تعرف على المدرب الذي يشرف على تدريب السياح الفضائيين الأثرياء استعداداً للإقلاع

3 دقائق
فلاديمير بليتسر خلال التحليق المضاد للجاذبية (لاحظوا رمز المجلة على لافتته).
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ليست الرحلة إلى الفضاء بالعطلة العادية، حيث إنها تتطلب الكثير من الاستعدادات والتحضيرات، حتى بالنسبة لذوي دفاتر الشيكات السميكة القادرة على دفع تكاليف بطاقة السفر الذهبية تلك.

وتنوي الكثير من الشركات إرسال المواطنين العاديين إلى الفضاء خلال السنوات الخمس المقبلة، مثل سبيس إكس وبلو أوريجين وفيرجين جالاكتيك. فقد أعلنت سبيس إكس في سبتمبر عن إرسال أول مواطن عادي في رحلة مدفوعة حول القمر في 2023. كما قال جيف بيزوس (مؤسس بلو أوريجين) إنه يهدف إلى إرسال السياح إلى الفضاء في العام المقبل، وقد ادَّعى مؤسس فيرجين جالاكتيك ريتشارد برانسون أن شركته سترسل السياح إلى الفضاء قبل عيد الميلاد. وفي نفس الوقت، فقد قامت وكالة الفضاء الروسية بإرسال عدة أشخاص إلى الفضاء في رحلات مدفوعة.

عموماً، يبدو أن المزيد من السياح سيتجهون إلى الفضاء قريباً، ولا عجب في أن الكثير من الشركات اكتشفت ثغرة مغرية في السوق يجب ملؤها بسرعة، وهي تقديم الخدمات لمساعدة رواد الفضاء هؤلاء على الاستعداد لرحلاتهم.

ويعتبر فلاديمير بليتسبر مستفيداً مباشراً من نمو صناعة السياحة الفضائية؛ فقد حصل مؤخراً على وظيفة مدير عمليات التدريب الفضائي في الشركة الناشئة بلو أبيس في المملكة المتحدة. وتعمل الشركة على جمع الأموال لبناء المنشآت الضرورية لتقديم التدريب الفضائي لرواد الفضاء الحكوميين، إضافة إلى مَن يطلق عليهم بليتسر: رواد الفضاء المواطنين، وهو يقول: “إن مصطلح (السائح الفضائي) يعتبر انتقاصاً من قدر هؤلاء الناس؛ لأن أي شخص يسافر في الفضاء -حتى لو بشكل مدفوع- يجب أن يخضع لتدريب مكثف ليصبح رائد فضاء حقيقي، ويجب أن يؤدي عملاً ما في الرحلة ويشارك في العملية”.

بليتسر يقوم بإحضار حمل افتراضي وتركيبه خلال جلسة تدريبية في المنشأة التدريبية للعوم الحيادي في المركز الأوروبي لرواد الفضاء في كولن بألمانيا.
مصدر الفيديو: تقدمة من فلاديمير بليتسر

سيقوم بليتسر بتدريب رواد الفضاء على أشياء مثل التحرك في الجاذبية المعدومة، وإجراء التجارب البسيطة، وإجراء التدريبات الرياضية في الرحلات الطويلة. وسيقوم المتدربون مع بليتسر بالغطس في أحواض مائية لمحاكاة الحركة في الجاذبية المعدومة أو جاذبية القمر، وسيجلسون في آلات الطرد المركزي التي تحاكي اشتداد التسارع، ويحلقون بالطائرة لتجريب الجاذبية شبه المعدومة، وهي تدريبات مشابهة لما يخضع له رواد الفضاء الحكوميون.

بليتسر أثناء الفحص الطبي في 1995 في المركز الطبي للتحليق الفضائي أثناء اختيار المرشحين لبعثة سبيس لاب.
مصدر الصورة: ناسا

يحمل هذا الأمر شيئاً من تقمص الأدوار؛ حيث يعتقد بليتسر أن جزءاً من أرباح بلو أبيس سيتدفق من جيوب الأشخاص الراغبين في الحصول على “تجربة” التدريب المتقدم لقاء ملايين الدولارات. غير أن مدربي رواد الفضاء سيعملون حتى مع المسافرين إلى الارتفاعات تحت المدارية لتدريبهم على أشياء مثل إجراءات الطوارئ، وكيفية التحرك بأمان، وإجراء التجارب في الجاذبية شبه المعدومة. وليست بلو أبيس هي المنظمة الوحيدة التي توظف مدربي رواد الفضاء؛ حيث يقدم مركز الأبحاث والتدريب الوطني الأميركي للطيران والفضاء برامج تدريبية فضائية متقدمة وأخرى للرحلات تحت المدارية حائزة على موافقة الوكالة الفدرالية للطيران.

إذن، ما المؤهلات المطلوبة لتدريب الناس على السفر إلى الفضاء؟ بالنسبة لبليتسر، تتلخص هذه المؤهلات بخوضه التدريبات الفضائية شخصياً.

وليس بليتسر بغريب على تدريبات رواد الفضاء وعمليات الاختيار التنافسية، فقد تم اختياره في البداية بصفة مرشح ليصبح رائد فضاء من قِبل بلجيكا في 1991، ولكنه لم ينجح في نهاية عملية الاختيار لوكالة الفضاء الأوروبية. وبعد ذلك، قدَّم طلباً إلى ناسا ليصبح أخصائياً بالحمولات في 1992 ولكن الحظ تخلى عنه ثانية. وفي 1995، وصل إلى مرحلة متقدمة عندما قدمته بلجيكا مرشحاً لبعثة المكوك الفضائي نحو سبيس لاب (المختبر الفضائي) ونجح حينها في الفحص الطبي، ولكن بعد شهرين من التدريب، أصيب بالخيبة الثالثة، فقد قيل له إنه لن يصعد على متن المكوك الفضائي.

بليتسر يجري مجموعة من التجارب خلال تحليق مضاد للجاذبية فوق أوروبا.
مصدر الفيديو: تقدمة من فلاديمير بليتسر

بعد خيبته الأخيرة، قرر بليتسر أن يستفيد من خبراته لمساعدة الآخرين على الاستعداد للفضاء، حيث يقول: “لدي خبرة في كلا المجالين، أي التدرب والتدريب. وأعرف كيف أتواصل مع رواد الفضاء، سواء من ناسا أو إيسا أو وكالة الفضاء الروسية، وأعرف كيف أتوقع حاجاتهم”.

وعلى الرغم من أن بليتسر لم يذهب إلى الفضاء فعلياً، إلا أنه أمضى أكثر من 39 ساعة في حالة انعدام الوزن. وقبل أن يبدأ العمل في بلو أبيس، اكتسب خبرة 30 سنة في إجراء التجارب البحثية لوكالة الفضاء الأوروبية على متن الرحلات المضادة للجاذبية (أي التحليق بالطائرة في مسار يؤدي إلى الإحساس بانعدام الجاذبية لفترة محدودة نتيجة السقوط الحر داخل الطائرة) لمحاكاة الجاذبية شبه المعدومة. وقد حلَّق في أكثر من 7,300 رحلة على 12 طائرة، وهو رقم قياسي دخل موسوعة جينيس. وسيستخدم خبرته هذه لتصميم برنامج التدريب على الطيران لدى بلو أبيس.

مصدر الصورة: تقدمة من فلاديمير بليتسر

لا شك في أن حياة بليتسر المهنية اتخذت مساراً فريداً، وكما لم يجد أية طريقة حتى يصبح رائد فضاء، فقد وجد الكثير من الطرق لتدريبهم في المستقبل. ويقول: “قد لا يكون تدريب رواد الفضاء حتى عملاً بدوام كامل. ويمكن تأدية هذا العمل في فترات محددة ومن ثم العودة إلى أعمال أخرى، مثل الأبحاث الفضائية”. غير أن بليتسر لا يرغب في إمضاء بقية حياته وهو يقوم فقط بمساعدة الآخرين على الاستعداد للذهاب في رحلة العمر، كما يقول: “عندما يسألني الآخرون ما إذا كنت قد ذهبت إلى الفضاء، أقول لهم دائماً: ليس بعد”.