ومن أهم التساؤلات المتعلقة بهذا التمويل: مَن المسؤول عن التغيّر المناخي؟ هذه المسألة معقدة، ولكن يمكن أن نبدأ بتحديد الإجابة بناءً على بعض المعلومات حول الانبعاثات الحالية والسابقة.
فقد وصلت انبعاثات غازات الدفيئة إلى أعلى ذروة لها على الإطلاق في 2021، حيث تجاوزت الانبعاثات العالمية لثنائي أوكسيد الكربون من الوقود الأحفوري 36 مليار طن متري. وحالياً، تحتل الصين المرتبة الأولى في الانبعاثات، تتبعها الولايات المتحدة. أما المرتبة الثالثة في الانبعاثات فهي لبلدان الاتحاد الأوروبي مجتمعة، تتبعها الهند وروسيا.
ولكن البيانات حول الانبعاثات الحالية لا تعبّر عن الوضع بالكامل. تقول تارين فرانسين، وهي من كبار الزملاء في البرنامج العالمي للمناخ في معهد الموارد العالمية، وهو منظمة غير ربحية: "يوجد تفاوت كبير للغاية بين البلدان من حيث المساهمة في التسبب بالتغيّر المناخي".
ينتج التغيّر المناخي عن التركيز الإجمالي لغازات الدفيئة في الغلاف الجوي. ويبقى ثنائي أوكسيد الكربون، وهو العنصر الأساسي المسبب للتغيّر المناخي بين غازات الدفيئة، في الغلاف الجوي لمئات السنوات.
ولهذا، يدرس الباحثون أيضاً الانبعاثات التاريخية، أي مجموع مساهمة كل بلد عبر مرور الزمن. وحتى الآن، تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى من حيث الانبعاثات التاريخية، فهي مسؤولة عن أكثر من 20% من إجمالي الانبعاثات، يليها الاتحاد الأوروبي بنسبة قريبة. وعند حساب التلوث المناخي بهذه الطريقة، تتراجع الصين إلى المرتبة الثالثة، بنسبة تبلغ تقريباً نصف نسبة الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً: المحادثات المناخية في غلاسغو لن تحقق أهدافها.. إليكم أساليب أخرى لتسريع التقدم
إن التاريخ الطويل للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع الوقود الأحفوري هو ما يضع هذه المناطق في مركز النقاشات حول الخسائر والأضرار، خصوصاً لاعتمادها على حرق الوقود الأحفوري، بأنواعه المختلفة، لتحقيق النمو الاقتصادي. تقول فرانسين: "إن الاقتصادات التي حافظت على قوتها لسنوات عديدة تستمد قوتها عادة من استفادتها من هذه الانبعاثات المبكرة لغازات الدفيئة". وتضيف قائلة إنه من الواضح أن البلدان الأكثر ثراءً في العالم كانت الأكثر تأثيراً على المناخ، وما زالت.
مسؤولية المستقبل
يمكن أن تساعد الانبعاثات الإجمالية على المساعدة في اتخاذ القرارات حول مساهمة كل طرف في تعويض الأضرار المناخية. ولكن معالجة التلوث المناخي في البلدان النامية ذات الانبعاثات المنخفضة تاريخياً، والمتسارعة عالياً، سيكون أيضاً أمراً أساسياً في إبطاء الاحترار العالمي. تقول فرانسين: "يستحيل حل مشكلة التغيّر المناخي دون قيام الصين والهند، وجميع الدول التي تصدر أكبر مقادير من الانبعاثات، بتخفيف انبعاثاتها بدرجة كبيرة". قد تحتاج بعض الدول إلى المزيد من الوقت للوصول إلى محصلة انبعاثات صفرية، ولكنها ستحتاج للوصول إلى هذه المرحلة في نهاية المطاف لتحقيق الأهداف المناخية.