نسخة فضيحة كامبريدج أناليتيكا في الذكاء الاصطناعي: هل هي مسألة وقت لا أكثر؟

3 دقائق
نسخة فضيحة كامبريدج أناليتيكا في الذكاء الاصطناعي: هل هي مسألة وقت لا أكثر؟
مصدر الصورة: المشرف الأوروبي لحماية البيانات
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

هل يمكن أن نتخيل شركة سيارات تطرح سيارة جديدة في الأسواق دون ميزات حماية مدمجة؟ هذا مستبعد، أليس كذلك؟ ولكن ما تفعله شركات الذكاء الاصطناعي يشبه إلى درجة ما طرح سيارات سباق في الأسواق دون أحزمة أمان أو فرامل عاملة، ومحاولة ارتجال حلول للمشكلات بعد ظهورها.

طرح المنتجات دون ميزات حماية: نهج يسبب المتاعب لشركات الذكاء الاصطناعي

بدأ هذا النهج يوقع شركات الذكاء الاصطناعي في المتاعب؛ على سبيل المثال، تواجه شركة أوبن أيه آي (OpenAI) تحقيقات تقودها هيئات حماية البيانات الأوروبية والكندية بسبب طريقتها في جمع البيانات الشخصية واستخدامها في بوت الدردشة ذائع الصيت الذي أطلقته مؤخراً، تشات جي بي تي (ChatGPT)، كما فرضت إيطاليا حظراً مؤقتاً على تشات جي بي تي، ومنحت أوبن أيه آي مهلة قصيرة ستنتهي قريباً للامتثال للقانون الأوروبي الصارم الذي يحمل اسم اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR). ولكن في أحد مقالاتي المنشورة مؤخراً، قال لي الخبراء إنه من المستحيل على الشركة أن تمتثل لهذا القانون على الأرجح، وذلك بسبب الطريقة التي تستخدمها في الحصول على البيانات لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي، أي جمعها بكميات ضخمة من الإنترنت.

تعني الوتيرة المتسارعة لتطور هذه الأنظمة أن على مشرّعي حماية البيانات الاستعداد لفضيحة جديدة مشابهة لفضيحة كامبريدج أناليتيكا، وفقاً لقول مراقب البيانات في الاتحاد الأوروبي، فويتشيك فيفيوروفسكي.

اقرأ أيضاً: هل سيكون حظر تشات جي بي تي أخطر من عدم استخدامه؟

نسخة من فضيحة كامبريدج أناليتيكا الخاصة بالذكاء الاصطناعي

يشغل فيفيوروفسكي منصب مشرف حماية البيانات الأوروبي، وهو من الشخصيات المؤثرة، ويتلخص دوره بالحفاظ على مسؤولية الاتحاد الأوروبي عن ممارساته الخاصة لحماية البيانات، ومراقبة أحدث التكنولوجيات، والمساعدة على تنسيق عمليات إنفاذ القانون في أنحاء الاتحاد الأوروبي كافة. تحدثت إليه حول الدروس التي يجب أن نستقيها من المجال التكنولوجي على مدى العقد المنصرم، وما يحتاج الأميركيون إلى فهمه حول فلسفة الاتحاد الأوروبي في حماية البيانات، وهذا ما قاله لي.

الأشياء التي يجب أن تعرفها الشركات التكنولوجية: عليها أن تعرف أن المنتجات يجب أن تكون مزودة بميزات لحماية الخصوصية، وأن هذه الميزات يجب أن تكون عناصر أساسية في المنتجات منذ بداية عملية التصميم، ولكنه يقول: “ليس من السهل إقناع الشركات اعتماد نماذج مصممة لحماية الخصوصية عندما تكون الشركات مضطرة لطرح المنتجات بسرعة كبيرة”. ما زالت فضيحة كامبريدج أناليتيكا أفضل درس يبين ما يمكن أن يحدث إذا استخفت الشركات بأهمية حماية البيانات، وفقاً لفيفيوروفسكي، إذ عملت الشركة التي تسببت بواحدة من أكبر الفضائح العلنية التي تعرضت لها فيسبوك (Facebook) على جمع المعلومات الشخصية لعشرات الملايين من الأميركيين من حساباتهم على فيسبوك في محاولة للتأثير على تصويتهم في الانتخابات، ويضيف قائلاً إن ظهور فضيحة جديدة مسألة وقت لا أكثر.

اقرأ أيضاً: كيف أسهم تشات جي بي تي في نشر ثقافة الذكاء الاصطناعي؟

ما يحتاج الأميركيون إلى فهمه حول فلسفة الاتحاد الأوروبي في حماية البيانات: يقول فيفيوروفسكي: “يتعلق النهج الأوروبي بهدف استخدام البيانات، وعند تغيير هدف استخدام البيانات بما يخالف المعلومات التي تعلنها للعموم على وجه الخصوص، فهذا انتهاك للقانون”. ولنأخذ كامبريدج أناليتيكا مثالاً؛ لم تكن عملية جمع البيانات أكبر مخالفة قانونية ارتكبتها، بل ادعت أنها تجمع البيانات لأغراض واستقصاءات علمية، واستخدامها هذه البيانات بعد ذلك لأغراض أخرى وبناء توصيفات سياسية شخصية للمستخدمين بصورة رئيسية. وهذه هي الحجة التي طرحتها هيئات حماية البيانات في إيطاليا، التي فرضت حظراً مؤقتاً هناك على تشات جي بي تي، وتقول إن أوبن أيه آي جمعت البيانات التي رغبت باستخدامها بصورة مخالفة للقانون، ولم تخبر الناس عما ستفعله بهذه البيانات.

هل يؤدي التنظيم إلى إعاقة الابتكار؟ هذا أحد الادعاءات الشائعة التي يطرحها أنصار التكنولوجيا. يقول فيفيوروفسكي إن السؤال الحقيقي الذي يجب أن نطرحه هو التالي: هل نحن واثقون من رغبتنا في منح الشركات التكنولوجية إمكانية الوصول إلى بياناتنا الشخصية دون أي قيود؟ فيفيوروفسكي: “لا أعتقد أن التنظيم يعوق الابتكار فعلياً، وكل ما تسعى الهيئات إلى فعله هو جعل الابتكار أرقى”. فاللائحة العامة لحماية البيانات لا تقتصر على حماية البيانات الشخصية فقط، بل تجارة البيانات وحرية تدفقها عبر الحدود.

اقرأ أيضاً: ما تأثير ثورة تشات جي بي تي على الاقتصاد؟

معاناة الشركات التكنولوجية

ليست أوروبا الكيان الوحيد الذي يشدد رقابته على الشركات التكنولوجية. وكما أوردتُ منذ فترة وجيزة، يعمل البيت الأبيض على صياغة قواعد للمسؤولية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، كما وصل الأمر بهيئة التجارة الفيدرالية إلى مطالبة الشركات بحذف خوارزمياتها وأي بيانات قامت بجمعها بصورة مخالفة للقانون، كما حدث مع شركة ويت واتشرز (Weight Watchers). ويقول فيفيوروفسكي إنه يشعر بالسعادة لدعوة الرئيس بايدن الشركات التكنولوجية إلى تحمل درجة أعلى من المسؤولية عن سلامة منتجاتها، وينظر بإيجابية إلى توجه السياسة الأميركية نحو التقارب مع الجهود الأوروبية للوقاية من مخاطر الذكاء الاصطناعي، وتحميل الشركات مسؤولياتها عن الأضرار، ويقول: “قالت إحدى أهم الشخصيات في سوق التكنولوجيا: تتجسد معاناة الشركات التكنولوجية باجتماع التشريع الأوروبي مع إجراءات فرض القوانين الأميركية”.