قام باحثو موزيلا بتحليل سبعة أشهر من النشاط على يوتيوب لأكثر من 20,000 مشارك لتقييم أربع طرق تقول يوتيوب إنه يمكن للمستخدمين الاعتماد عليها من أجل "تعديل توصياتهم"، وهي ضغط زر عدم الإعجاب (Dislike)، وضغط زر عدم الاهتمام (Not Interested)، والحذف من سجل التصفح (Remove from history)، وضغط زر عدم التوصية بهذه القناة (Don’t recommend this channel). وقرر الباحثون تفحص مدى فعالية هذه الأساليب للتحكم.
اقرأ أيضاً: يوتيوب تختبر طرقاً جديدة لجعل خوارزميتها أكثر جذباً
تأثير خوارزميات التوصية في يوتيوب غير ملحوظ
وقام المشاركون بتنصيب امتداد للمتصفح لإضافة زر التوقف عن التوصية (Stop recommending) في أعلى كل مقطع من مقاطع يوتيوب التي يشاهدونها، إضافة إلى الزر الموجود في الشريط الجانبي. ويؤدي الضغط على هذا الزر إلى تشغيل واحدة من استجابات ضبط الخوارزمية الأربع في كل مرة.
وبعد ذلك، قام العشرات من مساعدي الباحثين بمراقبة المقاطع المرفوضة لرؤية مدى تماثلها مع عشرات الآلاف من التوصيات اللاحقة من يوتيوب لنفس المستخدمين. ووجدوا أن تأثير خيارات التحكم في يوتيوب على التوصيات التي تلقاها المشاركون "غير ملحوظ". وعلى مدى سبعة أشهر، كان الفيديو المرفوض الواحد يؤدي إلى ظهور نحو 115 توصية غير مقبولة وسطياً، وهي مقاطع فيديو تشبه إلى حد كبير المقاطع التي أبلغ مشتركو يوتيوب عدم رغبتهم برؤيتها.
وتشير الأبحاث السابقة إلى أن أسلوب يوتيوب في التوصية بمقاطع الفيديو التي يمكن أن تتفق معها، وتشجيع المحتوى الإشكالي، يمكن أن يؤدي إلى زيادة تمسك الناس بوجهات نظرهم، ويدفعهم نحو التشدد السياسي. كما تعرضت المنصة عدة مرات للانتقادات الحادة بسبب ترويج مقاطع فيديو للأطفال بطابع جنسي مباشر أو غير مباشر، ما يعني أنها تروج للمحتوى الذي ينتهك سياساتها المتعلقة بالانتشار السريع. وبعد الانتقادات، تعهدت يوتيوب بالتشدد في مكافحة خطاب الكراهية، وفرض توجيهاتها بصورة أكثر صرامة، وعدم استخدام خوارزميات التوصيات للترويج للمحتوى "الذي يقترب من حدود مخالفة السياسات".
غير أن الدراسة وجدت أن المحتوى الذي يبدو أنه ينتهك سياسات يوتيوب للخصوصية ما زال جزءاً من التوصيات النشطة للمستخدمين، حتى بعد إرسال المستخدمين تعليقات تعبّر عن ردود فعل سلبية.
فالضغط على زر عدم الإعجاب، وهو أكثر الأشكال وضوحاً للتعبير عن وجهة النظر السلبية، أدى إلى تخفيض التوصيات غير المقبولة بنسبة 12% فقط، ولا تتجاوز النسبة 11% عند الضغط على زر عدم الاهتمام. وتروّج يوتيوب لكلا الخيارين كوسيلة لتعديل عمل خوارزمياتها.
وتقول الناطقة باسم يوتيوب، إيلينا هرنانديز، إن "أنظمة التحكم الخاصة بنا لا تقوم بفلترة مواضيع أو وجهات نظر كاملة، حيث يمكن أن يؤدي هذا إلى آثار سلبية على المستخدمين، مثل ظهور تجمعات منعزلة تهيمن عليها وجهة نظر واحدة فقط (وتسمى اصطلاحاً بغرف الصدى)". وتقول هرنانديز أيضاً إن تقرير موزيلا لا يأخذ بعين الاعتبار طريقة العمل الفعلية لخوارزميات يوتيوب. ولكن هذا شيء لا يعرفه فعلياً أي شخص خارج يوتيوب، نظراً لأن الخوارزمية تعتمد على المليارات من المدخلات، إضافة إلى مستوى الشفافية المنخفض لدى الشركة. وتحاول دراسة موزيلا أن تلقي بعض الضوء على محتوى هذا الصندوق الأسود لاستيعاب مخرجاته بشكل أفضل.