أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال النقل

4 دقائق
الذكاء الاصطناعي في قطاع النقل
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يتنقل يومياً ملايين الأشخاص في مختلف مدن العالم؛ يذهب الطلاب إلى مدارسهم، والموظفون إلى أعمالهم، والسياح إلى المناطق الأثرية، ما يدعو الحكومات إلى تحسين وسائل النقل في المدن وعددها وأماكن وقوفها والطرق التي يجب أن تسلكها. لتحقيق ذلك يجب البحث عن أكثر الطرق كفاءةً وأنسب الحلول وبتكلفة معقولة. ولهذه الغاية بالضبط، يجري استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي في قطاع النقل بكافة أشكاله، الفردية والجماعية، الخاصة والعامة، الأرضية والجوية.

نظام تحديد المواقع العالمي

تظهر قدرة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في قطاع النقل عند التعامل مع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، إذ يتم التنسيق بينه وبين التطبيقات الملاحية، والسيارات المتصلة به، وخدمات سيارات الأجرة وغيرها، ودمجها بشكل فعال في كيان واحد، لضمان سلاسة النقل في أوقات الذروة وخارجها. على سبيل المثال، يمكن توجيه سيارة عالقة في الازدحام إلى طرق أقل ازدحاماً، وأقصر وأقرب إلى النقطة المراد الوصول إليها، بالإضافة إلى إيجاد أماكن ركن السيارات الأكثر ملاءمة.

المركبات ذاتية القيادة

تعتبر المركبات ذاتية القيادة من  أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال النقل. تتمتع برمجيات الذكاء الاصطناعي القائمة على التعلم العميق بالقدرة على رؤية الطريق، واتخاذ القرارات بشأن القيادة، مثل السائق البشري.

قد يعتقد البعض أن امتلاك مركبات ذاتية القيادة سيسهل تنقل البشر، ويحل مشكلات الازدحام المروري، لكن ثبت أن البشر يزيدون المسافات التي يقطعونها بوجود سائق خاص، وربما هذا ما سيحدث عندما نعتمد على السيارات ذاتية القيادة. لذا لن يكون الحل بامتلاك الجميع لهذه المركبات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، بل نحن في حاجة إلى النقل الجماعي المخطط بشكل أفضل في المستقبل.

المركبات المتصلة والمستقلة

المركبات المتصلة والمستقلة (CAVs) هي واحدة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي الرائدة في مجال النقل، والتي تجمع بين الاتصال والتقنيات الآلية لمساعدة البشر أو استبدالهم في مهمة القيادة. تقلل خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي بشكل كبير من التدخل البشري، إذ تساعد تكنولوجيا المركبات المتصلة والمستقلة من خلال أتمتة المركبات والقدرة على الوصول إلى معلومات مثل حالة الازدحام وتبادل المعلومات بين المركبات والبنية التحتية على جانب الطريق. مثلاً، يمكن أن تعرف السيارة أن هناك مركبة أخرى تقترب من فوق التل، على الرغم من أنها لا تستطيع رؤيتها، أو يمكنها معرفة أن هناك أعمال صيانة على الطريق الذي تسلكه. لذلك، تتمتع هذه التقنية بميزة القدرة على إدراك الأشياء التي تكون أبعد من أن ترصدها التقنيات الأخرى.

تتميز هذه التكنولوجيا بسهولة استخدامها في العديد من المجالات، مثل نقل  البضائع والنقل العام، كما أنها تتيح مزايا مختلفة بما في ذلك تحسين وقت القيادة، وتحسين السلامة المرورية والوقاية من الحوادث، وتقليل الازدحام المروري على الطرق، وتقليل التلوث الجوي والضوضاء المزعجة. وتعمل العديد من شركات السيارات -مثل أودي و بي إم دبليو- على تطوير أنظمة (CAVs)، بالإضافة إلى شركات تكنولوجية عملاقة مثل جوجل ومايكروسوفت.

الذكاء الاصطناعي لتحسين النقل العام

عند الحديث عن تحسين وضع النقل في المدن، ينبغي ألا تقتصر مقاربتنا على  النقل الفردي فحسب، بل لا بد من مناقشة  النقل الجماعي أيضاً. إذ تكافح أنظمة النقل الجماعي مثل قطارات الأنفاق والحافلات والطائرات  لتلبية حاجات الركاب، ما يؤدي إلى الازدحام والحوادث. لذلك يجب على الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي جمع الكثير من البيانات عن تحركات الناس في المدينة ومتطلباتهم فيما يتعلق بقطاع النقل، بالإضافة إلى بيانات حركة المرور والحافلات، لحل هذه المشكلات. وحالما يكتمل  جمع هذه البيانات، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بحركة المرور وما يحتاج إليه السكان. وبعد وضع الخوارزميات المناسبة، يمكن تخطيط وجدولة حركة النقل، واختيار الطرق بشكل أفضل.

إحدى المنصات التي تعمل على تحسين النقل الجماعي بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي هي أوبتي باس (Optibus)، التي أصبحت مؤخراً تُطبَق في 500 مدينة حول العالم. تستخدم هذه المنصة بيانات النقل لاقتراح جداول زمنية أفضل تتطابق مع معايير التكلفة وتحسن الأداء وتوفر الوقت. تُجمع البيانات من حركة المركبات في المدينة، ويطبق الذكاء الاصطناعي للتعلم من تلك البيانات والتنبؤ باحتمالية وصول كل رحلة في الوقت المحدد، بناءً على العديد من العوامل المختلفة مثل الوقت ونوع السيارة والسائق. ثم تُؤخذ تنبؤات الذكاء الاصطناعي هذه ويجري تحسينها بحيث تصبح جدولة الرحلات أسهل، مع تقديم اقتراحات تلقائية، وضمان الوصول في الوقت المحدد.

بالاعتماد على نظام أوبتي باس، يمكن تحليل سيناريوهات حركة المرور المعقدة في أقل من دقيقة، وهو ما يتيح للسلطات القدرة على تحديد الاستجابة المناسبة بسرعة للظروف المتغيرة. تدير أوبتي باس أكثر من 2.5 مليار رحلة ركاب حول العالم. هذا يقلل من انبعاثات الكربون بنحو 100 ألف طن في السنة. يمكن أيضاً الاستفادة من النظام في حل مشكلات أخرى مثل نقص السائقين.

التنقل باعتباره خدمة (MaaS)

أحد الحلول التي يمكن أن تحسن النقل الجماعي بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي هو استخدام التنقل كخدمة (MaaS). يوفر هذا الحل خدمة النقل عند الطلب، أي أنه لا داعي لامتلاك الجميع سيارات، لأنه يمكنك طلب خدمة النقل متى أردت للذهاب أينما تريد. تساعد هذه الخدمة على تخفيف الضغط على وسائل النقل العام، وتقليل عدد المركبات في الطرقات، وتحسين قدرة المواطنين على التنقل، بعيداً عن الاختناقات المرورية.

الطائرات المسيرة

عندما اختُرعت الطائرات المسيرة كانت تعمل بالتحكم اليدوي باستخدام جهاز تحكم عن بعد. وبعد التطور الكبير في مجال الذكاء الاصطناعي أصبحت خوارزمياته هي التي تتحكم بها. يمكن للذكاء الاصطناعي توفير مراقبة مستمرة للظروف على الأرض والبحر والجو –وربما الفضاء كذلك– بالاستعانة بأجهزة استشعار لجمع البيانات لضمان رحلة سلسة وخالية من المتاعب بغض النظر عن طريقة النقل.

تتيح الطائرات المسيرة حلولاً محسّنة لتوفير الخدمات العسكرية والشرطية والتجارية المتقدمة. والجدير بالذكر أن الطائرات المسيرة تستطيع أداء المهام المتعلقة بالاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، وتحديد الهدف، ومراقبة الأمن المدني، والمراقبة البيئية، والمسح، والأنشطة الجغرافية، ومراقبة الطقس، والأرصاد الجوية، واكتشاف حرائق الغابات، ومراقبة حركة المرور. بالإضافة إلى ما سبق يساعد الذكاء الاصطناعي الطائرات المسيرة على تجنب الاصطدامات أثناء الطيران حتى تتمكن من الطيران بأمان دون مساعدة الإنسان.

باختصار، يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي الحصول على بيانات في الوقت الفعلي حول حركة النقل والطلب عليها، وتوقع المشكلات مثل التأخير المحتمل والازدحام، ومن ثم تقييم جميع الخيارات المختلفة، واقتراح الحل الأفضل.

هذا هو مستقبل الذكاء الاصطناعي في النقل الذي سيعمل على تنسيق جميع وسائل النقل الأرضية والجوية في المدينة، لتلبية الاحتياجات الفردية واحتياجات المدينة أيضاً، ما يقلل الازدحام المروري على الأرض، ويتيح استخدام الفضاء الحر في الهواء.