الرؤية سبيل اليقين: إطلاق الطاقات الاقتصادية الكامنة في تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز في الإمارات

4 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

نشرة خاصة

في ظل التغيرات السريعة التي نعيشها حالياً، قطعت بعض المؤسسات والشركات الإماراتية شوطاً كبيراً في استخدام التقنيات الحديثة. وفي الوقت الذي تعكف فيه الشركات والمؤسسات المحلية على إعادة تقييم نماذج أعمالها، من الضروري أن تقف تلك الشركات والمؤسسات على مدى التأثير المتوقع لتقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز على المجتمع.

وكشفت آخر أبحاث بي دبليو سي أن كل العوامل أصبحت مهيأة أمام تقنيات الواقع الافتراضي وتقنيات الواقع المعزز لتحقيق النقلة الهائلة المنتظرة منها؛ إذ يتوقع أن تضيف هذه التقنيات ما يزيد عن 4 مليارات دولار إلى اقتصاد دولة الإمارات وحدها بحلول عام 2030 وهو ما يعادل 1% من إجمالي الناتج المحلي الإماراتي.

وعلى الرغم من التشابه بين تقنيات الواقع المعزز وتقنيات الواقع الافتراضي، ولكن لكل منها خصائص تميزها عن الأخرى؛ حيث تقدم تقنيات الواقع المعزز معلومات رقمية أو كائنات في العالم الواقعي من خلال جهاز متحرك أو جهاز ترتديه على رأسك، بحيث يمكن أن تظهر هذه العناصر كصورة جرافيك عادية أو تراها ككائن حقيقي ثلاثي الأبعاد، في حين تأخذك تقنيات الواقع الافتراضي بعيداً عن الواقع وتسبح بك في بيئة رقمية بالكامل من خلال جهاز ترتديه على رأسك أو شاشة تحيط بك.

وهذه التقنيات ليست بالجديدة، إلا أن هناك توجُّهين رئيسيين من المنتظر أن يسهما في تسريع وتيرة استخدام هذه التقنيات بمرور الوقت، وهما: الفوائد التي سيجنيها قطاع الأعمال من هذه التقنيات، التي اتضح الآن أنها أكبر وأكثر جاذبية عن ذي قبل، والتطورات التكنولوجية التي ستضمن للمستخدم النهائي تجربة مميزة.

ومن هذا المنطلق، تناولت بي دبليو سي -في تقريرها الجديد الصادر تحت عنوان “الرؤية سبيل اليقين”- بعضَ القطاعات الرئيسية المرشحة للتأثر بهذه التقنيات، والتأثير المتوقع على الاقتصاد المحلي.

الفوائد التي ستعود على قطاع الأعمال
تتميز تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز بكثرتها وتنوعها، وتتمثل أهم المميزات التي تقدمها هذه التقنيات للشركات والمؤسسات في تمكين تدريب الموظفين واختبارهم واختبار الإجراءات المتبعة، بما في ذلك محاكاة سيناريوهات واقعية لأمور تحدث خلال العمل حتى في البيئات عالية الخطورة.

وعلى سبيل المثال، أطلق بنك الإمارات دبي الوطني أكاديميته للواقع الافتراضي للموظفين، التي تستخدم المحاكاة لمساعدة الموظفين على فهم السيناريوهات الواقعية في بيئة افتراضية، ولكن من منظور العميل. كما بدأت هيئة كهرباء ومياه دبي في استخدام خوذات ونظارات حماية ذكية تمكن المهندسين والفنيين من الاتصال الدائم والسريع بين بعضهم البعض لإجراء الإصلاحات اللازمة.

ومن خلال إمكانية تجميع فرق العمل من مختلف المناطق والدول في فضاء افتراضي واحد، يمكن لتقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز تسريعَ تطوير المنتجات، كما يمكن لفرق التصميم اختبار مفاهيم مختلفة وتقييمها بسهولة أكبر دون الحاجة إلى الإنفاق على إنتاج نماذج مادية، وهو ما سيسمح للمؤسسات بإخراج منتجات أعلى جودة إلى السوق في زمن أقل.

وفي الواقع يمكن لتقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز خفض التكاليف ودعم الكفاءة بجميع الطرق والكيفيات، بدءاً من تطوير إنتاجية عمال المخازن من خلال ارتداء نظارات الواقع المعزز التي تحسّن من قدرتهم على تحديد معلومات الطلبية وتغليفها، وانتهاء بتزويد المهندسين والفنيين في الموقع بمعلومات لا حصر لها. ولا تقتصر فوائد هذه التقنيات على تحسين وتنظيم آليات وإجراءات العمل، بل بدأت كثير من الشركات في إدراك الفرصة التي تطرحها هذه التقنيات لخلق مصادر دخل جديدة وتنمية المصادر الحالية.

فقد بدأت 3 قطاعات (التجزئة والضيافة والسيارات) بالفعل في استكشاف إمكانيات بيع المنتجات وعرضها من خلال تقنيات الواقع الافتراضي وتقنيات الواقع المعزز معاً، بينما تستخدم شركات ألعاب الفيديو والترفيه هذه التقنيات لإنتاج منتجات وتجارب جديدة.

ولا شك أن هذه الفرص الجديدة يجب أن يدعمها وجودُ دراسات جودة سليمة، إلا أن استخدام تقنيات الواقع الافتراضي وتقنيات الواقع المعزز في حد ذاته قد يساعد في وضع أي شركة في مصافّ الشركات المبتكرة صاحبة التفكير المستقبلي داخل القطاع الذي تعمل فيه، وبالتالي يساعدها على جذب الشركاء أو المستثمرين أو الكفاءات.

تطور التقنية
من الأسباب الأخرى التي ستقنع الشركات بضرورة اكتشاف فوائد تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز هو النضج الذي وصلت إليه أخيراً هذه التقنيات؛ حيث تتزايد سهولة استخدام الأجهزة والبرمجيات الداخلة في هذه التقنيات يوماً بعد يوم، ويزداد تطور محتواها وجاذبيته بالإضافة إلى تطور قدرة الاتصال بين الأجهزة، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام مجموعة جديدة من الاستخدامات لهذه التقنيات في مجال الأعمال.

لقد أصبحت أجهزة الرأس أخف وأرخص وأسهل في الاستخدام بالإضافة إلى التطورات الملحوظة التي تتم على صعيد مجال الرؤية ووضوح الصورة والمنصات البرمجية.

والأهم من ذلك أن تبنّي شبكة الجيل الخامس بالتماشي مع رؤية الإمارات 2021 ومعرض إكسبو 2020 سيؤدي إلى تحسين وخلق تجربة جديدة للمستهلكين والشركات، فمع شبكة الجيل الخامس لن تكون أجهزة الواقع الافتراضي والمعزز في حاجة إلى الكثير من قدرات معالجة البيانات أو سعات التخزين الداخلية، مما يقلل من التكلفة، ويساعد على ظهور تصاميم سهلة الاستخدام، مع الاستعانة بالشبكة السحابية لمعالجة وتخزين المعلومات بدلا من إجراء ذلك داخل الأجهزة.

خطوات عملية للاستفادة بتقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي
يظهر البحث الذي أجرته بي دبليو سي أن تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي تُسهم فعلياً بما قيمته 46 مليار دولار في إجمالي الناتج المحلي للاقتصاد العالمي، ولم يعد هناك داعٍ للانتظار؛ ففوائد هذه التقنيات باتت واقعاً ملموساً يمكن تحقيقه اليوم لا غداً.

ويقدم تقريرُنا الأخير 5 خطوات عملية لمساعدة الشركات والمؤسسات في دولة الإمارات العربية المتحدة على الاستعداد للإبحار في عالم تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز وهو عالم يموج بالتحديات والفرص المختلفة.

  1. التركيز على حل مشكلات الشركات
    الاهتمام بعمل دراسة جدوى سليمة، مثل استخدام تقنية الواقع الافتراضي والواقع المعزز لتسريع العمليات أو الإجراءات التشغيلية، أو تعزيز السلامة، أو تخفيض التكاليف، أو فتح الأبواب أمام مسارات جديدة لتدفق الإيرادات.  
  1. التفكير في الصورة الأشمل للتقنية بدلاً من التركيز على بناء البرنامج
    بناء البرنامج ما هو إلا مرحلة واحدة من مراحل تطوير حل من حلول الواقع الافتراضي أو الواقع المعزز، ويستلزم نجاح التنفيذ فهمَ التقنية ككل وقدراتها، وتصميم البرنامج القادر على حل مشكلة من مشاكل قطاع الأعمال، ونشر البرنامج بطريقة فعالة.
  1. تقديم تجربة سلسة
    سيتوقف الاعتماد الإيجابي على الحلول التي تقدمها تقنيات الواقع الافتراضي أو الواقع المعزز على مدى سهولة استخدامها وتلقائيتها. ويتوقف ذلك على عدد من العوامل، منها: كيفية تنفيذ المستخدم للإجراءات خلال تجربته، والأجهزة المستخدمة، ومدى سهولة تجربة التقنيات، بل حتى البيئة المحيطة بها.
  1. شاهد تجربة عملية على التقنيات
    في مجال تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز، الرؤية هي سبيل اليقين؛ فأفضل وسيلة لفهم الفوائد التي تقدمها هذه التقنيات هي رؤية تطبيقات عملية لها. يمكنك البدء ببرنامج تجريبي صغير لاستكشاف إمكانياتها.
  1. قياس النتائج والعمل وفقاً لها
    بمجرد إنشائك لبرنامج تجريبي، حاول أن تجمع ملاحظات كافية من المستخدمين للاسترشاد بها في خطوتك القادمة: هل ستضخ مزيداً من الاستثمار في البرنامج الذي أنشأته؟ أم توجهه إلى اتجاه آخر؟ أم تتحول عنه كلياً وتنتهج مساراً جديداً؟

والسؤال الآن: هل أنت مستعد للانضمام إلى ثورة تقنيات الواقع الجديدة؟