كيف تساعد الروبوتات والذكاء الاصطناعي في تطوير بطاريات أفضل؟

3 دقائق
كيف تعمل الروبوتات مع الذكاء الاصطناعي على تطوير بطاريات أفضل؟
باحثا كارنيغي، أدارش ديف وفينكات فيسواناثان، يعملان مع كليو، الموجود ضمن صندوق مزود بقفازات داخلية، ونظام تحكم بالرطوبة.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في وقت قريب من بداية السنة، استخدام باحثو كارنيغي ميلون نظاماً روبوتياً لإجراء العشرات من التجارب المصممة لتوليد الكهارل التي يمكن أن تزيد من سرعة شحن بطاريات الليثيوم أيون، ما يعني معالجة إحدى أكبر المشكلات التي تعيق انتشار السيارات الكهربائية على نطاق واسع.

نظام كليو الروبوتي لشحن البطاريات

يتألف النظام، الذي يحمل اسم كليو (Clio)، من مجموعة من المضخات ضمامات والتجهيزات المؤتمتة، وقد قام بمزج عدة أنواع من المذيبات والأملاح وغيرها من المواد الكيميائية، وقياس أداء المحلول الناتج وفق المعايير المهمة للبطاريات. وبعد ذلك، تم تلقيم النتائج إلى نظام تعلم آلي، يعرف باسم دراغون فلاي (Dragonfly)، ويعتمد على البيانات لاقتراح تراكيب كيميائية مختلفة يمكن أن تعطي نتائج أفضل.

وفي النهاية، تمكن النظام من إنتاج ستة محاليل كهارل تفوقت في الأداء على كهرل معياري عندما قام باحثو كارنيغي ميلون بوضعها ضمن خلايا تجريبية صغيرة، وذلك وفقاً لورقة بحثية جديدة في المجلة العلمية المحكّمة نيتشر كوميونيكيشنز (Nature Communications). وحقق أفضل كهرل تحسناً بنسبة 13% مقارنة بما يتم استخدامه في أفضل خلايا البطاريات الأساسية. 

إن تطوير كهارل أفضل أمر أساسي في تحسين أداء البطاريات وسلامتها وتكلفتها. وتعتبر البطاريات سريعة الشحن مهمة على وجه الخصوص للسيارات والشاحنات الكهربائية، حيث تجعلها أكثر جاذبية، وتخفف من إزعاج الانتظار الطويل على محطات الشحن.

اقرأ أيضاً: بطاريات الليثيوم-أيون تخطو خطوة كبيرة عبر منتج صغير

في السنوات الأخيرة الماضية، قام الباحثون، وبوتيرة متزايدة، بجمع الأنظمة المؤتمتة مع برمجيات التعلم الآلي، والتي تقوم بكشف أنماط البيانات لتحسين مهام محددة، وتطوير مواد مناسبة بشكل مثالي لتطبيقات معينة. وقد لجأ الباحثون إلى هذه الأساليب لتحديد المواد الواعدة التي يمكن استخدامها في كهارل الحالة الصلبة، والخلايا الكهرضوئية الشمسية، والمحفزات الكيميائية. ظهرت عدة شركات ناشئة للاستفادة التجارية من هذه الطريقة، بما فيها كيميفاي (Chemify) وآيونيكس (Aionics).

لطالما اعتمد الباحثون في مجال اكتشاف المواد على تصميم واختبار الخيارات بطريقة تجمع ما بين الحدس والتخمين المعتمد على المعلومات والتجربة والخطأ. ولكنها عملية صعبة وتستغرق وقتاً طويلاً، بسبب المجموعة الكبيرة من التراكيب والمواد المحتملة، والتي يمكن أن تؤدي بالباحثين إلى الخوض في مسارات لن توصل إلى نتيجة.

اقرأ أيضاً: ما الذي يُنبئ بهيمنة الليثيوم-أيون على تقانة البطاريات لفترة طويلة قادمة؟

وفي حالة مكونات الكهارل، توجد المليارات من احتمالات المزج والتركيب، كما يقول الأستاذ المساعد في كارنيغي ميلون، وأحد مؤلفي البحث المنشور في نيتشر كوميونيكيشنز، وأحد مؤسسي آيونيكس وكبير علمائها، فينكات فيسواناثان. وقد عمل مع مدير معهد ويلتون سكوت للابتكار في مجال الطاقة وأحد كبار مفتشي المشروع، جاي ويتاكر، وباحثين آخرين من كارنيغي، على اكتشاف كيفية الاستفادة من الروبوتات والتعلم الآلي.

وتكمن فائدة الأنظمة مثل كليو ودراغون فلاي في قدرتها على العمل بسرعة مع مجموعة أكبر من الاحتمالات مقارنة بالباحثين البشر، وتستطيع تطبيق ما تتعلمه بطريقة منهجية.

ليس دراغون فلاي مزوداً بأي معلومات حول الكيمياء أو البطاريات، ولهذا فإنه لا ينطوي على الكثير من التحيز في اقتراحاته، باستثناء اعتماده على الباحثين في اختيار المزيج الأول، كما يقول فيسواناثان. وانطلاقاً من هذا الاختيار، يقوم باختبار مجموعة متنوعة من التراكيب، بدءاً من التعديلات الطفيفة على الكهرل الأصلي وصولاً إلى اقتراحات غريبة تماماً، بحيث يتمكن في نهاية المطاف من العثور على مزيج من المكونات التي تقدم نتائج أفضل بكثير مقارنة بهدفه المبرمج.

اقرأ أيضاً: ما الذي يجعل من ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية أمراً لا مفر منه؟

آلية تسريع شحن البطاريات

وفي حالة تجارب البطاريات، كان فريق كارنيغي ميلون يبحث عن كهرل يسرع عملية شحن البطاريات. يساعد محلول الكهرل على نقل الشوارد –أي الذرات التي تمتلك شحنة غير حيادية بسبب فقدان إلكترون أو اكتسابه- على نحو أفضل بين قطبي البطارية. وخلال عملية التفريغ، تنشأ شوارد الليثيوم على القطب السالب، والمعروف باسم المصعد، وتتدفق عبر المحلول نحو القطب الموجب، والمعروف باسم المهبط، حيث تكتسب الإلكترونات. أما خلال عملية الشحن، تنعكس هذه العملية.

ومن المقادير التي يقوم كليو بقياسها ويسعى إلى تحسينها “ناقلية الشوارد”، أي سرعة تدفق الشوارد عبر المحلول، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على سرعة شحن البطارية. 

ولكن الصعوبة الإضافية المقترنة بالكهارل التجارية هي أنها يجب أن تحقق النجاح وفق مجموعة كبيرة من المعايير، مثل العدد الكلي لدورات الحياة، والطاقة الناتجة، والأمان، حيث يمكن أن يؤدي أي تحسين وفق أحد هذه المعايير إلى تراجع وفق معايير أخرى. 

اقرأ أيضاً: شركة ناشئة تسعى لزيادة كمية الطاقة في بطاريات السيارات الكهربائية

وفي الأعمال اللاحقة، يأمل باحثو كارنيغي ميلون بتسريع التجارب الروبوتية، وتحسين أدوات التعلم الآلي، وإجراء تجارب ذات أهداف متعددة، بدلاً من هدف واحد متعلق بالأداء.

أما الهدف الأشمل فهو الاعتماد على الأتمتة والتعلم الآلي في تسريع اكتشاف المجموعة التالية من المواد الثورية، ما يمكن أن يساعد على تحسين البطاريات، وزيادة كفاءة الألواح الشمسية، وغير ذلك، في إطار سعي العالم للتخفيف من الانبعاثات الضارة بالمناخ.