هل ينجح التعلم الآلي في حل مشكلة افتقار 4 مليارات شخص لعناوين إقامة مناسبة؟

2 دقائق
مصدر الصورة: ثور ألفيس/ أنسبلاش
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تشير التقديرات إلى أن حوالي 4 مليارات شخص في العالم يفتقرون إلى عنوان إقامة مناسب، وهو ما يحرمهم من الاستفادة من خدمات هامة، مثل توصيل الطرود والرعاية الصحية والإغاثة أثناء الكوارث، إضافة إلى القدرة على تسجيل التصويت أو الحصول على رخصة قيادة. كما أن المدن تعاني أيضاً الكثير من المشاكل عند التخطيط لبنى تحتية جديدة، مثل المدارس وتمديدات المياه وخطوط الكهرباء (وهذا لا يقتصر فقط على البلدان النامية).

تقول ميري لو (رئيسة شركة تقدم معلومات عناوين عالمية): “مع الانتقال بشكل تدريجي إلى اقتصاد أكثر عالمية، وطلب الكثير للناس للبضائع التي يتم توصيلها من بعيد، تزداد الحاجة إلى عناوين دقيقة أكثر من (المنزل ذي الباب الأحمر مقابل السوق التجاري)”.

ولهذا يقترح باحثون في فيسبوك ومختبر الوسائط التابع لإم آي تي طريقة جديدة لمنح العناوين للجميع، وذلك باستخدام التعلم الآلي.

قام الفريق في البداية بتدريب خوارزمية تعلم عميق على استخلاص بيكسلات الطرقات من صور الأقمار الاصطناعية، ومن ثم قامت خوارزمية أخرى بوصل البيكسلات معاً للحصول على شبكة طرقات. وبعد ذلك، حلَّل النظام كثافة الطرقات وشكلها من أجل تقسيم الشبكة إلى تجمعات مختلفة، مع تحديد التجمع الأكثر كثافة مركزاً للمدينة، وتقسيم المناطق حول المركز إلى أرباع شمالية وجنوبية وشرقية وغربية، وبعد ذلك تم ترقيم الشوارع وترميزها بالأحرف وفقاً لاتجاهها وبُعدها عن المركز.

عندما قارن الفريق نتائجهم النهائية مع عينة عشوائية من المناطق غير الممسوحة التي تمت تسمية شوارعها يدوياً، وجدوا أن طريقتهم قد نجحت في معالجة أكثر من 80% من المناطق المأهولة، وحسَّنت من تغطيتها بالمقارنة مع خدمتي الخرائط جوجل مابس أو أوبن ستريت مابس.

غير أن هذه ليست الطريقة الوحيدة لأتمتة عملية وضع العناوين؛ حيث إن منظمة what3words تقوم بتوليد تركيبة فريدة من ثلاث كلمات لكل مربع يبلغ طوله 3 أمتار على شبكة عالمية، وقد تم تبنِّي هذه الطريقة في مناطق مثل جنوب أفريقيا وتركيا ومنغوليا من قِبل خدمات توصيل الطرود الوطنية، والمستشفيات المحلية، والفِرَق الإقليمية لفرض الأمن.

غير أن إيلك ديمير (وهي باحثة في فيسبوك وعضو فريق مبتكري النظام الجديد) تقول إن الميزة الأساسية لهذا النظام هي أنه يتبع التوزع الفعلي للطرق، ويساعد السكان على فهم العلاقة بين العناوين: “إذا كان لديك العنوان (ببغاء. فشل. كازينو) وكان لدى شخص آخر العنوان (طاولات. كراسي. تلفاز)، فلا يوجد ما ينبئك ما إذا كان هذا الشخص جارك. هذا هو الهدف من نظامنا؛ نحن نرغب في وضع عناوين يمكن للناس فهمها بشكل حدسي”.

يقول تشارلز بريسكوت (وهو محامٍ دولي ومؤسس المنظمة غير الربحية “جمعية بيانات العناوين العالمية”): “أعتقد أن هذه الطريقة رائعة للغاية. إذا تمكنت من برمجة النظام لتوليد عناوين مبنية على الاصطلاحات المحلية، فسوف يكون هذا فعالاً للغاية، وممتازاً من ناحية التكاليف”.

ولكن يلحظ كل من لو وبريسكوت أن هذه الطريقة لها مشاكلها أيضاً، فكما يقول بريسكوت: “ليست المشكلة في توليد العناوين، بل في دفع الناس إلى تقبُّلها واعتمادها”.

تؤثر الكثير من العوامل على إمكانية تقبل نظام العنونة واعتماده؛ فمثلاً يجب أن يكون النظام متوافقاً مع ثقافة البلد كما تقول لو، وألا يبدو نظاماً استعمارياً فرضته جهات خارجية، ويبدو أيضاً أن اعتماد أنظمة العناوين مرتبط بشكل كبير مع مستوى الثقافة والتعليم. ويضيف بريسكوت أنه في بعض المجتمعات يبلغ ارتياب السكان بالحكومة حداً يجعلهم يفضلون أن يكون تحديد مكانهم أمراً صعباً.

وفريق فيسبوك – إم آي تي يرغب الآن في التواصل مع المنظمات غير الربحية لتفعيل استخدام النظام.

ومبدئياً، يشعر بريسكوت برغبة كبيرة في التعاون، قائلاً: “هذا من دواعي سروري”.