كيف يمكن للحرارة الناجمة عن الشمس أن تساعد في تنظيف صناعة الفولاذ والإسمنت

3 دقائق
موقع شركة هيليوجين للطاقة الشمسية الحرارية في مدينة لانكستر بولاية كاليفورنيا.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

على مر السنين، تعهّدت مختلف الشركات الناشئة والمجموعات البحثية بالتوصّل إلى محطات للطاقة الشمسية الحرارية، التي تستخدم مجموعة كبيرة من المرايا لتركيز أشعة الشمس وتوليد الكهرباء من الحرارة الناتجة. لكن هذ المجال قد واجه المعاناة في إنتاج طاقة رخيصة والحصول على موطئ قدم في السوق، حتى مع الانخفاض الكبير في أسعار ألواح الطاقة الشمسية.

ومع ذلك، لا يزال رائد الأعمال التسلسلي بيل جروس أحد المؤمنين المخلصين بهذه التكنولوجيا. إذا قام جروس -رئيس حاضنة آيديالاب Idealab والمدير التنفيذي لشركة إي سولار eSolar الحرارية الشمسية السابقة- بالإعلان عن مشروع يتخطى الجانب الكهربائي ويستخدم الحرارة بشكل مباشر في العمليات الصناعية.

كما أن شركة هيليوجين Heliogen تخطط للوصول إلى درجات حرارة أعلى من التي توصلت إليها المحطات التجارية السابقة، أي ما يكفي من الحرارة لإنتاج أشياء مثل الإسمنت والفولاذ والهيدروجين. ويتمثل الأمل في أن تتمكن هذه الطاقة الشمسية الحرارية من أن تحلّ محلّ الوقود الأحفوري المطلوب عادةً لتشغيل التفاعلات اللازمة، مما يقلل من انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة خلال هذه العملية.

وإذا تمكنت هذه التكنولوجيا من العمل على النحو المأمول، فسيمكنها أن توفر حلاً لإحدى المشاكل الأساسية في معضلة إزالة الكربون؛ فقد كشف تقرير صدر في شهر أكتوبر عن مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا أن حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الحرارة اللازمة للعمليات الصناعية يؤدي إلى إنتاج حوالي 10٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، أي أكثر من كل السيارات في العالم.

ومع ذلك، ستكون هناك قيود على الأماكن والآليات التي يمكن من خلالها تطبيق هذه التكنولوجيا. إذ لا تعمل محطات الطاقة الشمسية المركّزة بشكل عام إلا في المناطق المشمسة جداً، ولا يمكن نقل الحرارة لمسافات طويلة. لذلك قد تضطر الشركات الصناعية التي ترغب في الاستفادة من هذه العملية إلى بناء مصانع جديدة بالقرب من هذه المنشآت الحرارية الشمسية، أو العكس.

ويقول خوليو فريدمان، الباحث البارز في مركز سياسة الطاقة العالمية والمعدّ الرئيسي للتقرير: “لا يكون وسط الصحراء عادة مركزٌ صناعيٌّ”.

ولا يزال يتعيّن على شركة هيليوجين -التي تتخذ من مدينة باسادينا بولاية كاليفورنيا مقراً لها- إثبات أن تعمل التكنولوجيا بالطريقة التي تدّعيها وبتكاليف تنافسية. وقد وظّفت الشركة حوالي 25 شخصاً، لكنها ترفض الكشف عن حجم الأموال التي جمعتها.

تُنتج المحطات الحرارية الشمسية التقليدية درجات حرارة تقل قليلاً عن 600 درجة مئوية لتسخين بعض الأوساط مثل الملح المذاب. وهذا بدوره يستخدم لتحويل الماء إلى بخار، الذي يدير المحركات التي تولّد الكهرباء.

وتتمثل تقنية شركة هيليوجين في استخدام الكاميرات عالية الدقة وبرامج الرؤية الحاسوبية لإجراء تعديلات صغيرة على كل مرآة من مراياها، مما يؤدي إلى توجيه كل شعاع شمسي إلى نقطة مفردة صغيرة.

وقد قامت الشركة بالفعل ببناء محطة صغيرة للطاقة الشمسية الحرارية في مدينة لانكستر بولاية كاليفورنيا، وتمكّنت من إنتاج درجات حرارة تصل إلى أكثر من 1000 درجة مئوية. يقول جروس إنها المرة الأولى التي يتم فيها بلوغ درجة حرارة مثل هذه في المنشآت التجارية، ويعلن البيان الصحفي بأنه “إنجاز علمي استثنائي”. لكن المراقبين يشيرون في هذا المجال إلى أن هناك مجموعات تجارية وبحثية أخرى توصّلت إلى درجات حرارة مماثلة، في تجارب محدودة على الأقل، وأن الجزء الأكثر تعقيداً بكل الأحوال هو تطوير أنظمة يمكنها تحمّل الحرارة والاحتفاظ بها ونقلها.

تقول شركة هيليوجين بأنه يمكنها استخدام أوساط متعددة، بما فيها جزيئات السيراميك لنقل الحرارة إلى الأماكن التي تتم فيها العمليات الصناعية. ومع ذلك، يمكن تسخين بعض العمليات ذات الخطوة الواحدة -مثل تصنيع الكلس- في الموقع مباشرة بواسطة المرايا الشمسية.

ولكن ستحتاج هذه الشركة الناشئة أيضاً إلى الوصول إلى درجات حرارة أعلى من 1000 درجة مئوية (والاحتفاظ بها) لتنفيذ بعض التطبيقات التي تذكرها. وتعمل أفران صهر الفولاذ بدرجة 1100 درجة مئوية تقريباً، بينما تعمل أفران الإسمنت بدرجة 1400 درجة مئوية تقريباً، كما يشير مركز سياسة الطاقة العالمية. وتقول شركة هيليوجين إن تفكيك الماء لإنتاج الهيدروجين يتطلب درجات حرارة تصل إلى 1500 درجة مئوية.

ويقول جروس بأن هذه التكنولوجيا “تمكِّننا من تحقيق ذلك تماماً”، وأن الشركة ستعمل على تحقيق هذا الهدف العام المقبل. لكن خريطة الطريق التكنولوجية لا تمثل إثباتاً لذلك.

إضافة إلى ذلك، فإن الهيدروجين -الذي يُشتق عادةً من الغاز الطبيعي- يتم استخدامه في مجموعة متنوعة من العمليات الصناعية، بما فيها إنتاج الأمونيا للأسمدة، وبالتالي فإنَّ إنتاج هذا الهيدروجين بطريقة نظيفة يمكن أن يخفض من كمية الانبعاثات في هذه القطاعات، أو أن يعمل كوقود بشكل مباشر، أو يمكن دمجه مع ثاني أكسيد الكربون لإنتاج المزيد من أنواع الوقود كثيفة الطاقة.

وبالنظر إلى القيود الجغرافية، يقول فريدمان إن من غير المرجح أن تحلّ الطاقة الشمسية الحرارية محلّ العمليات الصناعية الحالية في الوقت القريب. ولكنها يمكن أن توفر بديلاً منخفض الانبعاثات لتحقيق نمو إضافي في هذه القطاعات، لا سيما في المناطق ذات السياسات المناخية القوية، كما يقول.