تعرف على الباحث المصري رشدي راشد ودوره في إعادة الاعتبار لعلماء الحضارة العربية والإسلامية

2 دقائق
مصدر الصورة: philosophersandmathematics.wordpress.com
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

النشأة والدراسة

ولد رشدي حفني راشد في مدينة القاهرة عاصمة مصر سنة 1936، ودرس فيها حتى حصوله على درجة الإجازة من جامعة القاهرة سنة 1956 (أي عندما كان يبلغ من العمر 20 سنة فقط) بتخصصٍ في مجال الفلسفة، ومن ثم سافر إلى فرنسا ليتابع دراساته العليا هناك، حيث درسَ أولاً الرياضيات في جامعة باريس، وحصل منها على درجة الدبلوم وأتبعها بإتمامه لدرجة دكتوراه الدولة بتخصصٍ في تاريخ الفلسفة والرياضيات من جامعة باريس.

المسيرة العلمية والبحثية

بعد إتمامه لدرجة الدكتوراه، عمل رشدي راشد لمدة سنتين مدرساً في جامعة هومبولت الألمانية العريقة في برلين، وما لبث أن عاد مرةً أخرى إلى فرنسا لينضم إلى المركز الوطنيّ للبحوث العلمية (CNRS) عام 1965 الذي قضى فيه معظم مسيرته العلمية، وهو يشغل حالياً منصب المدير الشرفيّ (بدرجة تميز) في نفس المركز.

أشرف راشد على العديد من البرامج العلمية الهامة المتعلقة بنظرية المعرفة وتاريخ العلوم؛ إذ شغل منصب مدير برنامج دكتوراه نظرية المعرفة في جامعة باريس السابعة (جامعة دينيس ديديرو) حتى سنة 2001، كما كان مشرفاً على مركز دراسات العلوم والفلسفة العربية لحقبة العصور الوسطى حتى سنة 2001، وأسّسَ مجموعةٍ بحثية متخصصة في مجال نظرية المعرفة وتاريخ العلوم (تُعرف اختصاراً باسم: REHSEIS) سنة 1983، وظل مديراً لها حتى 1993، وذلك ضمن المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية. وبالإضافة إلى ذلك، عمل راشد بشكلٍ متقطع ضمن كلية العلوم التاريخية في جامعة برنستون الأميركية ضمن معهد الأبحاث المتقدمة.

القيمة المعرفة لأعمال رشدي راشد

يعد البروفيسور راشد من أشهر العلماء المختصين بتاريخ العلوم حول العالم، وبالتحديد، فإنه من أشهر الباحثين الذين سلطوا الضوء على الدور البارز والهام الذي لعبه علماء الحضارة العربية والإسلامية في تطوير المعارف العلمية التي وصلت إليهم من الحضارات القديمة، وبشكلٍ خاص الحضارة اليونانية، وبذلك، تمكن راشد عبر أبحاثه وكتبه ونشاطه الغزير من إعادة النظر والاعتبار لفهم كيفية تطور النهضة العلمية والدور الذي لعبه علماء (مثل ابن الهيثم وابن السهل وعمر الخيام والكندي والخوارزمي وثابت بن قرة وغيرهم) في دفع عجلة الاكتشافات العلمية التي ساهمت لاحقاً بظهور عصر النهضة والتنوير في أوروبا، خصوصاً أن النظرة السابقة لدور علماء الحضارة العربية والإسلامية اقتصرت على توصيفهم بمترجمين وناقلين للمعارف والعلوم، بدلاً من مبتكرين وروّاد فيها.

بلغة الأرقام، ألف راشد ما يزيد عن 40 كتاباً تتناول العديد من جوانب تطور علوم الرياضيات عبر العلماء العرب والمسلمين خلال فترة العصور الوسطى، وقد استثمر خلفيته العلمية -التي تضمنت دبلوماً في الرياضيات ودكتوراه في الفلسفة وتاريخ العلوم والرياضيات- ليُركز نشاطه على الإنجازات والأعمال التي تم تحقيقها في مجالات الجبر والهندسة وعلم الحساب والتحليل الرياضي وعلم المثلثات والبصريات وعلم الفلك، بالإضافة إلى نشاطه في مجال الدراسات العلمية المتعلقة بنظرية المعرفة ونشوء وتطور العلوم من منظورٍ تاريخيّ. من أجل ذلك، قام راشد بالبحث في المخطوطات العلمية القديمة التي تعود لحقبة الحضارة العربية والإسلامية، وعمل على دراستها وترجمتها وتوضيح الإنجازات التي تتضمنها وارتباطها بالإنجازات التي ظهرت لاحقاً أثناء فترة النهضة الأوروبية، وعلى نحوٍ مفصل، تفحص راشد أعمال ابن الهيثم والدور الذي لعبه في نظرية الأعداد وتطور علوم البصريات والعلوم الفلكية. من أشهر المؤلفات الفكرية التي أشرف راشد على تأليفها “موسوعة تاريخ العلوم العربية” التي تقع في ثلاثة مجلدات، والتي يتناول أولها مجال علم الفلك النظري والتطبيقي، والجزء الثاني الرياضيات والعلوم الفيزيائية، والجزء الثالث يتناول مجالات الكيمياء والتقانة وعلوم الحياة. تعد هذه الموسوعة من أهم المراجع والمؤلفات المختصة بتاريخ العلوم العربية، وهي متوافرة بالعديد من اللغات الأجنبية.

جوائز وتكريمات

تقديراً لسيرته الطويلة وما تخللته من نشاطٍ علميّ وبحثيّ متميز، حصل راشد على العديد من الجوائز والأوسمة الشرفية من قِبل العديد من المنظمات والهيئات العلمية، ومنها جائزة وسام جوقة الشرف الفرنسيّ، الذي حصل عليه في الذكرى الخمسين لتأسيس المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية سنة 1989، وميدالية أليكساندر كورييه سنة 1990 من الأكاديمية العالمية لتاريخ العلم، وميدالية المنظمة الكويتية للأبحاث العلمية المتقدمة سنة 1999 تكريماً لأعماله في تاريخ الهندسة، وميدالية ابن سينا من منظمة اليونيسكو سنة 1999، وجائزة الملك فيصل الدولية سنة 2007 تقديراً لإسهاماته في مجال العلوم الإسلامية، وجائزة الدوحة عاصمة الثقافة العربية سنة 2010.