ذكاء اصطناعي يحسن من قدراته في تحديد المسارات بتطوير نظام تحديد موضع شبيه بالدماغ

2 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تم تدريب برنامج للذكاء الاصطناعي على التحرك ضمن متاهة افتراضية، وقام بشكل غير متوقع بتطوير هيكلية تشبه (نظام تحديد الموضع) العصبوني في الدماغ البشري. وبعد ذلك، تمكن الذكاء الاصطناعي من العثور على طريقه عبر المتاهة بمهارة غير مسبوقة. أتى هذا الاكتشاف من ديب مايند، وهي شركة بريطانية تمتلكها شركة ألفابيت، وهي مخصصة لتطوير الذكاء الاصطناعي العام (القادر على التعامل مع أوضاع متنوعة بشكل يشبه الذكاء البشري).

نشر هذا العمل في مجلة Nature، ويلمح إلى إمكانية استخدام الشبكات العصبونية لدراسة بعض المسائل الغامضة المتعلقة بالدماغ البشري، علماً بأن الشبكات العصبونية نفسها مستوحاة من تركيب الدماغ. ولكن يجب التعامل مع هذه الفكرة بشيء من الحذر، نظراً لأننا ما زلنا نجهل الكثير حول كيفية عمل الدماغ، كما أن عمل الشبكات العصبونية الاصطناعية صعب على الفهم في أغلب الأحيان.

خلايا شبيهة بالشبكات الإحداثية في الشبكات العصبونية الاصطناعية والبيولوجية. مصدر الصورة: مدونة ديب مايند

بدأ الباحثون في ديب مايند بالعمل على تدريب شبكة عصبونية اصطناعية على محاكاة عملية مكاملة المسار، وهي طريقة تستخدمها الحيوانات لحساب حركتها في البيئة المحيطة. وقاموا بتدريب شبكة عصبونية مع حلقة تغذية خلفية للتحرك ضمن متاهة عن طريق تلقيمها بأمثلة حول المسارات التي سلكتها الفئران ضمن متاهة حقيقية.

اكتشف الفريق أن الشبكة العصبونية قامت بتطوير شيء مشابه لما يسمى “الخلايا الشبكية” الموجودة ضمن الدماغ البيولوجي. تتراصف هذه الخلية ضمن شبكة متعامدة، ويبدو أنها تؤمن طريقة للحيوان حتى يحسب تموضعه ضمن المكان الفيزيائي. اكتشفت هذه الخلايا لأول مرة في 2005، وحاز مكتشفوها على جائزة نوبل عن هذا الاكتشاف في 2014.

استخدم باحثو ديب مايند الشبكة المدربة للتحرك ضمن متاهات غير مألوفة عن طريق إضافة التعلم المحَفز إلى طريقتهم. ووجدوا أن الشبكة المدربة حديثاً قادرة على التحرك بشكل أكثر فعالية من أي نظام ذكاء اصطناعي سابق، وأنها كانت تستكشف محيطها بشكل أقرب لحيوان حقيقي.

يوجد العديد من التطبيقات المفيدة للشبكات العصبونية، ولكنها لم تثبت أنها جيدة في التحرك وحساب المسارات حتى الآن.

تم تدريب الشبكة العصبونية في ديب مايند لاستكشاف متاهة افتراضية.

يقول فرانسيسكو سافيلي، عالم أعصاب في جامعة جونز هوبكنز، ويدرس الخلايا الشبكية، وكتب عن هذا البحث في ورقة ذات صلة ضمن مجلة Nature: “تعتبر هذه الدراسة مثالاً مثيراً للاهتمام حول قيمة التعلم العميق في تنفيذ المهام التي لا تعتمد فقط على قدراتنا الحسية، بل تتطلب أيضاً وظائف إدراكية أعلى مستوى، وفي هذه الحالة، التحرك ضمن المكان”.

يقترح البحث أن الخلايا الشبكية تلعب دوراً جوهرياً في كيفية تحرك الحيوانات (والبشر أيضاً) ضمن بيئتها المحيطة. وقد يؤدي هذا الاكتشاف إلى تطبيقات عملية هامة، مثل مساعدة الروبوتات على التحرك ضمن المباني غير المألوفة بسهولة أكبر. يقول أندريا بانينو، أحد أعضاء فريق ديب مايند: “نسعى إلى بناء الذكاء الاصطناعي العام، ونعتقد أن التحرك وحساب المسارات جزء هام منه”، ويضيف زميله دارشان كوماران أن الخطوة التالية هي تمكين برامج الذكاء الاصطناعي من تعلم مهارات أكثر تعقيداً في هذا المجال، قائلاً: “نحن نفكر بدراسة بيئات أكثر تعقيداً”.
أحرزت ديب مايند من قبل بعض الإنجازات الهامة في مجال التعلم الآلي، بما في ذلك تصميم برامج قادرة على تعلم اللعب بألعاب الفيديو، والألعاب اللوحية مثل الشطرنج ولعبة جو، بمهارة تفوق مهارة البشر. وتم تحقيق هذه الإنجازات أيضاً بالاعتماد على تدريب شبكات عصبونية اصطناعية كبيرة أو عميقة للغاية.

وفقاً لديميس هاسابيس، المؤسس المشارك والمدير التنفيذي لديب مايند، فقد تكشف أبحاث الذكاء الاصطناعي معلومات جديدة عن الدماغ، ويقول في تصريح: “يعتبر الدماغ البشري الدليل الوحيد على إمكانية تحقيق الذكاء العام الذي نحاول بناءه. نعتقد أن هذا الاستيحاء يجب أن يسير بالاتجاهين، بحيث نحصل على معلومات من أبحاث الذكاء الاصطناعي لإلقاء الضوء على بعض المسائل في علم الأعصاب”.

ولكن، وبما أن الشبكات العصبونية الاصطناعية نماذج مبسطة للغاية لقريناتها البيولوجية، فليس من الواضح مدى فائدتها في توضيح آليات عمل الدماغ، وقد اتصلت إم آي تي تكنولوجي ريفيو بعدة علماء أعصاب، وأوضحوا أن آليات عمل الشبكات العصبونية العميقة عصية على التفسير شأنها شأن آليات عمل الدماغ البيولوجي.