شريحتان إلكترونيتان تُعيدان قدرة رجل مشلول على المشي

2 دقائق
شريحتان إلكترونيتان تُعيدان قدرة رجل مشلول على المشي
حقوق الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية. تصميم: مهدي أفشكو.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

طوَّرت مجموعة من جراحي الأعصاب في مستشفى جامعة لوزان في سويسرا وجامعة لوزان والمعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في لوزان، جسراً رقمياً يُعيد الاتصال المقطوع بين الدماغ والحبل الشوكي لاسلكياً، ما ساعد رجلاً مصاباً بالشلل على الوقوف والمشي وصعود السلالم، وذلك بحسب النتائج الموضحة في دراسة منشورة في دورية نيتشر العلمية.

اقرأ أيضاً: ما حقيقة الشرائح الإلكترونية التي تُزرع في الدماغ؟

شريحتان إلكترونيتان في جسد مصاب بالشلل تُعيدان له الحركة 

تعرّض الهولندي «جيرت يان أوسكام» البالغ من العمر 40 عاماً لحادث دراجة عام 2011، تسبب في كسر رقبته، وأدّى إلى قطع جزئي في النخاع الشوكي. 

بهدف علاجه، خضع المريض لعمليتين جراحيتين تم فيهما زرع شريحتين إلكترونيتين؛ الأولى في النخاع الشوكي والثانية في الدماغ. تم تطوير هذه الغرسات من قِبل لجنة الطاقة الذرية الفرنسية.

منذ خمس سنوات، زُرِعت الشريحة الأولى فوق الجزء الذي يتحكم في الساقين من الحبل الشوكي. استطاع «أوسكام» منذ ذلك الحين تنشيط خطواته من خلال تحريك كعب القدم بحركات صغيرة، وكان قادراً على ذلك لأن الحبل الشوكي لديه ليس مقطوعاً بالكامل. اكتشفت المستشعرات هذه الحركات، ما حفّز الغرسة الإلكترونية على القيام بخطوة نصف آلية منسقة بواسطة الخلايا العصبية في النخاع الشوكي القَطني.

اقرأ أيضاً: غرسة روبوتية توفّر علاجاً لمرضى الصرع

ثم خضع منذ عام 2021 لجراحة أخرى تم فيها زرع الشريحة الثانية، فقد تمت إزالة قرص دائري من عظم الجمجمة بقطر 5 سنتيمترات تقريباً فوق منطقة الدماغ المسؤولة عن التحكم في حركات الساق، واستُبدلت بالشريحة الإلكترونية التي يمكنها فك شيفرة الإشارات الكهربائية المتولدة عند التفكير في المشي. 

بالإضافة إلى ذلك، يضع المريض جهاز استقبال يشبه الخوذة على رأسه، يرسل إشارات إلى حاسوب محمول في حقيبة ظهر يضبط عمل الغرسات.

تُصلِح هذه الغرسات الاتصال المقطوع بين الدماغ ومنطقة الحبل الشوكي التي تتحكم في الحركة عن طريق تحويل الأفكار إلى أفعال. وهذا ما تمكن منه المريض بعد دقائق قليلة من الجراحة. يؤدي النظام أيضاً مجموعة متنوعة من حركات الوركين والركبتين والكاحلين.

تدرّب المريض طويلاً بعد ذلك حتى أصبحت لديه القدرة على الوقوف من وضع الجلوس والمشي في طريق غير مستوٍ وصعود السلالم، ويقول: “سيبدأ التحفيز بمجرد أن أفكر في مشي خطوة” ومن ثم انتقل إلى منزله، وبقي قادراً على المشي دون إشراف طبي بعد عام من عمليات الزرع. 

اقرأ أيضاً: امرأة تخضع لتجربة غرسة دماغية ترسل نبضات كهربائية عندما تشعر بالاكتئاب

كيف يعمل الجسر الرقمي المُعالِج للشلل؟

يراقب الباحثون منذ عقود إشارات الدماغ وأنماطها على الحاسوب لتحديد أنماط البيانات التي تشير إلى نية الشخص بتحريك أطرافه. 

ومن هذه البيانات، طوّروا الغرسات التي تستخدم “الذكاء الاصطناعي التكيفي” لتحديد الحركة التي يفكر فيها المريض من الدماغ في الوقت الفعلي، ومن ثمَّ يحوّلها إلى تسلسلات من التحفيز الكهربائي نحو الحبل الشوكي، الذي ينشط عضلات الساق ويحفّز الحركة المرغوبة.

ثم عملوا على تدريب النموذج الحاسوبي بعناية على التقاط الإشارات المهمة التي تظهر عندما يفكر المريض في حركة عضلية محددة للغاية.

لم يتمكن المريض من الحركة في أثناء عمل الجهاز فقط، بل تحسّنت قدراته الحسية ومهاراته الحركية حتى عندما يكون الجسر الرقمي مغلقاً، وبذلك استطاع السير باستخدام عكازتين لمسافة قصيرة، وهذا يدل على أن هذه التقنية والتمرين المتكرر عززا نمو وصلات عصبية جديدة.

يعد أوسكام المريض الأول الذي اختُبرت هذه التقنية عليه، ويأمل الباحثون بأن يتمكن المريض من استعادة وظائف الذراع واليد في المستقبل بمساعدة التقنية. وبالتأكيد يأملون أيضاً بأن يعالجوا العديد من الأشخاص المصابين بالشلل بسبب الحوادث، أو المصابين بالسكتات الدماغية. 

اقرأ أيضاً: هيكل خارجي يتمكن من إعادة قدرة رجل مشلول على المشي

تبقى العقبة الحالية التكلفة العالية لتطبيق التقنية، لكن الآثار بعيدة المدى المترتبة على تطبيقها على مرضى الشلل تشجّع على تطويرها.