دراسة تكشف تزايد اعتماد الباحثين على الذكاء الاصطناعي في كتابة الأوراق العلمية

3 دقيقة
دراسة تكشف تزايد اعتماد الباحثين على الذكاء الاصطناعي في كتابة الأوراق العلمية
حقوق الصورة: أنسبلاش
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يزداد استخدام بوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي في كتابة الأبحاث والمقالات العلمية، ويبدو أن الكشف عن ذلك أصبح أمراً صعباً بسبب قدرة هذه البوتات المذهلة على كتابة نصوص تشبه تلك التي يكتبها البشر، لكن لم يكن هذا هو الحال بالنسبة لبحث علمي عن بطاريات الليثيوم كتبه فريق من الباحثين الصينيين ونشرته دار النشر إلزفير (Elsevier). تسبب هذا البحث في ضجة كبيرة وسخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.

اقرأ أيضاً: كيف تستخدم تشات جي بي تي لكتابة بحث علمي؟

لمعرفة سبب الضجة والسخرية، ما عليك سوى قراءة السطر الأول من مقدمة البحث الذي تضمن العبارة التالية: "بالتأكيد، هذه مقدمة محتملة لموضوعك".

في هذه الحالة، لم يكن من الضروري استخدام أدوات الكشف عن النصوص التي كتبها الذكاء الاصطناعي، فمن الواضح أن المؤلفين لم يحذفوا استجابة بوت الدردشة الذي استخدموه في كتابة المقدمة، ونسخوا النص ولصقوه دون تعديل.

هذه القصة مضحكة، لكنها تخفي مشكلات ومخاطر تواجه البحث العلمي، فهذا الخطأ غير المقصود يُسلّط الضوء على استخدام بوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي في كتابة الأبحاث العلمية، وحاجتنا إلى تنظيم ذلك لضمان أن تكون الأبحاث جديرة بالثقة وصحيحة.

هل هذه حالة فردية؟

لا، هذه ليست الحالة الأولى التي يستخدم فيها الباحثون الذكاء الاصطناعي في كتابة أبحاثهم، وقد أثبت ذلك أندرو غراي، وهو أمين مكتبة في جامعة كوليدج لندن، حيث حلل خمسة ملايين دراسة علمية نُشِرت العام الماضي بحثاً عن مصطلحات غير شائعة عادة ما تكتبها بوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

كشف تحليل غراي عن ارتفاع واضح في استخدام كلمات معينة، مثل بدقة (137%)، ومعقدة (117%)، وجديرة بالثناء (83%)، ودقيقة (59%).

لا يمكن أن يعزى هذا الارتفاع سوى إلى شيء واحد، وهو أن عشرات الآلاف من الباحثين يستخدمون بوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي لكتابة أبحاثهم، أو على الأقل تحسين كتاباتهم.

يعتقد غراي أن استخدام الباحثين بوتات الدردشة لكتابة بحث كامل هو أمر نادر، وفي رأيه، تُستخدم بوتات الدردشة في معظم الحالات لتحسين النص، مثل تحديد الأخطاء أو تسهيل الترجمة إلى اللغة الإنجليزية، وتحدث المشكلة حين لا يتحقق الباحثون من صحة النص. تزداد هذه المشكلة تعقيداً بمعرفة أن معظم المجلات العلمية لا تطلب من المؤلفين الإعلان عن استخدام بوتات الدردشة، ما يعني وجود القليل من الشفافية.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يلخص الأبحاث العلمية بطريقة يفهمها طفل عمره 7 سنوات

لماذا يستخدم الذكاء الاصطناعي هذه الكلمات؟

هناك عدة أسباب وراء استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لكلمات مثل "بدقة" و"جدير بالثقة" في النصوص التي يكتبها، لكن السبب الأكثر ترجيحاً هو بيانات التدريب، إذ تُدرّب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي على كميات هائلة من البيانات النصية المأخوذة من الإنترنت والمصادر الأخرى. تتضمن هذه البيانات الأوراق البحثية والمقالات وأشكال النصوص الأخرى التي غالباً ما يؤكد مؤلفوها مصداقيتها. ومن خلال التدرب على هذه البيانات، يتعلم الذكاء الاصطناعي ربط هذه الكلمات بالكتابة عالية الجودة.

لكن من المهم أن نتذكر أن استخدام هذه الكلمات لا يضمن بالضرورة الدقة والمصداقية، ومن الضروري دائماً التأكد من صحة أي معلومات تُنشأ بواسطة الذكاء الاصطناعي، والتحقق من المصادر التي ربما استخدمها الذكاء الاصطناعي في توليد النص.

هل تملك المجلات العلمية سياسة بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي؟

نعم، لكن ليس جميعها، فالعديد من المجلات العلمية نشرت سياسات تتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة الأوراق العلمية. ولا تزال هذه السياسات في مرحلة التطور، ولكن هناك بعض الاتجاهات العامة التي ينبغي التقيد بها مثل:

  • لا يمكن إدراج أي أداة من أدوات الذكاء الاصطناعي كمؤلف للأوراق العلمية، فالتأليف محصور بالباحثين الذين يمتلكون المسؤولية الفكرية للبحث العلمي ويتحملونها.
  • إذا استُخدم الذكاء الاصطناعي في كتابة أي بحث أو دراسة أو ورقة علمية، فيجب ذكر ذلك في خطاب التقديم أو قسم الإقرارات.
  • يجب ألّا يُسمح بنشر الأبحاث التي كتبها الذكاء الاصطناعي بالكامل، بينما يمكن نشر الأبحاث التي استُخدم فيها الذكاء الاصطناعي بشكلٍ جزئي، مثل صياغة بعض العبارات بطريقة مبسطة ومفهومة وتدقيق النص نحوياً.
  • يجب التركيز على استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة لمساعدة الباحثين، وليس كبديل عن تفكيرهم وتحليلهم النقدي.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحدث تحولاً جذرياً في الإنجازات العلمية؟

يمثّل استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة العلمية حدوداً جديدة، فهو يساعد على تبسيط سير العمل البحثي، وتحسين وضوح النص، ما قد يؤدي إلى تسريع الاكتشافات العلمية. لكن لا تزال بعض المخاوف قائمة. ويجب على المجلات العلمية جميعها وضع مبادئ توجيهية واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي، تضمن هذه المبادئ الشفافية والموثوقية. وهكذا، مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، سيكون التعاون بينه وبين البشر مفيداً جداً في تعزيز البحث والتقدم العلمي.