باحثون سعوديون يبتكرون نظام ذكاء اصطناعي يعلق على اللوحات الفنية كما يفعل البشر

2 دقائق
باحثون سعوديون يبتكرون نظام ذكاء صطناعي يعلق على اللوحات الفنية كما يفعل البشر
حقوق الصورة: shutterstock.com/ProStockStudio
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

استطاع باحثون من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية السعودية منح الذكاء الاصطناعي منظوراً أكثر توازناً للأعمال الفنية أثناء تدريب نموذج يمكنه فهم مجموعة كاملة من المشاعر البشرية عند التعليق على تلك الأعمال، مع التقليل من التحيز العاطفي في التسميات التوضيحية التي يتم إنشاؤها حاسوبياً.

من الصعب أن يفهم الذكاء الاصطناعي المشاعر البشرية

تطور الذكاء الاصطناعي في الآونة الأخيرة بشكل مذهل، لكن مازالت مجموعات البيانات التي تربط ما بين الرؤية واللغة والعاطفة محدودة، ما يتسبب في عدم فهمه للجانب العاطفي للذكاء البشري، وما زال تقليد الاستجابة العاطفية البشرية للمنبهات الحسية مثل المشاهد والأصوات صعب المنال، وذلك لأن المشاهد الفنية تثير عواطف بشرية فريدة لا يمكن للذكاء الاصطناعي تجربتها، مثل الهدوء أو الفرح أو الرهبة أو الخوف.

عندما يقّدم الذكاء الاصطناعي تسمية توضيحية لصورة ما، يولّد وصفاً صوتياً طبيعياً لها، بعد معالجة المعلومات المرئية واللغة المرتبطة بها. وحتى يصبح بإمكان الذكاء الاصطناعي تقديم وصف عاطفي لصورة، كما يفعل الإنسان، يستخدم الباحثون في جامعة الملك عبدالله التسميات التوضيحية العاطفية لسد الفجوة بين الذكاء العاطفي البشري والآلة. 

من المعوقات التي تحول دون التعليق العاطفي الموثوق به أيضاً، هي إدخال التحيزات البشرية في مرحلة جمع البيانات. ولا يمكن للآلات اكتشاف التحيزات البشرية أو تدقيقها، وبالتالي فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تدربت على البيانات المتحيزة تُصدر قرارات وآراء متحيزة أيضاً.  

يقول الباحث المشارك في الدراسة “يوسف محمد”: “التحيز جزء لا يتجزأ من التطور البشري، ونتيجة لذلك، فإن مجموعات بيانات التدريب على الذكاء الاصطناعي التي تم شرحها من قبل البشر متحيزة جوهرياً”.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي العاطفي: كيف يمكن لآلة أن تدرك مشاعرنا؟

تحديد المشكلة وحلها

لاحظ فريق الباحثين في جامعة الملك عبدالله هذا التأثير في مجموعة “آرتميس” (ArtEmis)، والتي هي مجموعة بيانات واسعة النطاق لردود الفعل العاطفية على الصور، مرفقة بالتفسيرات اللغوية لهذه المشاعر المختارة، وهي شائعة لتدريب الذكاء الاصطناعي على أوصاف الصور. فقد احتوى 62% من مجموعة البيانات على مشاعر إيجابية بينما كانت 26% منها سلبية ما أدى بأنظمة الذكاء الاصطناعي إلى إنشاء تسميات توضيحية بمشاعر إيجابية بالمجمل.

لمعالجة هذا الأمر، اقترح الباحثون نهجاً متبايناً لجمع البيانات يحقق التوازن بين مجموعة آرتميس ومجموعة بيانات تكميلية جديدة بحيث يكون لزوج من الصور المتشابهة مشاعر متناقضة (أحدهما إيجابي والآخر سلبي).

اقرأ أيضاً: تعرف على الباحثة المصرية رنا القليوبي وعملها بمجال الذكاء الاصطناعي العاطفي

لذلك، أنشأ الباحثون مجموعة بيانات جديدة تضم 260.533 وصفاً للصور لموازنة التحيز، وتم تقديم لوحة للناس، بالإضافة إلى مجموعة من 24 لوحة متشابهة كثيراً، وكان عليهم اختيار اللوحة التي اعتقدوا أنها تشبه الصورة الأصلية إلى حد كبير مع إثارة المشاعر المعاكسة، وكان عليهم توضيح السبب وراء اختيارهم في ثماني كلمات أو أكثر.

ثم قام محمد وزملاؤه بدمج مجموعتي البيانات -مجموعة آرتميس ومجموعة البيانات التي أنشأوها- ، ليحصلوا على مجموعة بيانات مختلفة، أطلقوا عليها اسم “آرتميس 2” (ArtEmis v2.0)، واستخدموهما لتدريب متحدث عصبي؛ وهو أحد أنواع نماذج التعلم العميق، بهدف توليد تعليقات عاطفية. قام المتحدث العصبي الذي تم تدريبه على مجموعة البيانات الجديدة بإنشاء تسميات توضيحية موافقة للتعليقات التي كتبها الإنسان بنسبة 20%، مقارنةً بتلك التي تم إنشاؤها بواسطة النماذج المدربة باستخدام “آرتميس” وحده.

لتوضيح السبب في الحصول على هذه النسبة، يقول محمد: “من المثير للاهتمام أن نهج التباين جعل الناس يهتمون أكثر بالتفاصيل الدقيقة في الفن، ما أدى إلى تسميات توضيحية أفضل بكثير ومجموعة أوسع من المشاعر”.

اقرأ أيضاً: ذكاء اصطناعي معزز بالانفعالات العاطفية لمساندة رواد الفضاء خلال رحلة إلى المريخ

ما الغاية من هذا البحث؟ 

قد يساعد هذا البحث على إنشاء أنظمة ذكاء اصطناعي يمكنها فهم المشاعر البشرية، ما يعزز بالتالي القبول الاجتماعي لها، ويزيد الثقة بآرائها. يقول الباحث “محمد الحسيني” المشارك في الدراسة في هذا الصدد: “يمكن استخدام نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بنا لوصف الجانب العاطفي للأعمال الفنية لذوي الهمم، ما يتيح لهم الاستمتاع بتجارب جديدة”. ويضيف: “نحن ندرس الآن كيف تستجيب الثقافات المختلفة عاطفياً للأعمال الفنية ونأمل في الكشف عن المزيد من أسرار الذكاء البشري”.