ناسا تريد الاعتماد على الشمس لتزويد بعثات الفضاء العميق المستقبلية بالطاقة

3 دقائق
السفر الفضائي
حقوق الصورة: ناسا/ مختبر الدفع النفاث – كالتيك/ جامعة أريزونا الحكومية.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في أغسطس/آب من العام 2022، سينطلق مسبار من “ناسا” (NASA) باسم ⁧⁩سايك⁧⁩ لاستكشاف كويكب عملاق معدني يحمل اسم سايك 16، وذلك لمساعدة العلماء على معرفة المزيد حول كيفية تشكل الكواكب.

غير أن طريقة وصول سايك إلى هدفه ستكون مختلفة عما يحدث في بعثات ناسا النموذجية. وبالبناء على أساس التكنولوجيات المستخدمة في بعثات سابقة، بما فيها بعثة ⁧⁩داون⁧⁩ وبعثة ⁧⁩ديب سبيس⁩، ستساعد الطاقة الشمسية على دفع سايك إلى الفضاء العميق.

وإذا أثبتت هذه الطريقة نجاحها، فقد تكون بداية حقبة جديدة من المسابر التي تتميز بفعالية عالية في استهلاك الوقود، سواء في استكشاف الفضاء أو البعثات التجارية.

الطاقة الكيميائية ما زالت أساس الوقود المستعمل في السفر الفضائي

يعتمد السفر الفضائي التقليدي على التفاعلات الكيميائية بين تراكيب من الوقود السائل للتنقل في الفضاء، بدلاً من الكهرباء.
ولكن سايك سيعتمد على مصفوفتين شمسيتين ضخمتين لتحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء تُستخدم في تشغيل أربعة نفاثات أيونية.

وستقوم هذه الكهرباء بتحويل خزانات من غاز الزينون (وهو نفس الغاز المستخدم في المصابيح الأمامية للسيارات) إلى أيونات زينون، وستقوم نفاثات سايك الأربعة بنفث هذه الأيونات لدفع المركبة الفضائية بلطف نحو الكويكب، والذي يدور حول المريخ والمشتري على مسافة أكثر من 2.4 مليار كيلومتر من الأرض.

وفي حين استخدمت مركبات فضائية أخرى الطاقة الشمسية لتشغيل تجهيزاتها ومعداتها، ⁧⁩مثل لوسي⁧⁩، فإن سايك ستكون من أوائل بعثات الفضاء العميق من ناسا التي ستستخدم الطاقة الشمسية لتشغيل العمليات على متن المركبة وللدفع أيضاً.

يقول ⁧⁩باولو لوزانو⁧⁩، وهو مدير مختبر الدفع الفضائي في إم آي تي، إن سايك قد يضع الأساس لزيادة الاعتماد على الطاقة الشمسية في الاستكشاف الفضائي. وفي نهاية المطاف، يمكن أن تساعدنا هذه التكنولوجيا على دراسة عدة أجرام سماوية لفترات أطول، كما يمكن أن تجعل البعثات المأهولة خارج مدار الأرض أكثر سهولة وأقل تكلفة.

يقول لوزانو: “في الواقع، فإن هذه البعثة قد تفتح احتمال استكشاف الفضاء واستثماره تجارياً بطريقة لم نشهدها من قبل”. ونظراً لأن المركبة الفضائية التي تعتمد على الدفع الشمسي- الكهربائي تتطلب من الوقود مقداراً أقل مما تحتاج إليه المركبة التي تعتمد على التفاعلات الكيميائية للدفع، فهي تتميز بمساحة إضافية على متنها لحمل المزيد من الحمولات، والتجهيزات العلمية، وربما رواد الفضاء يوماً ما.

اقرأ أيضاً: ناسا ستصدم مركبة فضائية بكويكب.. وقد تخرج الأمور عن السيطرة

الطاقة الشمسية وآفاق السفر الفضائي

وتعمل شركة “أكيون سيستمز” (⁧⁩Accion Systems⁧⁩) على تطوير نفاثات أيونية أكثر فعالية لأقمار كيوبسات الاصطناعية، إضافة إلى الأقمار الاصطناعية الأكبر حجماً وغيرها من المركبات الفضائية. لقد أصبحت تكنولوجيا الدفع الشمسي شائعة الاستخدام في الأقمار الاصطناعية في مدار الأرض، ولكنها لم تكن حتى الآن قوية بما يكفي حتى تكون بديلاً للمحركات التي تعتمد على التفاعلات الكيميائية، وتُستخدم على نفس المستوى في المركبات الفضائية المتجهة نحو الفضاء العميق.

ولكن التطورات في تكنولوجيا الدفع الكهربائي الشمسي ستغير من هذا الأمر. فقد اجتازت تكنولوجيا سايك اختبارها الأول الكبير في مركبة داون الفضائية، وهي مركبة استكشافية تعتمد على الطاقة الشمسية والنفاثات الأيونية. وفي نهاية المطاف، توقفت داون عن العمل أثناء دورانها حول الكوكب القزم سيريس (حيث ستبقى في المدار لعدة عقود) في 2018، وذلك بعد ثلاث سنوات من النهاية الافتراضية للبعثة.

تستطيع هذه النفاثات العمل عدة سنوات دون أن تنفد من الوقود، ولكنها تؤمن قوة دفع منخفضة نسبياً مقارنة مع تكنولوجيات الدفع التقليدية.

اقرأ أيضاً: ناسا تضع قواعد جديدة للإشعاع قد تعزز مشاركة النساء في البعثات الفضائية

مهمة سايك

وستتمكن نفاثات سايك من توليد دفع بقوة تبلغ ثلاثة أضعاف قوة دفع النفاثات السابقة، وبعد حوالي سنة من الإطلاق، ستحصل المركبة على بعض المساعدة من قوة الجذب الثقالي للمريخ لتغيير مسارها قبل وصولها إلى وجهتها النهائية في 2026.
وبعد هذا، ستمضي سايك أقل من سنتين بقليل وهي تدور حول الكويكب.

وتتلخص مهمتها بدراسة نواة الكويكب الحديدية لتحديد احتوائها على نفس العناصر التي اكتُشفت في نواة الأرض عالية الضغط، ما يمكن أن يساعد الباحثين على وضع تصور أفضل حول كيفية تشكل الكواكب. وعلى الرغم من أننا لا نستطيع رؤية نواة الأرض بشكل مباشر، فإن سايك ستستخدم نظام تصوير متعدد الأطياف، وهو جهاز يعتمد على الفلاتر مع كاميرتين للحصول على بيانات جيولوجية وتركيبية وطبوغرافية عالية الدقة من الكويكب.

وإذا تبين أن نواة هذا الكويكب مماثلة لنوى الكواكب الصخرية الصغيرة، فقد يستطيع العلماء تحديد إمكانية وجود أصول مشتركة لجميع هذه الأجرام. ونظراً لاعتقاد العلماء بأن سايك 16 (الكويكب) هو نواة كوكب فشلت عملية تشكّله، فإن نظرة عن كثب يمكن أن تؤمن المزيد من التفاصيل حول تشكل القسم الداخلي من النظام الشمسي.

وفي 2017، اختيرت سايك كواحدة من بعثتين في برنامج ديسكفيري في ناسا، وهو عبارة عن سلسلة من البعثات منخفضة التكاليف نحو عدة أهداف في النظام الشمسي. وقد شاركت جامعة أريزونا الحكومية في عملية تطوير سايك التي خُصصت لها ميزانية تصل إلى حوالي 450 مليون دولار، وذلك لضمان قدرتها على قطع كامل الطريق في الفضاء العميق.

ولكن، كلما ابتعدت المركبة الفضائية عن الشمس، زادت صعوبة التقاط ضوء الشمس باستخدام المصفوفات الشمسية، وزادت صعوبة تزويد النفاثات الأيونية بالطاقة. ولهذا، يجب على سايك أن تخفف سرعتها ما إن تتجاوز المريخ. وللوصول إلى مسافة أبعد، قد تضطر المركبة الفضائية للاعتماد على تكنولوجيا ⁧⁩الدفع الحراري النووي⁧⁩، والتي تعمل ناسا أيضاً على تطويرها.