تعرف على العالم المصري علي مصطفى مشرفة، أحد رواد الفيزياء الكمية العرب

2 دقائق
الصورة الأصلية: ويكيبديا | تعديل: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

النشأة والدراسة

ولد علي مصطفى مشرفة بتاريخ 11 يوليو سنة 1898 في مدينة دمياط المصرية، وكان والده من المتأثرين بأفكار رواد النهضة العربية أمثال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، وهو ما انعكس بدوره على تربيته من ناحية غرز القيم التراثية والدينية بالتوازي مع محاربة البدع والخرافات والإيمان بدور العلم.

تميّز مشرفة أثناء مرحلة ما قبل الدراسة الجامعية، حيث تمكن من إنهاء الدراسة الابتدائية بترتيب الأول على مصر وتمكن من إنهاء مرحلة الدراسة الثانوية في سن السادسة عشرة ليُصبح أصغر طالب بذلك الوقت يتمكن من إنهاء تعليمه الثانويّ بهذا العمر. التحق مشرفة بعد ذلك بدار المعلمين، التي تخرج منها سنة 1917، ونظراً لتفوقه في الرياضيات، تم إرساله من قِبل وزارة التعليم المصرية ليدرس هناك ويحصل على درجة الإجازة من جامعة نوتنجهام سنة 1920، التي فتحت له الباب ليحصل على منحةٍ تعليمية أخرى مكَّنته من إكمال دراسته في جامعة كينج (King’s College London) في لندن، التي حصل منها على شهادة الدكتوراه سنة 1923، وفي سنة 1924 تم منحه درجة دكتوراه العلوم ليكون أولَ مصري يحصل على هذه المرتبة. 

المسيرة العلمية والأكاديمية

عاد مشرفة إلى مصر بعد إنهائه لشهادة الدكتوراه في بريطانيا، وتم تعيينه في البداية بمنصب أستاذ مساعد في جامعة القاهرة وذلك سنة 1925، ونظراً لتميزه العلميّ، حصل نقاشٌ في البرلمان المصريّ سنة 1926 حول إمكانية ترقية مشرفة لمرتبة أستاذ بالرّغم من كونه لم يبلغ سن الثلاثين بعد؛ إذ كان هذا الأمر أحد شروط الترقية لمرتبة أستاذ. مشرفة -وبفضل سمعته وتميزه- تمكنَ من كسب الثقة اللازمة لذلك، وحصل على ترقيةٍ لمرتبة أستاذ وهو لم يبلغ سن الثلاثين بعد، وبذلك أصبح أول شخص مصريّ يشغل منصب أستاذ الرياضيات التطبيقية في كلية العلوم التابعة لجامعة القاهرة، التي ما لبث أن أصبح عميدها سنة 1936، وبقي في ذلك المنصب حتى وفاته حتى سنة 1950.

القيمة العلمية والفكرية

يمتلك مشرفة شهرةً كبيرة لعدة أسباب؛ فمن ناحية ساهم بالبحث العلميّ في مجال الفيزياء النظرية والنظرية الكمية، وذلك بدءاً من أطروحة الدكتوراه الخاصة به التي تناولت دراسةً لمعادلات ماكسويل في الكهرومغناطيسية ونظرية النسبية الخاصة لعالم الفيزياء الألمانيّ ألبرت أينشتاين، وتروى الكثير من المصادر أن هنالك مراسلات بين العالمين في تلك الفترة بخصوص أبحاث مشرفة، إلا أنه لا يوجد مصدر أكيد على حقيقة وقوع هذه المحادثات. 

بشكلٍ إجماليّ، نشر مشرفة 25 ورقة بحثية علمية في مجالات الفيزياء الكمية والنظرية النسبية وعلاقة الإشعاع بالمادة، كما أنه نشر 12 كتاباً علمياً تتناول مواضيع النظرية النسبية والرياضيات، من أهمها “الميكانيكا العلمية والنظرية” و”مطالعات علمية” و”النظرية النسبية الخاصة”، فضلاً عن عمله على ترجمة العديد من الكتب المتعلقة بعلم الفلك والفيزياء الفلكية إلى اللغة العربية.

على الصعيد الفكري، اهتم مشرفة كثيراً بتاريخ العلم وأثره في المجتمع، ولذلك درس دور العلماء العرب والمسلمين وإسهاماتهم في مسيرة التقدم العلميّ، ومنهم الخوارزمي الذي أعاد نشر وطباعة كتابه الشهير “الجبر والمقابلة”. إلى جانب ذلك، ترك مشرفة الكثير من الكتب والمؤلفات التي تندرج ضمن إطار الثقافة العلمية وأثر العلم ودوره في حياتنا، ومن هذه الكتب “نحن والعلم“، و”العلم والحياة“، و”الذرة والقنابل الذرية“، و”آراء حرة” الذي كتبه بالتعاون مع المفكرين طه حسين ومحمد كرد علي.

حظي مشرفة ببعض التكريمات الهامة أثناء حياته، ومنها حصوله على تكريم الباشوية من الملك فاروق، وقيل إنه قد رفض هذا التكريم لاعتباره أن أعلى تكريم قد تلقاه هو حصوله على شهادة الدكتوراه. في الوقت الحاليّ، يرتبط اسم علي مصطفى مشرفة بمنحةٍ علمية مرموقة اسمها منحة نيوتن-مشرفة، التي تمثل مشروع تعاون علمي بين مصر وبريطانيا ويتضمن تخصيص مبلغ 50 مليون جنيه إسترليني لدعم الجهود العلمية المشتركة بين البلدين.

توفي علي مصطفى مشرفة في 15 يناير سنة 1950 إثر تعرّضه لأزمةٍ قلبية، وقد أشيعت الكثير من القصص والنظريات حول وفاته مثل تعرضه للاغتيال، إلا أنه قد تم نفي هذه الروايات والنظريات من قِبل أخيه الدكتور عطية مشرفة، وذلك ضمن كتابٍ نشرَه تخليداً لذكرى وسيرة علي مصطفى مشرفة.