السباق يحتدم للتوصّل إلى اختبار منزلي لفيروس كورونا

4 دقائق
سباق اختبار كورونا
مصدر الصورة: صور جيتي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عندما تشعر بالحمى وتعاني من السعال، فهل أنت مصاب بالزكام أم بفيروس كورونا؟ سيظل هذا سؤال يراودنا جميعاً، وربما لعدة سنوات.

في الوقت الحالي، يتطلب الكشف عن فيروس كورونا مراجعة الطبيب أو العيادة المتنقلة، مما قد يعرض أشخاصاً آخرين للإصابة بالفيروس، وقد يكون من الصعب الحصول على الاختبار، حتى في ذلك الحين. لا تزال المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض تطلب من الناس الذين يعانون من أعراض خفيفة البقاء في المنزل ببساطة.

ولهذا السبب، تحاول بعض الشركات الآن تطوير اختبارات جينية منزلية للكشف عن الفيروس. من بين هذه الشركات شركة ماموث بيوساينسيس (Mammoth Biosciences)، وهي شركة ناشئة مقرها في جنوب سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، وتقوم بإجراء اختبارات باستخدام تقنية كريسبر لتعديل الجينات؛ إذ قالت الشركة مؤخراً إنها تخطط لتجهيز اختبار منزلي يستخدم مرة واحدة بحلول نهاية العام.

وسيتم تصميم مجموعة الاختبار وتصنيعها من قِبل شركة جلاكسو سميث كلاين (GSK Consumer Healthcare)، التي تبيع للمستهلكين بالفعل معاجين الأسنان وعلوك النيكوتين والأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية.

وتُعرف تقنية كريسبر على أنها أداة لتعديل الجينات وتستخدم في إجراء تعديلات عند الحيوانات أو تصحيح الأمراض الجينية. ولكن يمكن استخدامها أيضاً في الاختبارات التشخيصية بسبب قدرتها على الكشف عن معلومات جينية محددة جداً -مثل التسلسل الجيني للفيروس- ثم عرض ذلك على شكل إشارة يمكن رؤيتها، على غرار الشرائط التي تظهر في اختبار الحمل المنزلي.

أضاف هذا الوباء دافعاً لفكرة استخدام تقنية كريسبر لإجراء الاختبارات. وذلك لأن هذه التقنية تنطوي على ميزات تجعل من الممكن الحصول على اختبار محمول، فهي سريعة ولا تتطلب سوى القليل من التجهيزات وتعمل بنجاح على عينات أولية مثل البصاق أو المخاط.

يقول تريفر مارتن، الرئيس التنفيذي لشركة ماموث: “إنها حالة الاستخدام الأفضل لتقنية كريسبر. تتمثل رؤيتنا في أن يكون الاختبار على شكل اختبار الحمل”.

في الوقت الحالي، فإن الاختبارات الأكثر دقة لفيروس كورونا هي الاختبارات الجزيئية التي يتم إجراؤها في المختبرات المركزية، والتي عادةً ما تستخدم تقنية تسمى تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) وتتطلب العديد من خطوات المعالجة. تهدف بعض الشركات مثل شركة ماموث إلى الاستغناء عن تفاعل البوليميراز المتسلسل، وهو ما يجعل من غير الضروري وجود تجهيزات مكلفة أو فنيين مدربين.

ويقول مارتين: “أنت تريد إجراء الاختبار من النوع الذي يُجرى في المنزل بنفس مستوى دقة الاختبار الذي يُجرى في المختبر. أنت لا تريد التنازل عن الدقة، وذلك غير ممكن حتى الآن”.

الكشف عن فيروس كورونا
نموذج أولي لاختبار شركة ماموث الجديد للكشف عن فيروس كورونا. مصدر الصورة: شركة ماموث بيوساينسيس

وفي أبريل، أظهر باحثون من جامعة كاليفورنيا ويعملون مع شركة ماموث أن تقنية كريسبر يمكنها الكشف عن فيروس كورونا. وكذلك فعلت شركتان أخريان تستخدمان هذه التقنية في مجال التشخيص، وهما شيرلوك بيوساينسيس (Sherlock Biosciences) وكاسبر بيوتيك (Caspr Biotech). وقال راهول داندا، الرئيس التنفيذي لشركة شيرلوك، خلال مقابلة في شهر مارس: “إن إيصال منتج إلى السوق لا ينطوي على إثبات فعالية التقنية. يمكننا القيام بذلك في يوم واحد”.

وكانت شركته قد حصلت فيما بعد على موافقة طارئة لبيع إصدار للاستخدام المختبري فقط من اختبار كريسبر، على الرغم من أنه لا يزال غير معدّ للاستخدام حتى الآن.

الاختبار المنزلي

من غير الواضح إلى أي مدى ستكون الاختبارات المنزلية مفيدة فعلاً في السيطرة على الوباء أو الحد من الإصابات الجديدة؛ إذ وجد تحليل أجرته كلية إمبريال كوليدج أنه يجب استخدام فحوصات الكشف المنتظمة عن فيروس كورونا عند الفئات المعرضة لخطر كبير، كاختبار العاملين في مجال الرعاية الصحية كل أسبوع، على سبيل المثال.  ووجد هذا التحليل فائدة أقل في إجراء الاختبار لعموم السكان بدلاً من مجرد مطالبة الأشخاص الذين يعانون من أعراض بالخضوع للحجر الذاتي.

إذا أجرى الناس الاختبار في المنزل، فقد لا يبلغون عن النتائج إلى السلطات الصحية، مما يحد من معرفة مدى انتشار الوباء. كما أن عدم تدخّل طبيب في العملية قد يؤدي إلى عدم حصولهم على نصائح طبية بشأن الحجر الصحي أو عدم اتباعها أو تنبيه المخالطين لهم.

يقول دونالد ثيا، أستاذ الصحة العالمية في جامعة بوسطن: “إن توفير الاختبارات المنزلية للأفراد دون وجود العنصر المطلوب للإبلاغ يعني تفويت معلومات صحية عامة يحتمل أن تكون حرجة”.

ولم تقم شركة جلاكسو سميث كلاين -التي لا تبيع حالياً الاختبارات المنزلية- بالإجابة عن الأسئلة حول الفوائد التي تراها للاختبارات التي تُجرى في المنزل. وقال مارتن إن شركة ماموث لم تحدد تفاصيل كيفية عمل اختباراتها، ولكنها قد تقوم بتضمين تطبيق يسجل النتائج ويبلّغ عنها بشكل مجهول. وأضاف: “بشكل عام، من الأفضل الحصول على مزيد من المعلومات، وخاصة في حالة الوباء، وأثق في أن الناس سيعملون على ذلك”.

وتقوم الصيدليات بالفعل ببيع اختبارات منزلية لفيروس مرض الإيدز ومستويات الكوليسترول والحساسية، ولكن لا يعدّ أي من هذه الاختبارات جينياً. وتقوم الاختبارات الجينية الحالية المخصصة للمستهلكين -التي تُجرى لمعرفة الأب أو الأصل- بالطلب من الناس إرسال عينة من البصاق أو الشعر عبر البريد.

وفي أبريل، سمحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية لشركة لاب كورب (LabCorp) بتقديم مجموعة لجمع العينات عبر البريد للكشف عن فيروس كورونا، ولكن لا يزال الأمر يستغرق عدة أيام للحصول على النتائج.

وبالإضافة إلى الاستخدام من قِبل المستهلكين، قد يكون هناك طلب على اختبار سريع وسهل لفيروس كورونا من قِبل الحكومات وبعض الشركات مثل شركات الطيران، التي ترغب في أن تتأكد من عدم إدخال العدوى من قِبل المصابين عند منافذ الدخول. ويصف مارتن إجراء اختبار للوافدين إلى البلد بأنه “حالة استخدام واضحة”، ويقول إنه كان على اتصال مع “مختلف الوكالات الحكومية” بشأن احتمال القيام بذلك.

مستقبل الاختبارات

تم تأسيس شركة ماموث من قبل علماء من بينهم جينفر دودنا، العالِمة بجامعة كاليفورنيا في بيركلي التي شاركت في اكتشاف تقنية كريسبر، والذين رأوا في هذه التقنية متعددة الاستخدامات أداةً محتملةً لإحداث ثورة في مجال التشخيص. وإذا أدى وباء فيروس كورونا إلى ظهور الاختبارات المنزلية الجينية الأولى، فمن المحتمل أن تتلاءم تقنية كريسبر مع الأمراض المستقبلية الأخرى أو مع استخدامات المستهلكين الجديدة، مثل اختبارات الكشف عن الأمراض التناسلية أو التهاب الحلق بالبكتيريا العقدية.

ويقول ثيا: “إذا كان من الممكن تصغير التقنية وتبسيطها بحيث تكون سهلة الاستخدام ويمكن إجراؤها في المنزل، فيمكن من الناحية النظرية استخدامها للكشف عن أي عامل ممرض من خلال الحمض النووي. ستكون هناك ثورة حقيقية في مجال التشخيص الفيروسي، ويقوم فيروس كورونا بتسريع ذلك حقاً. هذه هي إحدى النتائج غير المقصودة ولكن المليئة بالأمل لهذه الحالة المروعة حقاً”.