ماذا سيقع للويب في حال إدانة جوجل وتويتر بالمساعدة في تجنيد الإرهابيين؟

4 دقائق
ما الطرق التي قد تؤثر فيها المحكمة العليا الأميركية على الويب؟
حقوق الصورة: ستيفاني آرنيت. إم آي تي تكنولوجي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تركزت كل الأنظار على المحكمة العليا الأميركية، حيث كانت تدرس الحجج المقدمة للقضيتين المتعلقتين بخوارزميات التوصيات ومراقبة المحتوى، وهما جزآن أساسيان من آليات عمل الإنترنت. كما كانت هذه المرة الأولى التي قررت المحكمة العليا فيها أن تبحث في الفقرة 230، وهي بند قانوني يعود إلى عام 1996، ويمنح شركات الويب الحماية لنشر المحتوى ومراقبته وفق ما تراه مناسباً. لن يصدر حكم نهائي في أي من القضيتين قبل بضعة أشهر، ولكن عندما يحدث هذا، فقد يؤثر في مستقبل الإنترنت بدرجة كبيرة. 

تأثير كبير على مستقبل الإنترنت

وعلينا ألا نولي المرافعات الشفهية الحالية أهمية كبيرة، كما أنها ليست مؤشراً قوياً على الحكم الذي ستصدره المحكمة (وهو ما يرجح حدوثه بحلول فصل الصيف). ولكن الأسئلة التي يوجهها أعضاء المحكمة يمكن أن تشير إلى كيفية تفكير المحكمة بالقضية، ويمكن أن تسمح لنا باستنباط ما يحدث بدرجة أكبر من الثقة. وقد قمت بتحليل بعض السيناريوهات الأكثر ترجيحاً أدناه.

اقرأ أيضاً: جوجل تدرس التباين في تعامل الأجيال المختلفة مع المعلومات المضللة

ولكن، في البداية، يجب أن نوضح السياق. القضيتان هما غونزاليس في مواجهة جوجل (Google)، وتويتر (Twitter) في مواجهة تامني، وتتعلق كلتا القضيتين بتحميل منصات الإنترنت المسؤولية عن المحتوى المؤذي الذي تستضيفه. وقد تم رفع القضيتين من قبل عائلات الأشخاص الذين تم قتلهم في هجمات إرهابية في 2015 و2017. وعلى الرغم من الاختلافات الكثيرة بين القضيتين، فإن الادعاء الجوهري واحد، ويمكن تلخيصه بأن جوجل وتويتر ساعدتا عمليات تجنيد الإرهابيين على منصتيهما، وهو ما يعتبر عملاً غير قانوني. 

وقد حصلت قضية غونزاليس على الاهتمام الأكبر، حيث يقول محاموها إن الفقرة 230 يجب ألا تشمل خوارزميات التوصية. وإذا حكمت المحكمة العليا بأن الفقرة تشمل خوارزميات التوصية بالفعل، فهذا يعني أن جوجل لم تخالف القانون. وإذا حكمت بالعكس، فهذا يعني تحميل جوجل المسؤولية القانونية. 

اقرأ أيضاً: كيف تعمل جوجل على الحد من تأثير بوت تشات جي بي تي على محرك البحث الخاص بها؟

أما السؤال الجوهري فيتعلق بالفرق بين تقديم المحتوى (وهو محمي قانوناً) والتوصية بالمحتوى. وفي الواقع، فقد كتبتُ مقالاً عن الأسباب التي تقتضي وجود فرق كبير للغاية، ومخاوف الخبراء الكبيرة إزاء العواقب غير المقصودة لتحديد هذا الفرق قانونياً. 

أما الخلاصة: بشكل عام، يبدو أن القضاة مترددون إزاء القيام بإعادة تأويل شاملة وجوهرية للفقرة 230. ولكن، يمكن أن تتعرض مراقبة المحتوى إلى تدقيق قانوني أكثر شدة، بما أن الحكم في قضية تويتر ضد تامني يبدو أقل وضوحاً. 

وقد بدا مؤخراً أن المحكمة العليا، بشكل عام، أقل اندفاعاً من المتوقع نحو إعادة تأويل الفقرة 230. وقد أبدت المحكمة قدراً مريحاً من التواضع إزاء قلة خبرة أعضائها في طريقة عمل الإنترنت. وفي جلسة استماع عُقدت حديثاً، قالت عضوة المحكمة العليا إيلينا كيغان مازحةً: “إن خبرات أعضاء المحكمة العليا التسعة في مجال الإنترنت أقل بكثير مما يمكن الاعتماد عليه”.

اقرأ أيضاً: هل ستتعطل منصة تويتر خلال الأسابيع المقبلة كما يتوقع أحد مهندسيها؟

ومنذ فترة وجيزة، كان الكثير من الخبراء يشككون إلى درجة كبيرة في قدرة المحكمة على استيعاب التعقيدات التقنية لهذه القضية. ومن المؤكد أنهم سيشعرون بالراحة لاعتراف أعضاء المحكمة أنفسهم بمحدودية معلوماتهم في هذا المجال. 

إذاً، ماذا بعد؟ هذه هي السيناريوهات المحتملة، ولكن دون أي ترتيب محدد:

السيناريو الأول: سيتم رفض أو إعادة إحدى القضيتين أو كلتيهما

عبّر العديد من أعضاء المحكمة عن ارتباكهم إزاء حجج قضية غونزاليس، وكيفية وصولها إلى المحكمة العليا. وقد تعرض محامو المدعي إلى الانتقاد بسبب ضعف حججهم، وهناك توقعات باحتمال رفض القضية. وهو ما قد يعني أن المحكمة العليا قد تتجنب إعادة النظر بالفقرة 230 بالكامل، وترسل رسالة واضحة إلى الكونغرس مفادها أنه يجب أن يتعامل مع هذه المشكلة. كما أنه ثمة احتمال بإعادة قضية تامني إلى المحكمة الأدنى مستوى.

اقرأ أيضاً: لماذا لا تتماشى التوجهات السائدة المقترحة من تويتر مع الواقع؟

السيناريو الثاني: ستفوز جوجل في قضية غونزاليس، ولكن سيتم تغيير طريقة تأويل الفقرة 230

عندما تصدر المحكمة العليا حكماً، فهي تصدر بعض الآراء حول الحكم أيضاً. وهذه الآراء تجسد وجهة النظر القانونية التي تغير كيفية تأويل المحاكم الأدنى مستوى للحكم والقانون لاحقاً. ولهذا، وحتى في حال فوز جوجل، فإن هذا لا يقتضي بالضرورة أن المحكمة لن تكتب شيئاً حول إعادة تأويل الفقرة 230. 

اقرأ أيضاً: بينغ وجوجل: أين وصل صراع الجبابرة؟

ومن المحتمل أن تفتح المحكمة مجالاً جديداً للجدل والمتاعب إذا قامت بهذا الأمر. وعلى سبيل المثال، كان هناك الكثير من النقاشات حول “الخوارزميات الحيادية” خلال المرافعات الشفهية، ما يعني الدخول في نطاق الخرافة القديمة التي تقول إنه يمكن فصل التكنولوجيا عن المسائل الاجتماعية العشوائية والمعقدة. فليس من الواضح ما المعايير التي تحدد حيادية الخوارزمية، كما توجد الكثير من الكتابات المختلفة حول تجذر اللاحيادية في طبيعة الذكاء الاصطناعي.

السيناريو الثالث: سيصبح حكم قضية تامني الأكثر تأثيراً

يبدو أن المرافعات الشفهية في قضية تامني تتميز بحجج أكثر قوة وإقناعاً. ويبدو أن أعضاء المحكمة أكثر إدراكاً لأساسيات هذه القضية، وقد تركزت أسئلتهم حول كيفية تأويل قانون مكافحة الإرهاب. وعلى الرغم من أن الحجج لا تذكر الفقرة 230، فمن المحتمل أن تؤدي النتائج إلى تغيير كيفية تحميل المنصات المسؤولية القانونية عن مراقبة المحتوى. 

اقرأ أيضاً: الهدف مليار مستخدم: ما هو تطبيق «كل شيء» الذي يسعى إيلون ماسك إلى تطويره انطلاقاً من تويتر؟

وقد ركزت الحجج في قضية تامني حول ما كانت تويتر تعرفه عن كيفية استخدام التنظيمات الإرهابية لمنصتها، وما إذا كانت أفعال الشركة (بما في ذلك الأفعال التي امتنعت عن القيام بها) قد أدت إلى تجنيد عناصر إرهابية. وإذا وافقت المحكمة على حجج تامني، فمن المحتمل أن يشكل هذا حافزاً للمنصات على تجاهل المحتوى الذي يمكن أن يكون مخالفاً للقانون، بحيث تستطيع أن تضمن حصانتها، ما يعني أن الإنترنت ستصبح أقل أماناً. من ناحية أخرى، قالت تويتر إنها تعتمد على السلطات الحكومية لإعلامها بالمحتوى الإرهابي، وهو ما يمكن أن يثير تساؤلات حول حرية التعبير. 

السيناريو الرابع: شطب الفقرة 230

يبدو هذا الاحتمال مستبعداً في الوقت الحالي، وإذا حدث، فمن الممكن أن نتوقع فوضى عارمة، على الأقل بين المدراء التنفيذيين للشركات التكنولوجية. ولكن الناحية الإيجابية في هذا الأمر هي أن الكونغرس قد يضطر إلى إقرار تشريع شامل لتحميل المنصات المسؤولية عن الأذيات والأضرار التي تتسبب بها.