علينا الاختباء من الكائنات الفضائية بدل البحث عنها

3 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

من النادر هذه الأيام أن تقع عينك على تقرير إخباري ناجح لا يدور، بطريقة أو بأخرى، حول إدارة ترامب، ولكن نجحتْ قصة نُشرت مؤخراً في صحيفة “نيويورك تايمز” حول هذا الأمر. يناقش مقال الذي يحمل عنوان“الهالات المتوهجة وأموال السوق السوداء”، بحماس منقطع النظير مبادرةً غامضة داخل البنتاغون شرعت في التحقيق في وجود الأطباق الطائرة. وكما أشار دانيال بوليتي في مجلة سليت خلال عطلة نهاية الأسبوع، فإنه يصعب الإدلاء بتصريح عما توصّل إليه برنامج التحقيق، هذا إن توصل إلى أي شيء على الإطلاق. ومع ذلك، فإن مجرد وجود هذه المبادرة أثار موجة من الاهتمام على الإنترنت، ترافقت مع تشوّق كبير في انتظار قصة ثانية من “نيويورك تايمز” تناقش رصد بعض الحوادث الغامضة وغيرها من الأمور المستندة إلى تقارير حول منشأة في لاس فيغاس تخزن سبائك غامضة.

هناك بالطبع أسباب تدعو إلى التشكيك في مبلغ الـ 22 مليون دولار الذي أُنفِق في تمويل البرنامج. ومن أهمها بالتأكيد أنه وفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز” فإن “معظم الأموال ذهبت إلى شركة أبحاث فضائية يديرها رجل أعمال ملياردير وصديق قديم لـ (هاري) ريد يُدعى روبرت بيجيلو الذي يعمل حالياً مع “وكالة ناسا” لإنتاج سفينة فضائية قابلة للتوسيع كي يستخدمها الإنسان في الفضاء. ومع إشارة القصة إلى إيمان بيجيلو العميق بهذا المشروع، فلا تزال هناك دواعٍ للقلق عندما نعلم أن أموال البرنامج دُفعت إلى عضو حليف في مجلس الشيوخ ساند الموافقة عليه في المقام الأول.

يمكننا القول في هذا المجال، إنه ضمن إطار الصورة البانورامية الشاملة للتمويل الدفاعي الأميركي، لا يشكل مبلغ 22 مليون دولار عملياً أكثر من مبلغ هامشي يمكن التغاضي عنه. وعلى غرار التحقيقات التي أجراها الجيش الأميركي في مجال الحرب النفسية، والتي تفيد التقارير أن كلفتها بلغت قيمة مماثلة، يبدو من المعقول بما فيه الكفاية أن نبحث على الأقل في الظواهر التي لا تزال غامضة، حتى لو أخفقت تلك التحقيقات في الوصول إلى معلومات فعالة. وسواء كان لهذه العجائب المزعومة أثر على كوكبنا أو لم يكن، فإنها لا تزال تستحق الدراسة بالتأكيد، حتى لو كان السبب مجرد احتمال أن تشكل خطراً أمنياً حقيقياً. وهو بالتأكيد أفضل من بعض المشاريع الأخرى التي تستهلك الميزانية الضخمة لـ “وزارة الدفاع”.

ولكن إذا كان المقصود من إنفاق أموال السوق السوداء هذه تأمين الوطن حقاً –ودعونا نفترض، في الوقت الراهن، أنه كذلك- فيمكن أن يتم استخدام هذا المال على نحو أفضل. وحتى لو كانت الأدلة المتاحة تشير إلى أن الكائنات الفضائية الذكية قادرة حقاً على الوصول إلى كوكبنا، فلا ينبغي لنا على الأرجح أن نكرّس مواردنا لمطاردة سفينتهم الاستكشافية. بل على العكس من ذلك، إذا كنا نعتقد أن هناك ولو مجرد احتمال في أنهم قادمون، فعلينا أن نبذل كل ما في وسعنا للاختباء منهم.

وعلى افتراض أن هناك كائنات فضائية في الفضاء الخارجي –وأنها متقدمة تكنولوجياً بما فيه الكفاية لعبور الهوة الشاسعة من الفضاء التي تفصلهم عنا، فمن غير المرجح أن تعتبرنا أكثر من حشرات. وعلى هذا النحو، قد يكون إرسال قوة الإبادة الجماعية هو الاستجابة الأولى لهذه الكائنات على اتصالنا بها على الرغم من أنها قد لا تفعل ذلك بنية خبيثة. وعلى الرغم مما تحوي هذه الفرضية من سخرية فهي تصل إلى نتيجة مشابهة لنتائج كاتب الخيال العلمي الصيني ليو سيكسين. وإليكم كيف عبّر روس أندرسن عن مخاوف ليو في مقاله الذي صدر مؤخراً في مجلة “ذي أتلانتيك” (Atlantic):

لا يجوز لأي حضارة أن تعلن عن وجودها في الكون، كما يقول ليو. إذ إن أي حضارة أخرى تعلم بوجودها ستعتبرها تهديداً يجب القضاء عليه، كما تفعل جميع الحضارات حين تحاول إبادة منافساتها إلى أن تواجه حضارة تتفوق عليها تكنولوجياً، ما يؤدي إلى زوالها هي بحد ذاتها. وتسمى هذه النظرة الكونية الكئيبة “نظرية الغابة المظلمة”، لأنها تصور كل حضارة في الكون كصياد يختبئ في غابة مظلمة، يسترق السمع بحثاً عن أصوات أي منافس.

يشعر العديد من الناس بمخاوف مماثلة، حتى لو لم يؤمنوا بالقوة التوسعية التدميرية التي قد تتمتع بها تلك الكائنات التي يُحتمل وجودها في الفضاء. وصف دان فاك، كاتب الخيال العلمي (وعالِم الكواكب)، في مقال نُشر في سليت عام 2015، اعتراض ديفيد برين على الشروع في التواصل مع الكائنات الفضائية كما يلي: “إنه يشير إلى تاريخ كوكبنا، إذ نادراً ما تسير مواجهات الثقافات المختلفة تكنولوجياً على ما يرام.” وكما نعلم جميعاً، تهزم الجراثيم الأرضية الغزاة من الكائنات الفضائية في “حرب العوالم” (The War of the Worlds). وعلى أي حال، إذا كان برين محقاً، حتى لو كان القادم إلى كوكبنا يتمتع بحسن النية، إلا أنه قد يدمر بطريق الخطأ عالمنا الإحيائي بأكمله.

وفي نهاية المطاف، إذا كانت الكائنات الفضائية قد وصلت بالفعل –وهناك العديد من الأسباب التي تنفي مثل هذا الافتراض– فقد تأخرنا كثيراً في محاولة الاختباء. وطالما أن الحكومة ملتزمة بالمشاريع التافهة المكلفة مالياً، يجب أن نأمل أن تركز على تلك التي يحتمل أن تحافظ على سلامتنا. أما فيما يتعلق بالكائنات الفضائية، فقد يكون المال المستخدَم في التأثير على الانتخابات دون التصريح عن مصدره أمراً لا غبار عليه، ولكن قد يكون الاختباء في الظلام أمراً أفضل قليلاً.