لماذا أدى دعم الهيدروجين كمصدر طاقة في اليابان إلى نتائج عكسية؟

2 دقائق
لماذا أدى دعم الهيدروجين كمصدر طاقة في اليابان إلى نتائج عكسية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Audio und werbung
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعتبر اليابان دولة رائدة في تبني الابتكارات الحديثة والتكنولوجيا، وقد عملت منذ عقود على تبني مصادر الطاقة المتجددة كبديل عن الوقود الأحفوري بهدف الحفاظ على البيئة، حتى إن شركة تويوتا اليابانية تسعى لبناء مدن بأكملها تعتمد على الهيدروجين كمصدر رئيسي للطاقة.

لكن تقريراً جديداً صدر عن أحد المعاهد اليابانية، قال إن اليابان استثمرت الهيدروجين بطريقة خاطئة، وإن جهودها للتخلص من الكربون لم تكن ناجحة.

ما الخطأ في اليابان؟

خلال العقود الماضية، ومع زيادة الوعي والاهتمام بتأثيرات الوقود الأحفوري السلبية على البيئة وتغيّر المناخ، بدأ الباحثون والعلماء يعملون على تطوير طرق تقلل انبعاثات الكربون في الغلاف الجوي، وطرحوا الكثير من الأفكار القابلة للتطبيق.

إحدى هذه الأفكار كانت الاعتماد على الهيدروجين، كونه غازاً قابلاً للاحتراق، وينتج عن احتراقه بخار الماء فقط، ويمكن الحصول عليه من خلال تحليل الماء كهربائياً. وقد أرادت اليابان أن تصبح دولة رائدة في إنتاج وقود الهيدروجين، لأنها دولة تفتقر إلى موارد الطاقة وتستوردها من الخارج، أي أن موضوع الطاقة في اليابان يعتبر مسألة أمن قومي.

اقرأ أيضاً: كيف سيؤثر الهيدروجين الأخضر على مستقبل العالم وما أشهر الدول التي تنتجه؟

لذلك، في عام 2017، أصبحت اليابان أول دولة في العالم تتبنى خطة وطنية شاملة للاعتماد على الهيدروجين، وقامت شركات يابانية مثل تويوتا بالتعهد ببناء مدن تدعم استخدام الهيدروجين كوقود أساسي فيها.

لتنفيذ هذه الخطة، ضخت الحكومة اليابانية الكثير من الأموال من أجل الاستثمار في طاقة الهيدروجين. على سبيل المثال، في عام 2021 فقط، أنفقت الحكومة نحو 800 مليون دولار أميركي على مشاريع تتعلق بالهيدروجين.

لكن بحسب معهد الطاقة المتجددة (REI)، وهو أحد أشهر مراكز الأبحاث البيئية في اليابان، أدى الدفع إلى استخدام الهيدروجين في بعض القطاعات إلى ضرر أكثر من النفع.

جاء في التقرير الذي أصدره المعهد ما يلي: “استراتيجية الهيدروجين لعام 2017 مضللة، سواء من حيث الغرض من استخدام الهيدروجين أو كيفية إنتاجه. بالإضافة إلى ذلك، فهي تشجّع على استخدام الهيدروجين الرمادي الذي لا يسهم في خفض انبعاثات الكربون”.

المقصود بالهيدروجين الرمادي المذكور في التقرير هو أكثر أنواع الهيدروجين إنتاجاً في العالم، والذي يتم إنتاجه عن طريق الكهرباء التي يتم توليدها من خلال حرق غاز الميثان، الذي يعتبر أحد أكثر الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.

يجادل التقدير بأن الاعتماد على الهيدروجين كمصدر طاقة رئيسي بديل للوقود الأحفوري في كل القطاعات هو أمر صعب للغاية، نظراً لأننا غير قادرين حالياً على إنتاج الهيدروجين الأخضر بكميات كبيرة، والهيدروجين الأخضر هو الهيدروجين الناتج من تحليل الماء باستخدام كهرباء مولدة من مصادر طاقة متجددة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.

اقرأ أيضاً: لماذا يمثل الهيدروجين الأخضر بديلاً جذاباً للوقود الأحفوري؟

يضيف التقرير أن استراتيجية اليابان للاعتماد على الهيدروجين جعلت الكثير من القطاعات تعتقد أن عليها الاعتماد على الكهرباء كمصدر طاقة رئيسي بدلاً من الوقود الأحفوري، وأن الهيدروجين يجب أن يستخدم فقط في القطاعات التي يصعب فيها إزالة الكربون.

يعود ذلك إلى أن معظم الاستثمارات التي ضختها الحكومة في استراتيجية الهيدروجين الوطنية قد ذهبت إلى قطاعات معينة فقط مثل تطوير محطات الوقود وسيارات الهيدروجين.

بحسب التقدير، أدى هذا الاستثمار غير المتوازن في قطاعات الهيدروجين إلى ضرر كبير، فالكثير من القطاعات التي لم تحصل على دعم لاستخدام الهيدروجين ظنت أنها لا تسبب الكثير من الضرر البيئي، وبالتالي استمرت في الاعتماد على الطاقة الكهربائية التي يتم توليدها من خلال حرق الوقود الأحفوري.

حتى إن استراتيجية الهيدروجين الوطنية في اليابان جعلت الشركات والأفراد يعتقدون أن الدولة هي المسؤولة عن إزالة الكربون، وبالتالي انخفضت الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية، حيث يؤكد التقرير أن اليابان تخلفت كثيراً عن الدول الأوروبية في إنشاء بنية تحتية للطاقة الشمسية.

اقرأ أيضاً: حقبة اقتصاد الهيدروجين ومستقبل العالم

يختتم التقرير المكون من نحو 20 صفحة بالقول إن مجتمعاً كاملاً يعتمد على الهيدروجين في اليابان ما زال بعيد المنال، وإن استراتيجية الهيدروجين الوطنية في اليابان أدت إلى نتائج عكسية تماماً لما كان متوقعاً، ويجب إعادة النظر فيها ودعم مصادر الطاقة النظيفة الأخرى بشكل أكبر.