كيف سيطرت منغوليا على انتشار فيروس كورونا؟

3 دقائق
مصدر الصورة: غيتي إيميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تشترك منغوليا في أطول حدود برية مع الصين، ولكن استجابتها المبكرة ذات المركزية الصارمة كانت فعالة للغاية، لدرجة أن الوباء لم يؤد إلى أية وفيات في هذه البلاد التي يحيطها البر من جميع الجهات. ويقدم مسؤول في الصحة العامة -كان في ما مضى ضابطاً برتبة عقيد في الجيش- شرحاً عن تطبيق منغوليا لنظام صارم من الحجر الصحي والاختبارات المكثفة في ظل حالة الطوارئ.

سمعنا لأول مرة عن انتشار فيروس جديد في الصين في وقت قريب من رأس السنة الميلادية. وفي 10 يناير، أصدرنا أول توجيه عام، طالبين من الجميع في منغوليا ارتداء الكمامات.

ويجب أن نعترف هنا أن نظامنا الصحي ليس جيداً للغاية. ولهذا، شعر المسؤولون بخوف كبير من كوفيد-19. وعلى سبيل المثال، ليس لدينا الكثير من أجهزة التنفس الصناعي. لقد كنا قلقين للغاية من الوصول إلى حالة العجز عن تحديد مصادر الإصابات، ولو لمرة واحدة، فسوف يكون الوضع كارثياً بالنسبة لنا. وقد فكر الجميع بضرورة الاستعداد قبل تفشي الوباء. أما السبب الآخر الذي دعانا إلى التركيز على حماية المجتمع فهو أن حدودنا البرية مع الصين هي الأطول في العالم -يبلغ طولها نحو 4,600 كيلومتر- إضافة إلى التدفق البشري المتواصل من الصين إلى منغوليا بهدف التعلم والأعمال.

0 هو عدد الوفيات الناجمة عن كوفيد

حتى 17 أغسطس، 2020.

المصدر: لوحة المعلومات من منظمة الصحة العالمية

على الرغم من ضخامة منغوليا، فإن عدد سكانها صغير، ولا يتجاوز 3.2 مليون نسمة. ونظراً للمناخ القاسي والجاف والبارد في منغوليا، فنحن نعاني كل سنة من موسم مريع من إصابات الإنفلونزا، يمتد من نوفمبر إلى فبراير، وتشجع وزارة الصحة المواطنين باستمرار من أجل الحفاظ على النظافة الشخصية وغسل اليدين، خصوصاً الأطفال الصغار. ولهذا فإن الكثير من اقتراحاتنا لم تكن جديدة.

 

وقد بدأنا بإجراء الاختبارات منذ يناير. بل بدأنا حتى بإجراء اختبارات عشوائية على مرضى ذات الرئة بحثاً عن أية إصابات بكوفيد-19، ولكن لم نجد أية إصابة. لقد حصلنا على أغلب مجموعات أدوات الاختبار من منظمة الصحة العالمية، بما في ذلك الاختبارات السريعة، وقد تمكنا من توسيع نطاق الاختبارات بسرعة كبيرة.

دافادورج ريندو.
نومين إيردين، باحث في قسم عمليات الأوبئة والطوارئ، المركز الوطني للصحة العامة

وفي فبراير، بدأنا نُعيد المنغوليين الذين يعيشون في الخارج إلى الوطن، وإجراء الاختبارات عليهم.

ولم نكتشف إصابة محلية واحدة منذ 9 مارس. غير أننا اكتشفنا إصابة لدى مواطن فرنسي يعمل في مقاطعة دورنوجوفي الجنوبية. ومنذ ذلك اليوم، بدأت وزارة الصحة بعقد لقاءات لتقديم إحاطات يومية حول الوضع الصحي، للحديث حول الإصابات الواردة من الخارج، والمناطق عالية الخطورة. وبعد أن أعلنا عن اكتشاف هذه الإصابة، أصبح الناس أكثر التزاماً بتوجيهاتنا. ولكننا كنا مستعدين تماماً. وقد كان لدينا ما يكفي من الوقت للاستعداد.

وبالنسبة لذلك المواطن الفرنسي، أجرينا عملية مكثفة لتتبع الاحتكاك، وتمكنا من تحديد 120 شخصاً كانوا قد تعاملوا بشكل أو بآخر مع هذا الشخص. ليست هذه المرة الأولى التي نجري فيها عملية تتبع للاحتكاك، فقد كان جزءاً من أسلوب عمل المركز الوطني للأمراض القابلة للانتقال منذ تأسيسه. ونقوم بعمل مشابه مع الكثير من الأمراض، بما فيها الأمراض التي تنتقل جنسياً.

كما خصصنا خطاً ساخناً للاتصالات المتعلقة بكوفيد على مدار الساعة. لقد تلقى الناس الكثير من المعلومات الخاطئة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي. ومن المعلومات الكاذبة التي انتشرت على نطاق واسع هي أن المنغوليين يتمتعون بما يسمى “مناعة طبيعية” ولن يصابوا بالفيروس؛ وذلك نظراً لنظامهم الغذائي الصحي وأسلوب حياتهم التقليدي البدوي. انتشرت معلومة خاطئة أخرى أيضاً على نطاق واسع، وهي أن الفيروس لا يمكن أن يعيش هنا بسبب المناخ البارد والجاف، وأن وجوده يقتصر على المناخات الدافئة والرطبة. أما اليوم، فإن أغلب الناس من البدو ورعاة المواشي أصبح لديهم أجهزة تلفازية تتصل بالأقمار الاصطناعية وتعمل بالطاقة الشمسية، وبالتالي فإن المعلومات متاحة لهم.

أدى الحجر إلى بعض الآثار الجانبية، مثل انخفاض كبير في الإصابات بالأنفلونزا الموسمية، وذات الرئة (وهي مشكلة كبيرة تتكرر سنوياً)، والأمراض الهضمية والناتجة عن الغذاء.

ما زلنا نشعر بالقلق يومياً، ولكن الناس أصبحوا أقل خوفاً. لقد حل فصل الصيف، وأصبح الجو أفضل. وبدأ الناس يخرجون إلى النزهات وركوب الخيل. وقد أعددنا الكثير من النقاط التي تقوم بفحص درجة الحرارة في الأماكن الترفيهية في الريف. وما زالت الكمامات إلزامية في جميع الأماكن العامة تقريباً، بدءاً من المراكز التجارية وصولاً إلى الصيدليات. ولكننا أدركنا أن ارتداء الكمامة يومياً في المناطق الريفية أمر مستحيل.

لا نعرف كم ستطول حالة الطوارئ. وقد قال بعض من كبار المسؤولين إننا سنغلق الحدود حتى إشعار آخر. لا يمكننا أن نضمن أي شيء؛ ففي اليابان، عاد الفيروس إلى الانتشار فور رفع إجراءات الحجر، وبالتالي لن نخفف منها حتى نهاية هذا الصيف. ولكن المدارس يجب أن تُفتح في سبتمبر، وسنواصل تقديم النصح بضرورة الاستعداد على الدوام، لأن الانتقال واسع النطاق قد يقع في أية لحظة.

تم تكثيف وتعديل هذه المقابلة للتوضيح.