كيف يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في مكافحة “وباء المعلومات” حول فيروس كورونا؟

4 دقائق
مصدر الصورة: مكتبة الصور العلمية/ غيتي إيميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

منذ فترة قريبة، انتشرت الإشاعات في ماساتشوستس حول استعداد حاكم الولاية الأميركية لإصدار أمر “البقاء في المنازل”. سارع العامة بدافع الذعر إلى شراء كميات كبيرة من الورق الصحي ومنتجات التنظيف والمعكرونة وزبدة الفستق في متاجر البقالة ومحطات الوقود وغير ذلك في جميع أنحاء الولاية. بعد إلغاء أو تأجيل أحداث عامة مثل موكب يوم ساينت باتريك وماراثون بوسطن، وإغلاق الحانات وأماكن التجمعات العامة، استجاب الحاكم تشارلي بيكر للإشاعة قائلاً: “يجب على الجميع أن يحصلوا على الأخبار من مصادر موثوقة، لا من صديق صديق صديق صديقهم”.

من أين أتت هذه الإشاعة؟
كانت إحدى تدوينات أحد مشاهير نظريات المؤامرة تنتشر في منصات التواصل الاجتماعي، وربما أثارت ذكريات السكان في الولايات المتحدة حول تفجير ماراثون بوسطن، وأعادت إلى أذهانهم -وبشكل مؤلم- ما يمكن أن يحدث خلال الأزمات.

في خضم إجراءات العزل والإغلاق التي تتزايد في محاولة للحد من انتشار الفيروس، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي أكثر أهمية من قبل. ومع بدء تطبيق الحجر الصحي الجزئي، أخذت خدمات فيسبوك وتويتر وغيرها مكانةً جديدة كأساس لحياتنا اليومية، حيث تلعب دور صلة وصل بين أفراد العائلة والأصدقاء وزملاء العمل، إضافة إلى الترفيه الضروري للغاية. ومع تزايد انعزالنا الفيزيائي، يجب أن تتحمل منصات التواصل الاجتماعي والويب أيضاً عبء حاجة العالم إلى المعلومات، خصوصاً مع سعي المزيد إلى الحصول على المعلومات الفورية والمحلية.

ولكن منظمة الصحة العالمية تشعر بالقلق من أن مواجهتها لجائحة كوفيد-19 يجب أن تترافق أيضاً مع مواجهة وباء المعلومات، الذي تُعرّفه بأنه “وفرة فائضة في المعلومات، سواء الدقيقة أو غير الدقيقة، بشكل يزيد من صعوبة العثور على مصادر موثوقة وتوجيهات يمكن الاعتماد عليها عند الحاجة”. وفي مؤتمر صحفي عُقد مؤخراً، ذكّر الحاكم بيكر المستمعين بأن التلفاز والصحف هي أكثر مصادر المعلومات دقة، وحذّر من الاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي. 

من دون إستراتيجيات دقيقة تمنع انتشار المعلومات الخاطئة، يمكن أن تقع الكثير من المشاكل. وما زالت منصات التواصل الاجتماعي تمثل نقطة ضعف اجتماعية تكنولوجية خطيرة في أوقات الارتباك والأزمات؛ فعندما تصبح المعلومات نادرة، تصبح الفرصة سانحة أمام الجهات الإعلامية الخبيثة للترويج للفوضى والخوف.

قواعد جديدة لأدوات قديمة
نحن نواجه مفارقة. إن نفس البنية التحتية التكنولوجية التي ينتشر فيها وباء المعلومات أنشأتها الشركات التي تستفيد من نشر المعلومات بشكل متواصل. وهي نفس أدوات التواصل التي يجب أن نستخدمها لمواجهة وباء المعلومات أيضاً. وفي حين تتكيف المنصات مع هذه الأوضاع، فإن جميع قرارات التصميم تتأثر بالمسائل السياسية أيضاً.

ولا يقتصر استخدام سكان الولايات المتحدة لمنصات التواصل الاجتماعي على البحث عن المعلومات حول كوفيد-19، بل إنهم أيضاً في فترة انتخابات، كما أنهم يستعدون للإحصاء السكاني الذي يُجرى مرة كل عشر سنوات، وقد أدى هذا إلى بعض القرارات الغريبة، مثل تأجيل ولاية لويزيانا لانتخاباتها الديمقراطية الأساسية، على الرغم من مواصلة هذه الانتخابات في الولايات الأخرى. كما أن الارتباك المترافق مع الانتخابات الأساسية -خصوصاً بعد فضيحة مجالس ولاية آيوا الانتخابية– قد أدى إلى حدوث انتشار سريع للشائعات ونظريات المؤامرة على تويتر. ويمكن أيضاً لإعلام العامة بأي تأجيل مقصود بطريقة خرقاء أن يؤدي إلى مشاكل أسوأ من ذلك. أيضاً، قامت فيسبوك بإزالة بعض الإعلانات بعد أن احتج ديمقراطيون وناشطون على إعلان غريب ومُربك في حملة إعادة انتخاب ترامب، كان نصه: “الرئيس ترامب يحتاج منكم إلى المشاركة في الإحصاء السكاني الذي يجريه الكونجرس للمقاطعات لعام 2020 اليوم”.

في هذه الأثناء، ما زال الأميركيون من الأصول الأفريقية عرضة لحملات المعلومات الزائفة، التي قد تؤدي إلى عواقب وخيمة. ومؤخراً، فتحت سي إن إن تحقيقاً حول الصلات الروسية بعملية تأثير تعتمد على الأفارقة للعب دور أميركيين من أصول أفريقية على تويتر وفيسبوك وإنستقرام، وذلك في محاولة لجذب المتابعين ولفت الانتباه حول المسائل العرقية الخلافية. وكانت الحملة الثانية تتعلق بالمعلومات الزائفة الصحية، حيث انتشرت معلومات خاطئة حول مناعة ذوي البشرة السمراء ضد كوفيد-19 على الإنترنت، وذلك في نفس الفترة التي نشر فيها بعض المشاهير من ذوي البشرة السمراء مقطعاً مرئياً حول نظرية مؤامرة تتعلق بفيروس كورونا.

ليس من السهل تقييم تأثير المعلومات الزائفة، وما أن يتم تسييسها، قد يُساء تقديرها أيضاً، سواء زيادة أو نقصاناً. ولكن كما تعلمت شركات التواصل الاجتماعي، فإن الوقوف على الحياد عند إساءة استخدام منصاتها قد يؤدي إلى نتائج فادحة. ولكن الانعزال الاجتماعي سيؤدي -وبالتأكيد- إلى زيادة صعوبة مكافحة وباء المعلومات، خصوصاً مع تراجع إمكانية التواصل المباشر مع المقربين والجيران.

وسائل التعامل مع وباء المعلومات
كيف يمكن للمنصات أن ترقى إلى مستوى التحدي؟ يجب أن تقوم شركات التواصل الاجتماعي بتصنيف وترتيب المعلومات ومنح الأولوية للمعلومات الموثوقة، وهو أمر أصبح ضرورياً الآن أكثر من أي وقت مضى. على سبيل المثال، قامت شركات الويب، مثل بينتيريست، بوضع عناوين وروابط على صفحاتها الرئيسية حول كوفيد-19. 

ولكن المعلومات الزائفة ليست فقط مشكلة محتوى، بل مشكلة نقل. في الأوضاع المتأزمة، يستطيع المسؤولون الحكوميون تفعيل أنظمة الإنذار المخصصة للطوارئ من أجل الوصول إلى العامة، وذلك عبر الهواتف الخليوية وتلفزيون الكابل والراديو. ولكن لا توجد حالياً بروتوكولات طوارئ مماثلة لمنصات التواصل الاجتماعي. في خضم المعركة التي تخوضها منظمة الصحة العالمية مع وباء المعلومات حول فيروس كورونا، ما الضمانات التي يحتاجها العامة للتأكد من منح الأولوية للمعلومات الهامة؟

يجب أن تتضمن أنظمة الإنذار هذه شركات منصات التواصل الاجتماعي، بحيث يصبح نقل المعلومات الهامة ممكناً. هناك أساليب مختلفة لتحقيق هذا، ولكن إعادة استخدام البنى التحتية المخصصة للإعلانات لضمان حصول المستخدمين على معلومات محلية وفورية وموثوقة هي إحدى هذه الوسائل لمواجهة هذا التحدي. وتمتلك شركات التواصل نظرة فريدة إلى السلوك المحلي، حيث يمكن أن تساعد على كشف حاجات المجتمعات المحلية، وتحقيق التوافق ما بين الأشخاص المحتاجين للغذاء والدواء والموارد المحلية.

ومن الهام أن ندرك عدم وجود نظام تواصل مثالي، مما يعني أننا يجب أن نستخدم جميع هذه الأنظمة لإرسال نفس الرسائل إلى العامة. هذه هي الطريقة الوحيدة التي تمنع الإشاعات من ملء فراغات الأسئلة التي لم يُجب عنها. 

إن ديمقراطيتنا، بل حياتنا أيضاً، تعتمد على هذا.