تماماً كبصمة الإصبع: يمكن لنبضات قلب شخص ما أن تحدِّد هويته

3 دقائق
مصدر الصورة: إم إس تك
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تختلف القلوب باختلاف الأشخاص، وتماماً مثل قزحية العين أو بصمة الإصبع، يمكن استخدام الإشارات القلبية للتمييز بين الأشخاص، والأهم من ذلك أن هذا ممكن حتى عن بعد.

وقد أثارت النقطة الثانية (عن بعد) اهتمام القوات الخاصة الأميركية؛ حيث إنها تعتمد على تقنيات أخرى للقياسات الحيوية بعيدة المدى، مثل تحليل المِشْية، أي تحديد هوية الشخص بالاعتماد على الطريقة التي يتحرك بها أثناء المشي، التي من المفترض أنها استُخدمت لتحديد هوية أحد عتاة إرهابيي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) قبل توجيه ضربة جوية له باستخدام طائرة مسيرة. غير أن المِشْية -شأنها شأن الوجه– ليست فريدة من نوعها بالضرورة، أما الإشارة القلبية المميزة لشخص ما فهي خلافاً للمشية والوجه، تبقى ثابتة لا يمكن تغييرها أو التغطية عليها.

الكشف عن بعد

إن هذا الجهاز الجديد -الذي تم تطويره للبنتاجون بناء على طلب من القوات الخاصة- يستطيع الكشفَ عن الأشخاص دون الحاجة إلى الوجه، حيث يستطيع التقاط الإشارات القلبية المميزة باستخدام ليزر الأشعة تحت الحمراء. وعلى الرغم من أن مداه الحالي لا يتجاوز 200 متر، فمن الممكن تحقيق مدى أكبر باستخدام ليزر أفضل. يقول ستيوارد ريملاي من مكتب الدعم التقني لمكافحة الإرهاب: “لا أقصد أن هذه العملية قابلة للتنفيذ من الفضاء الخارجي، ولكن من الممكن زيادة المدى”.

عادة ما تُستخدم حساسات الأشعة تحت الحمراء اللمسية لتسجيل النبض عند المرضى بشكل آلي، وذلك عن طريق التقاط التغيرات في انعكاس الضوء تحت الأحمر بسبب تدفق الدم. غير أن الجهاز الجديد -الذي يحمل اسم جيتسون- يعتمد على تكنولوجيا تعرف باسم قياس الاهتزاز الليزري لكشف حركات سطح الجسم التي يسببها نبض القلب. ويمكن تحقيق هذا القياس عبر الملابس العادية، مثل القمصان والسترات، ولكن ليس في حالة ارتداء ملابس أكثر سماكة مثل المعاطف الشتوية.

ويعتبر التعرف على الوجوه هي الطريقة الأكثر شيوعاً لإجراء القياسات الحيوية عن بعد، ولكن هذا يتطلب صورة مباشرة أمامية وواضحة للوجه، مما قد يكون أمراً صعب التحقيق، خصوصاً بالنسبة للطائرات المسيرة، كما أنه قد يتعرض للتشويش بسبب وجود اللحية أو ارتداء النظارات الشمسية أو أغطية الرأس.

وليس من الجديد استخدام الإشارات القلبية المميزة من أجل أهداف أمنية؛ حيث إن الشركة الكندية نايمي طوَّرت حساس نبض يُلبس على المعصم كبديل لبصمة الإصبع. وقد تم تجريب هذه التكنولوجيا من قبل جمعية هاليفاكس للبناء في المملكة المتحدة.

غير أن جيتسون يمثل تطويراً على هذه الفكرة، وذلك بتكييف أداة شائعة تُستخدم عادة لقياس الاهتزازات عن بعد في الأبنية والهياكل، مثل توربينات الرياح. وفي جيتسون، أُضيفت منصة توازن خاصة تتيح إبقاء بقعة الليزر الخفية الصغيرة على الهدف. ويحتاج الجهاز حالياً إلى حوالي 30 ثانية للحصول على قراءة جيدة، ولذلك لا يمكن استخدامه في الوقت الحاضر بفعالية إلا إذا كان الهدف واقفاً أو جالساً.

أفضل من التعرف على الوجوه

قام فريق ريملاي بعد ذلك بتطوير خوارزمية قادرة على استخلاص الإشارة القلبية المميزة من إشارات الليزر. ويقول ريملاي إن دقة جيتسون تتجاوز 95% في الظروف الجيدة، كما أنها قابلة للتحسين أيضاً. ومن المرجح -من الناحية العملية- أن يستخدم جيتسون جنباً إلى جنب مع نظام للتعرف على الوجوه أو أنظمة أخرى مشابهة.

وكان وينياو شو من جامعة نيويورك الحكومية في بوفالو قد قام أيضاً بتطوير حساس لالتقاط الإشارات القلبية عن بعد، غير أنه يعتمد على الرادار ويعمل على بعد 20 متر فقط. ويعتقد أن استخدام نبض القلب أكثر فعالية من التعرف على الوجوه، حيث يقول: “مقارنة مع الوجه، تُعتبر القياسات الحيوية القلبية أكثر استقراراً، ويمكن أن تحقق دقة تتجاوز 98%”.

ومن أهم القيود على هذا النظام الحاجة إلى قاعدة بيانات من الإشارات القلبية المميزة، ولكن من الممكن الاستفادة من هذا النظام حتى من دونها. وعلى سبيل المثال، عند رؤية شخص في مجموعة أثناء زرع عبوة ناسفة، يمكن لاحقاً تحديده عن طريق الإشارة القلبية، حتى دون معرفة اسمه ووجهه. كما يتم جمع بيانات القياسات الحيوية بشكل منتظم من قِبل الجيش الأميركي في عدة مناطق، بحيث يمكن إضافة البيانات القلبية إلى تلك المكتبة.

ويعتقد مطورو هذه التكنولوجيا أنها ستُستخدَم لأغراض أخرى على المدى البعيد. وعلى سبيل المثال، يمكن للطبيب أن يقوم بعمليات مسح عن بعد بحثاً عن اضطرابات النظم القلبي وغيرها من الأمراض، أو يمكن للمستشفيات مراقبة المرضى دون الحاجة إلى وصلهم بالآلات سلكياً.