صخرة على شكل رجل الثلج تقدم لنا درساً في تشكّل الكواكب

3 دقائق
صورة التقطها نيو هورايزنز لأروكوث أثناء مروره قربه.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أروكوث هي صخرة حمراء غريبة تبعد عنا حوالي 6.6 مليار كيلومتر ضمن حزام كايبر، وقد اختارها العلماء لتكون هدفاً لمسبار ناسا نيو هورايزنز بعد مهمة بلوتو والذي اقترب منها مع مطلع هذا العام. فما هي المعلومات التي باحت بها للعلماء حتى الآن؟

بعد أن نجح مسبار نيو هورايزنز من ناسا في المرور قرب بلوتو في 2015، توجّب اتخاذ قرار حول وجهته التالية. وبعد دراسة دقيقة، اختار العلماء أروكوث (ألتيما ثيول سابقاً وتقع ضمن حزام كايبر)، وهي صخرة حمراء غريبة مزدوجة الفص تبعد حوالي 6.6 مليار كيلومتر عن الأرض.

تفتقر أروكوث إلى غلاف جوي وبنية جيولوجية متنوعة، ولكنها تعوض عن ذلك بشكلها المضحك الذي يوحي برجل ثلج كوني (يبلغ طولها حوالي 35.4 كيلومتر، وعرضها حوالي 19 كيلومتر، وسماكتها حوالي 10 كيلومتر)، أي أنها مسطحة بعض الشيء مثل زوج من الفطائر المحلاة. وبسبب بنيتها الغريبة، فإن دورانها وحقلها الثقالي غير مألوفين. يقول ويليام ماكينون، وهو عالم كواكب في جامعة واشنطن في سان لويس: “إنها لا تبدو مثل أي جسم آخر رأيناه على الإطلاق”. أجمع العلماء على أن أروكوث أكثر إثارة للاهتمام مما كانوا يعتقدون سابقاً. وفي الواقع، فإن قصة ولادتها قد تعبر عن كيفية تشكل بقية النظام الشمسي.

حلق مسبار نيوهورايزنز قرب أروكوث بسرعة تفوق 51,000 كيلومتر في الساعة في رأس السنة الميلادية الماضية. واقترب لمسافة 3,500 كيلومتر من الصخرة. وتضمنت ثلاث دراسات جديدة نُشرت في مجلة Science مؤخراً تحليلاً للبيانات التي جُمعت أثناء المرور لاكتشاف كيفية تشكل أروكوث، وبالتالي كيفية تشكل الكواكب المصغرة الأخرى (وهي العناصر الأساسية في بناء الكواكب) في النظام الشمسي.

عموماً، كانت هناك نظريتان عن تشكل الكواكب المصغرة. تسمى الأولى بالالتصاق التراتبي، حيث تصطدم الأجسام الصغيرة ببعضها البعض بسرعات عالية حتى تشكل شيئاً أكبر. أما الثانية فهي الانهدام السحابي الموضعي، حيث تنهدم تراكيز موضعية من المادة ثقالياً على بعضها حتى تشكل كتلة أساسية أو أكثر، وبسرعات منخفضة.

تركز كل من الدراسات الثلاث على نواحي مختلفة من أروكوث، فالأولى تتعمق في بنيتها الجيولوجية وخصائصها الجيوفيزيائية، والثانية تعنى بدراسة المواد التي تتألف منها، أما الثالثة فتدرس احتمالات تشكلها. ولكن هذه الدراسات تدعم -مجتمعة- نظرية الانهدام السحابي الموضعي. يقول آلان ستيرن، وهو عالم كواكب في معهد ساوث ويست للأبحاث وقائد بعثة نيو هورايزنز: “لقد حسمنا الجدل الذي امتد لعدة عقود حول كيفية تشكل الكواكب المصغرة”. ويضيف أن حل هذا الجدل “ليس بالشيء الذي كنا نتوقعه من هذه البعثة، ولكنه يبدو غير قابل للجدل”.

استخدم ماكينون وفريقه البيانات الجديدة لإجراء عمليات محاكاة لدراسة أفضل النماذج لكيفية تشكل أروكوث، وتدعم هذه النتائج، وبقوة، هذا النمط من تطور الكواكب المصغرة، وتشير إلى أن فصي أروكوث تكونا بشكل مستقل من انهدام نفس السحابة من المواد، وهو سبب اللون المتناسق. وبعد أن تشكل الجسمان في نفس المنطقة، بدءا بالدوران حول بعضهما البعض لفترة طويلة، والتقيا في نهاية المطاف في اندماج لطيف حدث على الأرجح بسرعة بضعة كيلومترات في الساعة وحسب. يقول ماكينون: “على الأرجح، حصلنا على قصة جيدة جداً لأروكوث، ولكن لا يوجد ما يدعونا للاعتقاد بعدم وجود قصص أخرى. ولكننا نعتقد أنه يمكن أن نعممها بشكل جيد على باقي النظام الشمسي”.

تشير الدراسات الجديدة أيضاً إلى التالي:

– الفصان أكثر استدارة مما اعتقدناه بعد رؤية الصور الأولية.

– يؤكد السطح الأملس، والذي يفتقر إلى الشقوق وعلامات الإجهاد، إلى أن الصخرة تشكلت في سرعات منخفضة.

– يشير عدد الحفر السطحية إلى أن أروكوث تشكلت منذ أكثر من 4 مليارات سنة، عندما تشكل النظام الشمسي.

– هناك جزيئات عضوية معقدة على السطح، وهي ظاهرة شائعة بين الكثير من الأجسام في النظام الشمسي.

– هناك آثار من جليد الميثانول على السطح، ولكن كيفية وصوله إلى هناك ما زالت لغزاً غامضاً، نظراً للغياب المفاجئ للماء.

سيحتاج الباحثون إلى سنة أخرى لاستكمال تحميل وتحليل جميع البيانات التي جمعها نيو هورايزنز خلال المرور قرب أروكوث. وفي هذه الأثناء، يقول ستيرن أن نيو هورايزنز في حالة ممتازة، وقد تبقى فيه حوالي ثُمن كمية الوقود، ومن المرجح أن المسبار ما زال قادراً على تنفيذ عملية مرور إضافية.

على مدى عدة سنوات مقبلة، وخلال فصل الصيف عندما تكون ظروف الرصد مثالية، سيستخدم فريق البعثة بعضاً من أضخم التلسكوبات على الأرض لتحديد أفضل الأهداف التي سيُرسل نيو هورايزنز إليها. يقول ستيرن: “لقد بدأنا بهذه العملية منذ الآن، ونشعر بحماس كبير إزاء ما سيحدث”.