لماذا لا يمكننا ببساطة انتظار ظهور المناعة الجماعية ضد كوفيد-19

2 دقائق
مصدر الصورة: ديفيد راجوسا عبر أنسبلاش
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

كانت السياسة الرسمية البريطانية لمواجهة وباء كورونا قائمة على مفهوم سائد على نطاق واسع بالسماح للفيروس المستجد بالانتشار بين السكان حتى تتحقق المناعة الجماعية، غير أن هذه الفكرة الشائعة خاطئة، وقد بالغت الحكومة البريطانية في تفاؤلها حول سهولة تسطيح المنحني البياني. على الرغم من ذلك، اكتسبت هذه الفكرة زخماً كبيراً في بعض الأوساط، مدعومة بالتوقعات التي تقول إننا ربما قد وصلنا إلى هذه المرحلة في وقت أقل من المتوقع، ولهذا من المفيد أن نطَّلع على سبب عدم جدوى هذه السياسة وفقاً لما تشير إليه الأدلة حتى الآن.

أولاً، وعلى فرض أن من يصابون بالمرض يكتسبون مناعة ضده، فليس لدينا أية فكرة حول فترة دوام هذه المناعة؛ ففي بعض الفيروسات التاجية -إضافة إلى الأنفلونزا العادية- تدوم المناعة أقل من سنة. ثانياً، وعلى فرض أن هذه المناعة دائمة، ليس لدينا أية فكرة عن الوقت الذي سنحتاجه لتحقيق المناعة الجماعية.

ينبع التساؤل الثاني من عدة جوانب غامضة هامة ومتعلقة بالموضوع. أولاً، ما درجة العدوى للفيروس؟ كلما زادت درجة العدوى -التي تقاس بوصفها R0؛ أي: متوسط عدد الأشخاص الذين ينتقل إليهم الفيروس من مصاب واحد- زاد عدد الأشخاص الذين يجب أن يكتسبوا المناعة قبل أن تبدأ وتيرة الإصابة بالتراجع. غير أن تقديرات R0 متباينة. تشير هذه التقديرات إلى أن الفيروس يجب أن ينتقل إلى نسبة من السكان تتراوح بين النصف والثلاثة أرباع.

ثانياً، ما عدد الأشخاص المصابين فعلياً حتى الآن؟ تظهر التباينات في التقديرات إلى درجة أكبر في هذه الحالة؛ فوفقاً لدراسة أجراها فريق في كلية لندن الإمبراطورية، تشير التقديرات إلى أنه في 28 مارس (عندما كان عدد الإصابات المعروفة في إيطاليا أقل من 100,000، أي أقل من 0.2% من السكان) كان الفيروس قد أصاب حوالي 10% من السكان فعلياً، معظمهم لم يعانوا من أية أعراض أو لم يصابوا بالمرض بدرجة كافية تدفعهم إلى إجراء الاختبار. هذا الفرق الكبير -الذي يبلغ خمسين ضعفاً- أكبر بكثير مما تفترضه بعض التقديرات الأخرى.

ثالثاً، ما نسبة المصابين الذين لا يعانون من أية أعراض؟ يقول المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض -وبشكل رسمي- إن هذه النسبة تعادل 25%، ولكن دراسات صغيرة لبعض الجائحات المحلية تشير إلى أن هذه النسبة قد تصل إلى 50%. هذه الدراسات تدعم النظرية التي تقول إن الفيروس انتشر بنسبة أكبر بكثير مما نعتقد.

ولكن هذه الأرقام ما زالت مثارَ جدل حاد؛ لأننا -وببساطة- لا نُجري ما يكفي من الاختبارات لمعرفة عدد الإصابات الحقيقي. حتى لو كانت هذه الإصابات أكثر مما نعتقد، فليس من الواضح ما إذا كنا سنصل إلى المناعة الجماعية الطبيعية قبل أن نتمكن من تطوير لقاح أو دواء. على أي حال، لا يزال علينا في الوقت الراهن أن نُبقي وتيرة الإصابة منخفضة بحيث لا تؤدي إلى انهيار النظام الصحي، وتعريض جيل كامل من عاملي الرعاية الصحية إلى آثار سلبية حادة.