تعرّف على الكاتبة المصرية الأميركية ليلى أحمد وأعمالها حول المرأة والإسلام

3 دقائق
ليلى أحمد.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

نشأتها وتعليمها
وُلدت ليلى أحمد في حيّ هليوبوليس في العاصمة المصرية، القاهرة. وعندما كانت طفلة صغيرة، تعرّفت عن طريق أمّها وجدّتها على الإسلام، الذي سيكون له دور جوهري في حياتها المهنية فيما بعد. 

في عام 1952، أتى جمال عبد الناصر إلى السلطة في مصر عقب ثورة 23 يوليو، معلناً عن بداية مرحلة القومية العربية. أحدثَ هذا الأمر تغييراً جذرياً في حياة عائلة ليلى؛ حيث فقد والدها وظيفته بسبب معارضته لمشروع السدّ العالي بأسوان في عهد عبد الناصر. كان والدها مهندساً مدنياً ولم يكن مقتنعاً بذلك المشروع، ولكن مع الانتشار السائد لفكرة القومية، تم اعتبار معارضته شكلاً من أشكال الخيانة. ونتيجة لذلك، بدأ التضييق عل الأسرة، وكاد أن يقضي تقريباً على فرصة ليلى في تحقيق حلمها بالدراسة في الخارج.

أدّت الثورة أيضاً إلى إرغام ليلى على إعادة تقييمها لهويتها؛ حيث كانت تتساءل عن أصدقائها اليهود والمسيحيين الذين أصبحوا مختلفين وفق تلك القومية العربية الناشئة. وأصبح يُنظر إلى أسرة ليلى كذلك على أنها مختلفة بسبب اهتمامها بالأفكار الغربية حول الثقافة والتعليم. ومن الأمثلة القاسية على ذلك كان تعرّض ليلى لصفعة من مدرّسها الفلسطيني لأنها عرّفت عن نفسها بأنها مصرية وليس بأنها عربية.

خلال الستينيات، التحقت ليلى بجامعة كامبريدج، وكانت قد التحقت قبل ذلك بالمدارس الغربية الناطقة باللغة الإنجليزية في القاهرة، وعانت من تناقض صارخ في المشاعر؛ حيث كانت تثمّن تعليمها الأوروبي، ولكنها واجهت العنصرية من مدرّسيها البريطانيين. استمر هذا التناقض خلال دراستها في جامعة كامبريدج، حيث كانت تدرك دائماً اختلافها عن الآخرين. أصيبت بالإحباط من وجهات النظر السابقة حول الثقافة العربية التي كان يُبديها زملاؤها، لكنها كانت مرتابة أيضاً بخصوص أفكار الاشتراكية والقومية التي تبنّاها بعض زملائها الأميركيين والأوروبيين، بعد أن عانت من آثارها المقيّدة في مصر. وفي إنجلترا، تمكّنت أخيراً من موازنة أفكارها، في منطقة وسطى بين التطرّف والإفراط في التساهل. 

حصلت ليلى على درجة الدكتوراه من جامعة كامبريدج، وأصبحت في عام 1981 أستاذة دراسات الشرق الأدنى بجامعة ماساتشوستس في أمهرست. وفي عام 1999، أصبحت أول أستاذة لدراسات المرأة في الدين في كلية الإلهيات بجامعة هارفارد، حيث تدرّس في الوقت الحالي.

أفكارها وأعمالها
كان لِما واجهته الدكتورة ليلى في بناء هويتها أثناء انتقالها بين الحدود الاجتماعية والثقافية تأثير قوي على عملها؛ حيث عايشت كلاً من الثقافتين العربية والغربية بتجارب مختلقة غذّت أعمالها وأجبرتها على تقديم تحليلات متوازنة وحساسة في كتبها، التي لا تقوم فيها بتسليط الضوء على ما هو صواب أو خطأ، بل تصف المواقف المعقدة بطرق مختلفة وتُظهر إمكانية وجود إجابات متعددة لكل سؤال.

وبعد أن نشرت كتاباً في عام 1978 عن إدوارد لين، وهو مستشرق عاش في القرن التاسع عشر وتمّت إدانة أفكاره من قبل العديد من القوميين العرب، ركّزت ليلى بشكل أساسي في أعمالها على النوع الاجتماعي والإسلام؛ إذ درست على وجه التحديد دور المرأة في العالم الإسلامي وحاربت الصور النمطية عنها، سواء في الدول الإسلامية أو غير الإسلامية.

وفي عام 1992، تتوّجت تجاربُ ليلى الشخصية والأكاديمية بنشرها كتاب “المرأة والنوع الاجتماعي في الإسلام”، وهو عمل بحثي رائد وشامل حول تاريخ النوع الاجتماعي في العالم العربي وآثاره على الحركات النسوية العربية الحديثة. جمعت ليلى في هذا الكتاب بين الدراسة الشاملة للتاريخ الإسلامي والفهم المنطقي لقضايا العصر الحديث لتقديم مناقشة متوازنة حول دور النوع الاجتماعي في الإسلام. وتتبّعت كيفية معاملة النساء في المنطقة العربية منذ بدايات الإسلام في القرن السابع الميلادي وحتى الشرق الأوسط الحديث. وتواصل أيضاً محاربة وجهات النظر الخاطئة حول النساء في الإسلام، والقوالب النمطية الغربية حول بدائية الثقافة الإسلامية. كما قامت ليلى بمناقشة مستفيضة للحجاب كرمز له تاريخ معقّد، بحيث أصبح يمثل الجدل الحالي حول النوع الاجتماعي. 

تواصل ليلى في كتابها الأخير بعنوان “ممرّ الحدود” دراستها عن النساء والإسلام والغرب، لكن بأسلوب يتناقض بشدّة مع أعمالها السابقة. يعدّ الكتاب سرداً شخصياً لحياتها وقضايا الهوية التي واجهتها أثناء انتقالها بين الثقافات.

إرثها ومساعيها
كان لأعمال الدكتورة ليلى أهمية كبيرة في دراسة الآراء الإسلامية تجاه المرأة. وكانت قد أصيبت بالذهول عندما ذهبت إلى الولايات المتحدة لتجد أن الكثير من النسويات المثقفات ليس لديهنّ أدنى فكرة عن حياة النساء المسلمات. وأصبح نشر تصوّر دقيق عن الدين وعلاقته بالمرأة أمراً ذا أهمية خاصة بالنسبة لها؛ لأنها تحدّت الجهل بالإسلام في العالم الغربي. رأت ليلى أن غير المسلمين في الغرب -وخاصة في الولايات المتحدة- يركّزون بشدة على تعدّد الزوجات والحجاب وختان الإناث، وأنهم لا يعرفون سوى القليل عن الإسلام خارج هذه المواضيع. هذه النظرة القاصرة للإسلام هي ما حرصت ليلى على تغييرها.

في عام 2013، حصلت ليلى على جائزة جراويمير في علوم الدين من جامعة لويفيل عن تحليلها لقضية حجاب النساء المسلمات في الولايات المتحدة. وتحمل على عاتقها مواصلة مهمّتها في تصحيح المفاهيم الخاطئة حول الإسلام.