وعندما تم إطلاق نسخة تجريبية من البرنامج في أواخر أغسطس/ آب، سرعان ما أدرك المستخدمون أن كلمات معينة مثل الأسماء الصريحة للقادة السياسيين، والكلمات التي من المحتمل أن تثير الجدل في السياقات السياسية فقط قد تم تصنيفها على أنها "حساسة"، ويقوم البرنامج بمنعها من توليد أي نتيجة. ويبدو أن النظام الصيني المعقّد للرقابة على الإنترنت قد تم توسيع نطاقه ليصل إلى أحدث توجهات الذكاء الاصطناعي.
ليس من النادر أن تقوم أنظمة الذكاء الاصطناعي المشابهة بمنع المستخدمين من توليد أنواع معينة من المحتوى. فدال-إي 2 يحظر المحتوى الجنسي، أو وجوه الشخصيات العامة، أو صور العلاج الطبي. ولكن حالة إرني-فيلج تطرح التساؤل حول الحد الذي تنتهي عنده رقابة المحتوى العادية وتبدأ الرقابة السياسية.
ما الذي يميز نموذج إرني-فيلج؟
يمثل نموذج إرني-فيلج جزءاً من وينشين (Wenxin)، وهو مشروع عالي المستوى في مجال معالجة اللغات الطبيعية من أهم شركة صينية في الذكاء الاصطناعي، بايدو. وقد تم تدريبه باستخدام مجموعة بيانات من 145 مليون زوج من الصور والنصوص، ويحتوي على 10 مليار مُعامل وسيط، وهي القيم التي تقوم الشبكة العصبونية بتعديلها أثناء عملية التعلم، والتي يستخدمها الذكاء الاصطناعي لتمييز الاختلافات الصغيرة بين الأفكار والأساليب الفنية المختلفة. وهذا يعني أن مجموعة البيانات الخاصة بتدريب إرني-فيلج أصغر من مثيلتها لدى دال-إي 2 (650 مليون زوج) وستيبل ديفيوجن (Stable Diffusion) (2.3 مليار زوج)، ولكنه يحتوي على معاملات أكبر مما لدى أي منهما (3.5 مليار معامل لدى دال-إي و890 مليون معامل لدى ستيبل ديفيوجن). وقد أطلقت بايدو نسخة تجريبية على منصتها الخاصة في أواخر أغسطس/ آب، ولاحقاً على منصة هاغينغ فيس (Hugging Face)، والتي تمثل مجتمعاً دولياً ذائع الصيت للذكاء الاصطناعي.
ويكمن الفرق الأساسي بين إرني-فيلج والنماذج الغربية في قدرة النموذج الذي طورته بايدو على فهم التعليمات المكتوبة بالصينية، كما أن هذا النموذج أكثر قدرة على تفادي الوقوع في الخطأ فيما يتعلق بالكلمات ذات الطابع الثقافي.
وعلى سبيل المثال، فقد قام منتج مقاطع فيديو صيني بمقارنة النتائج من النماذج المختلفة لتعليمات تتضمن شخصيات تاريخية صينية، وأسماء لأشخاص من مشاهير الثقافة الشعبية والطعام. ووجد أن إرني-فيلج تمكن من إنتاج صور أكثر دقة من دال-إي 2 أو ستيبل ديفيوجن. وبعد إطلاقه، لاقى إرني-فيلج ترحيباً في أوساط عشاق الأنمي الياباني أيضاً، فقد وجدوا أن النموذج قادر على إنتاج أعمال أنمي فنية أفضل من النماذج الأخرى، ومن المرجح أن هذا يعود إلى وجود نسبة أكبر من الأنمي في بيانات التدريب.
ولكن إرني-فيلج سيتميز، شأنه شأن النماذج الأخرى، بما يسمح به. وخلافاً لدال-إي 2 أو ستيبل ديفيوجن، لم يحظَ إرني-فيلج بشرح منشور لسياسة رقابة المحتوى، وقد رفضت بايدو أن تقدم أي تعليق لنشره في هذا المقال.
وعندما تم نشر النسخة التجريبية من إرني-فيلج على هاغينغ فيس، كان المستخدمون الذين يقومون بإدخال كلمات محددة يتلقون الرسالة التالية: "تم العثور على كلمات حساسة، يرجى إعادة الإدخال" (存在敏感词,请重新输入)، وهو ما يمثل اعترافاً صادقاً ومفاجئاً بوجود آلية الفلترة. ولكن، ومنذ 12 سبتمبر/ أيلول، تم تغيير الرسالة إلى: "إن المحتوى الذي تم إدخاله لا يتوافق مع القواعد المرعية، يرجى إعادة المحاولة بعد تعديله" (输入内容不符合相关规则,请调整后再试!).
اقرأ أيضاً: معهد الابتكار التكنولوجي يطلق "نور": نموذج الذكاء الاصطناعي القادر على معالجة اللغة العربية
وفي اختبار أجرته إم آي تي تكنولوجي ريفيو للبرنامج التجريبي، تم حجب عدد من الكلمات الصينية، مثل أسماء كبار القادة السياسيين الصينيين، مثل شي جينبينغ وماو تسي تونغ، وبعض المصطلحات التي يمكن أن تُعتبر حساسة سياسياً، مثل "ثورة" و"تسلق الجدران" (وهو تشبيه يعبّر عن استخدام خدمة اتصال عبر شبكة خاصة افتراضية "VPN" في الصين) واسم مؤسس بايدو ورئيسها التنفيذي، يانهونغ (روبن) لي.