8 إجراءات قائمة على التكنولوجيا يمكن أن تضمن استدامة المياه في المستقبل

5 دقائق
8 إجراءات قائمة على التكنولوجيا يمكن أن تضمن استدامة المياه في المستقبل
حقوق الصورة: shutterstock.com/ SewCream
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تُعتبر المياه مورداً حيوياً للإنسان ودعامة من دعامات الأمن الغذائي وإنتاج الطاقة وحماية البيئة، لكنها أيضاً مورد مهدد بالعديد من التحديات مثل الندرة والتلوث وتغيّر المناخ والتوزيع غير المتكافئ، فوفقاً لتقرير من منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” (UNICEF) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) نُشر عام 2019، يوجد نحو 2 مليار شخص حول العالم يفتقرون إلى خدمات مياه الشرب النظيفة، وهو ما يعني أن 1 من كل 3 أشخاص على مستوى العالم لا يحصلون على مياه شرب آمنة.

بالإضافة إلى ذلك ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، من المتوقع أن يعيش نحو 1.8 مليار شخص في بلدان أو مناطق تعاني من ندرة مطلقة في المياه بحلول عام 2025. لمواجهة هذه التحديات وضمان استدامة المياه للأجيال الحالية والمستقبلية، بدأت العديد من الحكومات ومراكز الأبحاث والشركات بتطوير تقنيات مبتكرة يمكنها تحسين كفاءة المياه وجودتها وإمكانية الوصول إليها.

كيفية استخدام التكنولوجيا لضمان استدامة المياه في المستقبل

يمكن أن تقدم الحلول القائمة على التكنولوجيا مثل الأتمتة والتحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي مساعدة فعّالة في تعزيز استدامة المياه في جميع أنحاء العالم. على سبيل المثال، يمكن أن تساعد العدادات الذكية المستهلكين في تتبع استخدام البشر للمياه بطريقة ذكية، ما يقلل من الهدر غير الضروري. وفيما يلي بعض التكنولوجيات المبتكرة الأخرى التي يمكن أن تساعد في ضمان استدامة المياه في الوقت الحالي والمستقبل:

1- ترشيح المياه بالطاقة الشمسية

في العديد من الأماكن حول العالم لا تكمن المشكلة في عدم وجود ما يكفي من المياه، بل في أن معظم المياه المتوفرة ملوثة. على سبيل المثال، في البلدان النامية يتم استخدام نحو 80% من مياه الصرف الصحي دون معالجة، لهذا السبب بدأت الشركات في ابتكار حلول لتوفير مياه صالحة للاستخدام من خلال توفير أجهزة ترشيح تعمل بالطاقة الشمسية لإنتاج مياه شرب نقية.

إحدى هذه الشركات شركة إنوفايتيف ووتر تكنولوجيز (Innovative Water Technologies) التي تعمل في تطوير منتجات لمعالجة المياه، حيث طوّرت نظاماً لتنقية المياه يسمى صن سبرينغ هايبرد (SunSpring Hybrid)، وهو نظام محمول يعمل بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح يوفر نحو 20,000 لتر من المياه النظيفة يومياً، ويمكنه العمل لمدة 10 سنوات أو أكثر.

اقرأ أيضاً: هيئة كهرباء ومياه دبي توفر نصائح لترشيد استهلاك الكهرباء والمياه خلال شهر رمضان المبارك

2- تقنية الضباب لحصاد المياه

هي تقنية تُسمى أيضاً الحصاد السحابي (Cloud Fishing) تُستخدم لالتقاط المياه من الضباب المتجمع بفعل الرياح، وحصادات الضباب (Fog Harvesters) هي عبارة عن بنى شبكية عادة ما تكون مساحتها متراً مربعاً واحداً، تُقام بشكل عمودي على مسار الرياح. عندما تهب الرياح محركةً الضباب عبر الجهاز، تلتقط الشبكة القطرات وتسحب الجاذبية الماء نحو حاويات موجودة في الأسفل.

طُبقت هذه التقنية في العديد من الدول، ومن ضمنها دولة المغرب حيث قامت المنظمة غير الربحية دار سي حماد (Dar Si Hmad) بتركيب حصادات الضباب على منحدرات جبل تمزقيدة (Timizguida) والذي يعد الآن أكبر مشروع لحصاد الضباب في العالم، حيث تسهم حصادات الضباب بتجميع نحو 6300 لتر من المياه النقية يومياً.

3- وحدات التحكم بالري الذكية

أجهزة التحكم في الري الذكية (Smart Irrigation Controllers) هي أجهزة تنظم تلقائياً كمية المياه التي يتم ضخها من مصدر المياه إلى المنطقة المراد سقايتها، ويتم استخدام أجهزة الاستشعار فيها ويمكن للمستخدم إما برمجتها أو تأتي مع إعدادات مبرمجة مسبقاً.

حيث يمكن لهذه الأجهزة تقليل هدر المياه من خلال مراقبة الطقس وظروف التربة والتبخر لضبط جدول الري تلقائياً وفقاً للظروف الفعلية للموقع. وبحسب وكالة حماية البيئة الأميركية (EPA)، فإن أنظمة التحكم في الري الذكية يمكن أن توفر في المتوسط نحو 8800 غالون من المياه لكل منزل أميركي سنوياً من خلال استخدام الكمية المناسبة من المياه بناء على عوامل الموقع.

4- تقنيات تحلية المياه

يمكن أن تسهم التقنيات المستخدمة في تحلية المياه في ضمان استدامة المياه في المستقبل من خلال زيادة إمدادات المياه العذبة في المناطق التي تواجه ندرة المياه بسبب تغيّر المناخ أو النمو السكاني أو التلوث. وإحدى التقنيات الواعدة هي وحدة تحلية مياه محمولة يقل وزنها عن 10 كيلوغرامات يمكنها إزالة الجزيئات والأملاح لإنتاج مياه الشرب النظيفة.

تم تطوير الوحدة بواسطة باحثين من معهد إم آي تي (MIT)، وتطلب الوحدة التي تأتي بحجم حقيبة السفر طاقة أقل للعمل من شاحن الهاتف الخلوي، من خلال لوحة شمسية صغيرة محمولة، قادرة على توليد تلقائي لمياه الشرب التي تتجاوز معايير الجودة لمنظمة الصحة العالمية.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن نمنع تلوث الماء؟

5- استخدام التحليلات التنبؤية

يمكن أن تساعد التحليلات التنبؤية (Predictive Analytics) في ضمان استدامة المياه من خلال تحسين إدارة أصول المياه وتحسينها وضمان جودتها. على سبيل المثال، يمكن أن تساعد تكنولوجيا التحليلات التنبؤية مرافق المياه في مراقبة حالة وأداء البنية التحتية مثل الأنابيب والمضخات والصمامات، والتنبؤ بالوقت الذي تحتاج فيه إلى الصيانة أو الاستبدال، ما يقلل من هدر المياه ويوفر التكاليف ويطول عمر المعدات.

علاوة على ذلك، يمكن أن تساعد أيضاً مرافق المياه في تحليل أنماط العرض والطلب على المياه، ما يساعدها في تعديل عملياتها وفقاً لذلك، والتنبؤ بالسيناريوهات المستقبلية في ظل ظروف مختلفة، ما يمكن أن يؤدي إلى زيادة كفاءة إنتاج المياه وتقليل استهلاك الطاقة اللازمة لذلك وتحسين المرونة.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن استخدام إنترنت الأشياء لتحسين إنتاج الطاقة الشمسية ومردود توربينات الرياح؟

6- استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي

تعتبر نماذج الذكاء الاصطناعي المختلفة أدوات فعّالة يمكن أن تساعد في تحسين استدامة المياه من خلال المراقبة الذكية والنمذجة التنبؤية بجودة المياه ومشكلات التلوث، بالإضافة إلى تحسين إمدادات المياه وأنظمة الصرف الصحي وتقليل التكاليف وتحسين تقديم الخدمات. 

إليك بعض الأمثلة على تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي يمكن استخدامها من أجل استدامة المياه:

اقرأ أيضاً: تلوث المياه: أبرز أسبابه وآثاره على الإنسان والبيئة

7- استخدام أدوات المراقبة الذكية

في البلدان النامية وحدها يقدّر أن نحو 45 مليون متر مكعب تُفقد يومياً من خلال تسريب المياه في شبكات التوزيع، وهو ما يكفي حاجة ما يقرب من 200 مليون شخص، هذه التسربات تزيد من الضغط على موارد المياه التي تعاني أصلاً، ومن ثم تساعد أدوات المراقبة الذكية (Smart Monitoring) الشركات في ضمان سلامة شبكات إمدادات المياه.

حيث تسمح أدوات مثل عدادات المياه الذكية (Smart Water Meters) بالتقاط ومشاركة بيانات استهلاك المياه بشكل متكرر، ومراقبة معدل التدفق وتحديد التدفقات العكسية وإرسال التنبيهات عند أول علامة على وجود مشكلة.

علاوة على ذلك، يمكن استخدام مستشعرات إغلاق المياه الذكية لاكتشاف التسريبات وإغلاق شبكة المياه تلقائياً في حالة حدوث تسرب، كما تسمح أدوات مثل أجهزة استشعار الضغط والصوت المتصلة لاسلكياً في الوقت الفعلي بأنظمة المراقبة المركزية القائمة على السحابة للشركات باكتشاف التسريبات وتحديدها بشكل أسرع.

اقرأ أيضاً: اكتشاف مواد ذكية تسهل من عملية استخلاص المياه النظيفة من الهواء

8- معالجة مياه الصرف الصحي

غالباً ما يتم تصريف مياه الصرف الصحي حتى في المناطق الحضرية في مصبات الأنهار أو استخدامها كمياه للري دون معالجتها، ولكن يمكن استخدام التكنولوجيا لتحويل المياه العادمة إلى مورد لتوليد الطاقة ومصدر لمياه الشرب. على سبيل المثال، تقوم تقنية الترشيح تحت الفراغ (Vacuum Filtration) باستخدام مضخة تفريغ لإحداث فرق في الضغط عبر وسيط مرشح يحتجز المواد الصلبة و يسمح للماء بالمرور، والذي يمكن معالجته لاحقاً من أجل الشرب أو التنظيف أو الري.

اقرأ أيضاً: كيف تحل القوارب الطائرة مشكلة التلوث البحري؟

ختاماً، يمكن القول إن ضمان توفر كمية كافية من المياه للاستخدامات الحضرية والزراعية والصناعية هو أهم قضية تواجه مجتمعات العالم، ومن ثم تتطلب الإدارة المستدامة للمياه اتباع نهج شامل والتعاون بين مختلف أصحاب المصلحة، مثل الحكومات والشركات والمجتمعات والأفراد، واعتماد ممارسات وتقنيات مبتكرة لزيادة ضمان وصول الجميع إلى مياه نقية وآمنة للاستخدام.