تفشي نظرية مؤامرة تربط بين كورونا وشبكات الجيل الخامس في المملكة المتحدة

3 دقائق
تدمير برج اتصالات الخامس في برمنجهام- المملكة المتحدة.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ربما وقعت على خبر منتشر عبر الإنترنت يتحدث عن قيام مجموعة من الأشخاص بإضرام النار في أحد أبراج اتصالات الجيل الخامس، وربما ظننت أن ذلك حدث أثناء احتجاجات شعبية ضد الحكومة. لكن في الحقيقة يتعلق الأمر باعتقاد هؤلاء الأشخاص أن تكنولوجيا الجيل الخامس هي المذنبة في قضية تفشي فيروس كورونا.

ففي الوقت الذي تعمل فيه الكوادر الطبية على مدار الساعة لمواجهة فيروس شديد العدوى، يكافح العاملون في مجال الاتصالات والشبكات الاجتماعية لمواجهة وباء معلوماتي على نفس الدرجة من الخطورة، إنه وباء المعلومات الخاطئة والشائعات ونظريات المؤامرة.

ولعل أخطر هذه الشائعات هي تلك التي انتشرت في المملكة المتحدة على وجه الخصوص، التي تدعي وجود علاقة سببية بين فيروس كورونا وشبكات الاتصالات من الجيل الخامس 5G.

ماذا تقول هذه الشائعة الكاذبة؟

اختلق مروجو هذه الشائعة عدة ذرائع لربط تكنولوجيا 5G بفيروس كورونا، نقدم لكم أكثرها غرابة:

  • وباء كوفيد-19 هو مجرد غطاء لإلهاء الناس عن خطورة أبراج 5G ونشرها.
  • مؤسس ميكروسوفت، بيل جيتس، ابتكر تكنولوجيا الجيل الخامس في محاولة لتخفيض عدد سكان العالم.
  • اللقاح المضاد للفيروس هو عبارة عن شرائح صغيرة سيتم حقنها في أجسام البشر واستخدام تكنولوجيا 5G لتحميلها بالمعلومات الشخصية والأموال الرقمية.
  • تكنولوجيا 5G تضعف الجهاز المناعي، مما يجعل الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بعدوى فيروس كورونا ويسرع من انتشار الوباء.
  • فيروس كورونا يستخدم الموجات الراديوية لهذه الأبراج من أجل اختيار ضحاياه وتوسيع انتشاره.
  • تكنولوجيا 5G تسحب الأكسجين من الرئتين وبالتالي تسبب الموت.

قد ننظر إلى هذه النظريات الغريبة باعتبارها مثيرة للضحك، لكنها تدعو إلى الخوف بالفعل من خطورة تصديق المعلومات الكاذبة والانقياد وراء مصادر مجهولة ومعلومات غير مثبتة علمياً، بل pjn مناقضة للنظريات العلمية والطبية.

ما مصدر هذه الشائعة المغلوطة؟

بدأت القصة الزائفة على مجموعات خاصة على فيسبوك وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث تقوم صفحات مثل “أوقفوا 5G” في المملكة المتحدة بنشر معلومات مغلوطة حول تكنولوجيا 5G وآثارها المزعومة على الصحة وعلاقتها بانتشار فيروس كورونا. وتتضمن هذه الصفحات فيديوهات حرق أبراج الاتصالات وتعليقات تحضّ على التحرك وتحطيم هذه الأبراج وتحرض على مقاومة نشر هذه التكنولوجيا في المدن والبلدات. كما حقق فيديو لشخص يزعم أنه يعمل في شركة اتصالات ملايين المشاهدات على يوتيوب يحذر فيه من مخاطر تكنولوجيا الجيل الخامس.

ووفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، فقد جرى تدمير ثلاثة أبراج اتصالات على الأقل خلال الفترة الماضية. كما تعرض مهندسو الاتصالات المسؤولون عن صيانة الشبكة لعمليات تحرش وإساءات متكررة، حيث يعتبرهم معتنقو نظرية المؤامرة هذه أنهم مسؤولون عن قتل آلاف الأشخاص.

لكن ما منح هذه القصة المغلوطة زخماً وانتشاراً على نطاق واسع هو مشاركة بعض المشاهير والمؤثرين لهذه المنشورات. وعلى سبيل المثال، قامت المغنية الأميركية كيري هيلسون، التي تملك أكثر من 4 مليون متابع على تويتر، بنشر تغريدات تربط فيروس كورونا بتكنولوجيا 5G. وتقول المغنية في إحداها: “تم إطلاق 5G في الصين في نوفمبر 2019، وبعدها بدأ الموت يحصد أرواح الناس هناك”. وساهم مشاهير آخرون في نشر نظرية المؤامرة هذه مثل المغنية آن ماري والممثل وودي هارلسون، كما شاركت أماندا هولدن، الحكم في برنامج المواهب البريطانية الشهير، عريضة تروّج لشائعة أن أعراض الإصابة بفيروس كورونا سببها الإقامة في جوار أبراج اتصالات الجيل الخامس.

الخبراء يرفضون هذه الادعاءات رفضاً قاطعاً

أجمع الخبراء والعلماء على زيف الادعاءات التي تربط فيروس كورونا بتكنولوجيا الجيل الخامس. وأكدوا أن شنّ حملات لتدمير أبراج الاتصالات والإساءة لمهندسي الاتصالات تعيق جهود مواجهة الوباء، وتهدد أهم وسائل التواصل بين الأشخاص وعائلاتهم خلال فترة الحجر الصحي والابتعاد الاجتماعي.

وقد وصف ستيفن بويس مدير الخدمات الصحية في المملكة المتحدة نظريات المؤامرة بأنها “أسوأ أنواع الأخبار الزائفة”، وأضاف أن الشائعة حول علاقة شبكات الجيل الخامس بفيروس كورونا “محض هراء وغير منطقية”.

ورأى الدكتور سيمون كلارك، وهو أستاذ مساعد في مجال البيولوجيا الخلوية بجامعة ريدينج، أن هذه النظرية “تافهة تماماً”. وأكد على اتفاق جميع الأطباء أن سبب الوباء هو فيروس، والفيروس شيء مختلف تماماً عن تكنولوجيا 5G التي هي عبارة عن أمواج كهرطيسية. وأضاف: “لا يمكنك القضاء على فيروس عبر تحطيم برج اتصالات”.

بينما شبه البروفيسور آدم فين من جامعة بريستول تحطيم أبراج الاتصالات “بتخريب قوارب نجاة سفينة تغرق”، حيث أوضح أن الاتصالات عبر شبكات الخليوي “تمنحنا أهم أدوات تنسيق الاستجابة للوباء وإجراء الأبحاث لمواجهته”.

ورأى الدكتور مايكل هيد من جامعة ساوثامبتون أن مروجي هذا النوع من نظريات المؤامرة يمثلون خطراً على الصحة العامة من خلال ادعاءاتهم غير المثبتة علمياً. وأضاف: “على المشاهير الذين يغذّون نار هذه الشائعات أن يشعروا بالخجل من أنفسهم، ويجب أن يتصرفوا بمسؤولية أكبر. إنه وقت الاستماع للخبراء في مجال تفشي الأوبئة”.

 ومن الجدير بالذكر أن الحقائق العلمية لم تردع مروجي هذه الشائعات عن الاستمرار في تصديقها والترويج لها؛ حيث إن فيروس كورونا ينتشر في مدن بريطانية لا تملك أية بنية تحتية لاتصالات الجيل الخامس، كما أن المرض تفشى في بلدان لم تنشر بعد هذه التكنولوجيا مثل إيران واليابان. أضف إلى ذلك أنه من الطبيعي أن ينتشر الفيروس بقوة أكبر في المناطق الأكثر ازدحاماً بالسكان.