التحول الرقمي في التعليم العالي: كيف تستفيد الجامعات من التكنولوجيا الحديثة؟

5 دقائق
التحول الرقمي في التعليم العالي: كيف تستفيد الجامعات من التكنولوجيا الحديثة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Matej Kastelic
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

سرّعت جائحة كوفيد-19 من عمليات التحول الرقمي في معظم القطاعات تقريباً، ومن ضمنها قطاع التعليم الجامعي، حيث أصبحت الكليات والجامعات في جميع أنحاء العالم تبحث عن أفضل الممارسات لحل مشكلات عدم قدرة حضور الطلاب للفصول الدراسية داخل الحرم الجامعي بسبب القيود التي فرضتها الجائحة لتطبيقها، وأصبحت تركز بشكل كبير على أساليب متعددة لخدمة الطلاب بشكل أفضل، مثل اللامركزية في التعليم، والتعلم الافتراضي والمستقل.

أثبتت هذه الممارسات أنها توفر إمكانات وفرصاً مثيرة لتعزيز عمليات التعلم الجامعي وإدارتها بفعالية. ومع ذلك فإن عملية التحول الرقمي في مجال التعليم العالي ليست سهلة، بل تتطلب تخطيطاً وتوظيفاً وتدريباً كبيراً. فكيف يمكن للجامعات ومؤسسات التعليم العالي إدارة عملية التحول الرقمي بنجاح، وما هي الاستراتيجيات المطلوبة التي يجب عليها اتباعها؟

أهمية التحول الرقمي في قطاع التعليم العالي

يعد قطاع التعليم العالي أحد أكبر الصناعات التي تتمتع بوضع جيد لجني فوائد كبيرة من التحول الرقمي، حيث يعد استخدام التكنولوجيا والبيانات لتحسين أساليب التعليم والتعلم وتعزيزها مهماً للغاية في كل مؤسسة تعليمية، وذلك لتوفير عدد أكبر من خيارات التعلم للطلاب، مثل التعليم عبر الإنترنت، والتعليم بدوام كامل أو جزئي.

اقرأ أيضاً: جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي: الجامعة الأولى من نوعها في العالم العربي

نتيجة لذلك، لم يعد هناك شيء اسمه طالب تقليدي بعد الآن، حيث من الشائع أن يوازن طلاب اليوم بين العمل والأسرة والكلية على أساس يومي، أكثر من الحرص على التواجد بدوام كامل في الحرم الجامعي، والتركيز فقط على حضور الفصول الدراسية، وهنا تأتي أهمية التحول الرقمي في قطاع التعليم العالي، فمن خلال الاستفادة من التكنولوجيا والبيانات، يمكن للمؤسسات التعليمية القيام بالآتي:

  • استخدام المنافذ الرقمية، مثل منصات التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية، والتسويق عبر البريد الإلكتروني، وروبوتات الدردشة وغيرها لجذب الطلاب المحتملين والاحتفاظ بهم.
  • قياس النجاح على أُسس منطقية واتخاذ قرارات تعتمد على تحليل البيانات، مثل استخدام تكنولوجيا البيانات الضخمة.
  •  رقمنة موارد المكتبة بحيث تكون متاحة عبر الإنترنت ولأكثر من طالب في وقت واحد.
  •  إنشاء تطبيقات للأجهزة المحمولة لإبقاء الطلاب على اطلاع دائم بأحداث الجامعة والكلية.
  • جمع البيانات وربطها وتفعيلها بين جميع أقسام الحرم الجامعي لإكمال المهام بشكل أسرع وأكثر دقة.
  • تمكين الطلاب من إكمال المهام الروتينية بأنفسهم مثل التسجيل، ونسخ الدروس التعليمية، وطلبات المساعدة.

هذه ليست سوى عينة صغيرة مما يمكن تحقيقه من خلال التحول الرقمي في التعليم العالي. لذلك على الرغم من وجود طلب أقل للدراسة الجامعية النظامية، والمزيد من خيارات التعلم للاختيار من بينها، يمكن للكليات والجامعات تمييز نفسها واكتساب ميزة تنافسية من خلال إعادة تقييم ممارساتها في مجال التكنولوجيا والبيانات.

اقرأ أيضاً: لماذا يعتبر التحول الرقمي في التعليم مهماً في وقتنا الحالي؟

الأهداف الأساسية للتحول الرقمي في التعليم العالي

لبدء رحلة التحول الرقمي في أي مؤسسة تعليمية جامعية، فإنها تحتاج إلى أهداف ملموسة لتعمل على تحقيقهاا، ففي حال عدم وجود أو وضع أهداف قوية في الاعتبار، لن تتمكن من معرفة ما إذا كانت عملية التحول ناجحة أم لا، وبينما سيكون لكل كلية أو جامعة مجال محدد يتم التركيز عليه أولاً، إلا أن هناك بعض الأهداف الأساسية التي تتفق عليها معها معظم مؤسسات التعليم العالي عند بدء رحلة التحول الرقمي الخاصة بها، وهي:

  • تعزيز تجارب الطلاب.
  • تحسين التنافسية.
  • إنشاء ثقافة صنع القرار المبني على البيانات.
  • تحسين استغلال الموارد وتعزيزها.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن لعمليات التحول الرقمي أن تساعد في الانتقال إلى عالم أكثر استدامة؟

أفضل الممارسات لتحقيق التحول الرقمي في التعليم العالي

تختلف طرق تطبيق استراتيجيات التحول الرقمي في التعليم العالي، إلا أن هناك بعض ممارسات التحول الرقمي التي يجب أن تأخذها جميع المؤسسات التعليمية في الاعتبار، بما في ذلك:

تعزيز فريق تكنولوجيا المعلومات

يتطلب قسم تكنولوجيا المعلومات في أي مؤسسة دعم القيادة لإكمال التحول الرقمي من خلال توظيف وتدريب متخصصي تكنولوجيا المعلومات المناسبين والاستثمار في التقنيات المناسبة، وتعيين موظفين بمجموعة متنوعة من المهارات التكنولوجية، وزيادة الوعي بأهمية التحول الرقمي لأعضاء مجلس الإدارة، ووضع سياسات تقدر محو الأمية الرقمية عبر المؤسسة.

إنشاء رحلات افتراضية شخصية للطلاب المحتملين

من أجل جذب المزيد من الطلاب (العملاء) إلى المؤسسة التعليمية، يجب العمل بطرق مبتكرة تتيح لهم استكشاف البيئة التحتية للمؤسسة أولاً، حيث يمكن استغلال تكنولوجيا الواقع الافتراضي والواقع المعزز لتقديم تجارب مخصصة لهم، تتيح لهم التجول في بيئة افتراضية للحرم الجامعي من أي مكان وفي أي وقت.

تشجيع محو الأمية الرقمية

وهو القدرة على تحديد موقع البيانات وتقييمها ومشاركتها من خلال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات الرقمية. وذلك من خلال طرق مثل التركيز على فهم الأستاذ لمحو الأمية الرقمية قبل منحه المنصب، وتكريم الموظفين الذين يشجعون ويطورون المحتوى الرقمي ومكافأتهم، وإنشاء دورات تدريبية، وتقديم حوافز لمتابعة التدريب عبر الإنترنت، وإتاحة موارد الدروس رقمياً.

استكشاف التكنولوجيات الجديدة

هناك الكثير من التكنولوجيات التي تتكامل بصورة رائعة مع عمليات التعلم الجامعي، ومن ثم فإن على المؤسسات التعليمية الجامعية استكشافها بصورة مبكرة لدفع عملية التحول الرقمي في المؤسسة للأفضل. على سبيل المثال، قد يحتاج طالب جامعي إلى إجابات لأسئلة محددة. في هذه الحالة يتطلب توفير استجابة فورية له عبر استخدام روبوتات الدردشة المدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لحل مشكلته بشكل فوري.

اقرأ أيضاً: كيف تحول تقنية الهولوجرام التعليم إلى عملية ممتعة وفعالة؟

تحديات التحول الرقمي في قطاع التعليم العالي

في الوقت الحالي، أصبحت معظم القطاعات تتفاعل مع عملائها رقمياً. وفي قطاع التعليم، من الطبيعي أن يحمل الطلاب الآن توقعات البساطة والتخصيص والخدمة الذاتية والأتمتة وخدمة العملاء معهم إلى تجربتهم التعليمية. ومع ذلك فإن معظم جهود التحول الرقمي في التعليم العالي ما زالت متأخرة أو تفشل قبل انطلاقها، حيث وجدت دراسة حديثة أن 30% فقط من التحولات الرقمية تفي بالأهداف أو تتجاوزها وتؤدي إلى تغيير مستدام.

لا يزال التحول الرقمي الحقيقي في العديد من مؤسسات التعليم العالي بعيد المنال، وهذا يعود إلى عدد من العوائق التي تمنع الكليات والجامعات من الاستفادة من مبادرات التحول الرقمي المختلفة، منها:

  • البنية التحتية التكنولوجية القديمة: تستخدم العديد من المؤسسات التعليمية أنظمة قديمة لم يتم تأمينها أو دمجها معاً بشكل صحيح، ما يعيق إجراءات دعم قابلية التشغيل البيئي اللازمة لتحسين العمليات التشغيلية وتعزيز تجربة الطلاب النهائية.
  • الافتقار إلى حوكمة التكنولوجيا: تكافح العديد من الكليات والجامعات للتحرك نحو التحول الرقمي لأنها تفتقر إلى حوكمة تكنولوجيا المعلومات الرسمية، وهي بنية تضمن نشر تكنولوجيا المعلومات بفعالية وكفاءة لدعم الأهداف التنظيمية. نتيجة لذلك من الصعب جداً القيام بأنسب الحلول في الوقت المحدد وفي حدود الميزانية.
  • نقص التمويل والافتقار إلى المهارات اللازمة: يواجه قطاع التعليم العالي معاناة في جذب المواهب اللازمة والاحتفاظ بها، بالإضافة إلى نقص التمويل لتنفيذ عمليات التحول الرقمي، ما يؤدي إلى إجباره على التركيز فقط على استغلال الموارد المحدودة الموجودة بدلاً من الاستثمار باهظ الثمن.

اقرأ أيضاً: ما هي الإمكانات التي يقدمها عالم الميتافيرس في مجال التعليم؟

أمثلة للتحول الرقمي في التعليم العالي

خيارات الدفع الرقمي

يتوفر الآن الكثير من الخدمات المصرفية عبر الإنترنت وعبر تطبيقات الأجهزة المحمولة، لذلك من المنطقي أن تتكيف الكليات والجامعات مع ذلك. من خلال إتاحة حلول الدفع الإلكتروني في الحرم الجامعي للعناصر اليومية، مثل الطعام واللوازم الدراسية وغيرها.

صنع القرار على أساس البيانات

أكبر فائدة لأي استراتيجية تحويل رقمي هي البيانات التي تأتي معها تلقائياً. وهذا يعني أنها قابلة للقياس، لأن البيانات يمكن أن تعطي مؤشراً عما إذا كانت استراتيجية معينة ناجحة أم لا.

بوتات المحادثة

تقدم جامعة سانت توماس (University of St. Thomas) أداة موقع ويب تتيح للطلاب الدردشة مع أمناء المكتبات وطرح أسئلة حول موضوعات البحث الأساسية، ما يلغي الحاجة إلى الذهاب إلى المكتبة أو الاتصال الهاتفي، حيث يمكن استخدام هذه الممارسة في أي قسم لتبسيط العمليات، مثل تحديد المواعيد، أو التحقق من الحالة المالية.

الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة

يمكن إعداد نماذج الذكاء الاصطناعي في الحرم الجامعي للإجابة عن أسئلة الطلاب البسيطة، مثل مكان المكتبة أو وقت إغلاق الكافتيريا. هذا قد يكون مفيداً بشكل خاص لطلاب السنة الأولى.

تكنولوجيا الواقع المعزز والواقع الافتراضي

يمكن أن يحاكي التعلم في الفصل الدراسي التجربة العملية من خلال تكنولوجيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي، حيث يمكن لهذه التكنولوجيات أن تعزز وتحسن من العملية التعليمية لطلاب الهندسة المعمارية، أو طلاب الطب بشكل خاص.

اقرأ أيضاً: ما فوائد استخدام الواقع الافتراضي في تدريب طلاب الطب ومتخصصي الرعاية الصحية؟

إنترنت الأشياء

يمكن لمؤسسات التعليم العالي استخدام تكنولوجيا إنترنت الأشياء لتخصيص موارد الحرم الجامعي بشكل أفضل، من خلال تثبيت أجهزة مثل منظمات الحرارة الذكية والإضاءة. حيث يمكن لهذه الأجهزة الذكية اكتشاف مستوى الإشغال وضبط الإعدادات وفقاً لذلك لتوفير الطاقة.