تقرير خاص

إطار عمل جديد يبشّر بذكاء اصطناعي موزع أكثر اخضراراً

3 دقيقة
إطار عمل جديد يبشّر بذكاء اصطناعي موزع أكثر اخضراراً
حقوق الصورة: shutterstock.com/metamorworks
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تميل أبحاث الذكاء الاصطناعي إلى التركيز على تحسين دقة خوارزميات الذكاء الاصطناعي، بينما لا تحظى تكاليف الطاقة المتصلة بها بالاهتمام نفسه. وقد تمكن التعاون القائم بين الباحثين في “فيرجينيا تيك” و”إريكسون” ومركز الذكاء الاصطناعي وأنظمة الاتصالات في معهد الابتكار التكنولوجي بدولة الإمارات مؤخراً من اكتشاف طرائق جديدة لتحقيق التوازن الصحيح بين الدقة واستهلاك الطاقة والانضباط للذكاء الاصطناعي الموزع.

حيث ركّز الفريق بشكل خاص على أثر تقنية التكميم، والتي تخلق تمثيلاً أكثر كفاءة لحالة الذكاء الاصطناعي في تحقيق التوازن بين الدقة، واستهلاك الطاقة، وزمن التقارب داخل نظام الذكاء الاصطناعي الموزع. وعلاوة على ذلك، يمكن أيضاً تطبيق إطار العمل الذي ابتكره الفريق لإجراء أنواع أخرى من التحسينات.

يشار إلى أن البحث قد حصل على جائزة أفضل ورقة بحثية في ندوة أنظمة وشبكات الاتصالات الخضراء خلال المؤتمر الدولي للاتصالات 2022 التابع لمعهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات من بين آلاف المشاركات. كما حصل البحث مؤخراً على جائزة أفضل ورقة بحثية في ندوة أنظمة وشبكات الاتصالات الخضراء 2022 التي نظمتها اللجنة الفنية للنقل والنفاذ والنظام البصري التابعة لمعهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات. 

وقال وليد سعد، الأستاذ في قسم الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسوب في “فيرجينيا تيك” الذي شارك في المشروع: “يبشّر هذا البحث بتحسين تطوير تطبيقات ذكاء اصطناعي أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة للأتمتة المنزلية، والروبوتات المستقلة، والطائرات المسيرة“. 

مقايضات الطاقة لتنفيذ تقنيات التعلم الآلي الموحد

وركّز الفريق على مقايضات الطاقة لتنفيذ تقنيات التعلم الآلي الموحد. وهذه مقاربة جديدة واعدة للذكاء الاصطناعي تتعاون فيها أجهزة متعددة على تحسين الخوارزميات لبعضها بعضاً مع الحفاظ على الخصوصية. وكانت “جوجل” رائدة هذه التقنية في عام 2017، والتي يتم استكشافها للسماح للسيارات والطائرات المسيرة والهواتف الذكية بإرسال تمثيل لنموذج الذكاء الاصطناعي بدلاً من إرسال البيانات الأولية نفسها.

وبالمقابل، قد تتسبب هذه التطبيقات بتكاليف طاقة مرتفعة للغاية لأنها تمتد عبر شبكة واسعة من الأجهزة. وأضاف سعد: “أردنا أن نفهم كيف يمكننا تصميم الذكاء الاصطناعي الموزع الأخضر دون التضحية بالدقة”.

مقايضات مختلفة

وأوضح مينسو كيم، مساعد أبحاث الدراسات العليا في قسم الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسوب في “فرجينيا تيك”، الذي شارك أيضاً في البحث، أن هناك العديد من الأساليب لتصميم مقاربات أكثر كفاءة في تنفيذ خوارزميات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، بما في ذلك التكميم والتوزيع وتقطير المعرفة.

فمن خلال التكميم، يجد علماء البيانات طرائق لاستخدام عدد أقل من وحدات البت لتمثيل حالة نماذج الذكاء الاصطناعي، بينما يستخدم التوزيع طرائق أكثر فاعلية لتمثيل التغييرات في الحالة القائمة للشبكات العصبية، كما يستخدم تقطير المعرفة أجهزة حاسوب أكبر لضغط أفضل تمثيلات للعقد الأخرى. وأوضح كيم قائلاً: “تعتبر هذه المقاربات الثلاث أهم التقنيات الأساسية التي نراها لتقليل استهلاك الشبكات العصبية للطاقة في الوقت الحالي”.

ويشار إلى أن الفريق قد قام أيضاً بتحليل الأعمال الأخرى التي تمكنت من إيجاد طرائق وأساليب جديدة لتحسين أداء نظام الاتصالات، مثل قوة الإرسال وعرض النطاق الترددي. وفي نهاية المطاف، قررت المجموعة التركيز على المقايضات مع مقاربات تكميم مختلفة تُظهر الاحتمال الأكبر لتحسين كفاءة الطاقة للذكاء الاصطناعي الموزع الذي يعمل على الأنظمة اللاسلكية مثل الجيل الخامس، على المدى القصير. إذ يقلل التكميم من حجم البيانات لوصف تحديثات نموذج التعلم الآلي، والذي يتطلب طاقة أقل للمعالجة والإرسال، وقد يؤثر هذا أيضاً على دقة النماذج ومقدار الوقت الذي تستغرقه الشبكة العصبية لتقترب من الحل الأمثل.

وقد تعلقت إحدى الرؤى المثيرة بأفضل طريقة للتعبير عن البيانات، إذ كان هناك توجه ثابت نحو تحقيق المزيد من الدقة لتوصيف البيانات من هياكل 16 إلى 32، والآن 64 بت على أجهزة الحاسوب، لكن الفريق وجد أن المزيد من وحدات البت يعني المزيد من استهلاك الطاقة، بالنسبة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي على الأقل. وقال كيم إن تمثيل البيانات باستخدام 32 بت يتطلب من ضعفين إلى ثلاثة أضعاف البيانات التي يتطلبها استخدام 16 بت.

وطوّر الباحثون نموذجاً نظرياً جديداً يمكنه تحديد العدد الأمثل لوحدات البت لتمثيل البيانات بغرض خفض استهلاك الطاقة لتحقيق مستوى معين من الدقة. وقد يساعد هذا في تحقيق التوازن بين الطاقة والدقة وزمن تقارب الشبكة العصبية. فمن الناحية النظرية على الأقل، وجد الباحثون طرائق لتقليل استهلاك الطاقة بمقدار النصف. ومن الناحية العملية، سيؤدي هذا على الأرجح إلى تحسن بنسبة 10-20% في التطبيقات العملية، حسب رأي وليد.

تحفيز البحوث الجديدة في مجال الذكاء الاصطناعي اللامركزي

قد يساعد هذا البحث في تحسين استهلاك الطاقة اللازمة لتشغيل التطبيقات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي على الهواتف الذكية والسيارات والطائرات المسيرة. وقال وليد: “يمكن أن يساعد ذلك في إطالة عمر الهاتف الذكي أو السيارة ذاتية القيادة، بحيث لا يستهلكان الكثير من الطاقة”.

وهذا يسلط الضوء على حاجة الباحثين إلى النظر في جميع جوانب تصميم الهيكل الجديد للذكاء الاصطناعي مع أخذ الشبكات اللاسلكية بعين الاعتبار. كما يجب على الباحثين النظر في دور كل جانب من جوانب التصميم في تقليص الدقة إلى المستويات المقبولة، ما يزيد من كفاءة الطاقة الإجمالية.

وقال وليد: “يمثل هذا خطوة أولى نحو فهم كيفية التحكم في هياكل الأجهزة المختلفة وموازنة الطاقة والدقة وزمن التقارب”. ويتوقع وليد أن يعمل البحث في المستقبل على استكشاف المقايضات المتعلقة بتحسين الخصوصية مع هذه العوامل الأخرى، وهذا قد يفيد التطبيقات الحالية للتعلم الموحد بشكل مباشر، مثل تطبيق جي بورد Gboard من “جوجل”، والذي يستخدم التعلم الموحد في تحسين لوحة المفاتيح التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، في حين أن الأمر قد يستغرق من 5 إلى 10 سنوات أخرى حتى يتم تبني هذه الأفكار لمزيد من حالات الاستخدام الحرجة على مستوى السلامة مثل السيارات ذاتية القيادة.

وأوضح وليد قائلاً: “يمثل هذا خطوة أولى نحو فهم المقايضات وكيفية تقليص هيكل التعلم الموحد، وهي خطوة مهمة تبين دور الباحث في فحص التأثير الأخضر للذكاء الاصطناعي في التعلم الموزع عبر الأنظمة اللاسلكية، وكيفية تداخل ذلك مع الدقة والتقارب”.