي تدرك مبكراً أهمية البيانات

لم تكن مدينة دبي بمنأى عن هذا المورد الاقتصادي الجديد، بل أدركت قيادتها مبكراً أهمية قطاع البيانات، وقدرته الهائلة على خلق فرص واعدة للتنمية الاقتصادية وتنويع الموارد، فأعلنت عن «قانون بيانات دبي» العام 2015. جعل هذا القانون دبي أول مدينة توجّه بمشاركة واستخدام وإعادة استخدام البيانات، ووضعت أيضاً مجموعة محكمة من المعايير التي تغطي كافة عناصر استخدام، ومشاركة، وإدارة البيانات.

ولخلق بنية تحتية قوية وقادرة على استيعاب الكم الهائل من البيانات، أنشأت دبي الذكية منصة «دبي بالس» التي اعتبرتها العمود الفقري الرقمي للتحول الذكي في الإمارة، والتي تسهل عملية تبادل البيانات وتوفر تجربة آمنة وسلسة وفعّالة، وتتيح للهيئات الحكومية والشركات والأفراد الوصول إلى رصيد ثري من المعلومات ومجموعات البيانات الحكومية بشكلٍ مجاني.

دبي, دبي بالس, المدن الذكية, دبي الذكية

كذلك حددت الإمارة «أبطال» للبيانات مع فرقهم في مختلف الجهات الحكومية، والذين يعملون على تحديد وتصنيف ونشر مجموعات البيانات، ويحرصون على ضمان امتثال المؤسسات والجهات الحكومية لقانون بيانات دبي.

إرشادات الذكاء الاصطناعي في دبي

لتنظيم مسألة تبادل ونشر البيانات، وضعت دبي الذكية منظومة «مبادئ وإرشادات استخدام الذكاء الاصطناعي»، بهدف تعزيز قيم العدالة والشفافية والمساءلة لدى الأفراد والمؤسسات المعنية بتقديم خدمات الذكاء الاصطناعي في دبي.

ولتحفيز الجهات بشكلٍ أكبر على المشاركة في تغذية منصة «دبي بالس» بالبيانات أطلقت مبادرة «البيانات أولاً – تحدي بيانات المدينة» الأولى من نوعها، والتي أقيمت على مدار 6 أشهر، وتم من خلالها تكريم الجهات الحكومية التي قدمت أفضل المساهمات من حيث توفير البيانات عبر المنصة.

الإعلان عن تحدي البيانات أولاً

ومؤخراً تم الإعلان عن نتائج التحدي بنسخته الأولى والذي شارك فيه 35 جهة، حيث فازت «هيئة الطرق والمواصلات» بدبي بجائزة الجهة الرائدة في مجال البيانات عن فئة الجهات الكبرى، و«هيئة المعرفة والتنمية البشرية» بجائزة الجهة الرائدة في مجال البيانات عن فئة الجهات المتوسطة والمركزية.

كذلك فازت ثلاث جهات بفئة فريق البيانات، فحصلت «بلدية دبي» على جائزة الفريق المتميز في تحقيق أعلى نسبة إنجاز لمؤشرات الأداء، وحصل على جائزة الفريق النموذجي في الامتثال «هيئة المعرفة والتنمية البشرية»، وحصد فريق «هيئة الصحة بدبي» جائزة الفريق المتميز بتطوير الأداء، فضلاً عن تكريم التحدي لمجموعة من أبطال البيانات في عدد من الجهات المشاركة.

وقد ارتأت دبي الذكية أن الاستفادة المثلى من قطاع البيانات تتطلب بشكل أساسي إشراك القطاع الخاص، فعملت على توسيع المنظومة وإطلاق «استراتيجية وسياسات مشاركة القطاع الخاص» العام 2019، والتي تسعى إلى تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، والمساهمة بتحقيق طموح دبي في أن تصبح مدينة تعتمد على البيانات.

لا مركزية البيانات

جهود دبي الذكية الحثيثة لتوظيف البيانات في الخطط التنموية للإمارة لم تقف عند سقف معين، فقد طورت «مختبر علوم البيانات» بالتعاون مع شركة «أي بي إم»، بهدف تحديد حالات الاستخدام المحتملة ذات الأهمية الإستراتيجية والموجّهة لتطوير منظومة البيانات والمجتمع معاً. ويسهم المختبر حالياً في إنتاج دراسات حالات تستعرض مشاكل واقعية يمكن حلها؛ من خلال علوم البيانات لتحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية

كذلك وتعزيزاً لمفهوم لا مركزية البيانات، أطلقت دبي الذكية تقرير «نقطة التقاء المدن الذكية» استكشفت من خلاله إمكانية تبادل البيانات بين القطاعين الخاص والحكومي؛ باستخدام تقنيات الثورة الصناعية الرابعة. وخلص التقرير إلى أن الشبكات المفتوحة تشكل عنصراً حيوياً لتحقيق المرحلة التالية من البنية التحتية للبيانات المفتوحة.

ولا شك أن السنوات القادمة ستشهد مزيداً من المشاريع والمبادرات لدبي الذكية في ذات الإطار، والتي ستشكل مجتمعة خارطة طريق وأطر عمل واقعية لثروة رقمية جديدة، قادرة على دفع عجلة الإنتاجية والكفاءة في المدينة، وتوفير أدوات فعالة للمضي قدماً في مسيرة التغيير والتنمية المستدامة، بما يتوافق مع الرؤية الاستشرافية لقيادة دولة الإمارات وخططها المستقبلية.