شارك
الرئيسية
4 دقائق 
منذ آلاف السنين، بجّل البشر الشمس ولجأوا إليها من أجل إمدادهم بالدفء والطاقة. وحتى يومنا هذا، ما زلنا نستفيد من طاقة الشمس على اعتبار أنها طاقة متجددة لن تنضب قبل ملايين السنين، وستكون أفضل طريقة نبني فيها مستقبلنا الآمن والنظيف. وقد استفاد الإنسان من الطاقة الشمسية في حياته منذ القِدم، وهذه أبرز استخداماته لها قديماً وحديثاً.
استخدامات الطاقة الشمسية قديماً
اقتصرت استخدامات البشر للطاقة الشمسية قديماً على إشعال النار والتدفئة.
إشعال النار
بدأ البشر بالاستفادة من الطاقة الشمسية منذ زمن بعيد، فقد كانوا يستخدمون ضوء الشمس لإشعال النار من قطع الزجاج الشبيهة بالعدسة المكبرة. في وقت لاحق استخدم الإغريق والرومان والصينيون الطاقة الشمسية مع المرايا لإضاءة المشاعل للاحتفالات الدينية.
تدفئة المنازل والحمامات
أول من عُرف عنهم الاستفادة من الطاقة الشمسية هم المصريون القدماء، فقد كانوا يصممون منازلهم بحيث يمكن تخزين حرارة الشمس في جدران المبنى خلال النهار، ومن ثم إطلاقها بعد غروب الشمس كوسيلة لتدفئة المنزل خلال ليالي الصحراء الباردة.
وكان سقراط يدرّس فصولاً تعليمية عن فن العمارة الشمسية السلبية، أي كيفية بناء المنازل والمباني الأخرى للاستفادة بشكل أفضل من ضوء الشمس وطاقتها. وبنى اليونانيون منازلهم بنوافذ كبيرة مواجهة للجنوب للاستفادة القصوى من أشعة الشمس.
أما الإغريق فقد استخدموا تقنيات عزل المنازل على الجدران الشمالية التي تتعرض لقدر ضئيل من أشعة الشمس وتضربها رياح الشمال الباردة، وبذلك تبقى المنازل دافئة خلال الشتاء، مع الاستفادة من الشمس في إنارة المنزل طوال النهار شتاءً.
اقرأ أيضاً: كيف يتم تسخين الماء بالطاقة الشمسية؟
من جهة أخرى، سخّر الرومان طاقة الشمس لتدفئة حماماتهم الشهيرة بعد أن أصبح من النادر إيجاد الأخشاب اللازمة لتشغيل المواقد، فقد أصبحوا يفتحون نوافذ على طول الجدران الجنوبية للحمام، لتتغلغل أشعة الشمس داخل الحمام وتدفئه.
وفي الجنوب الأميركي، استخدمت أبناء حضارة أناسازي مبادئ الطاقة الشمسية السلبية لتدفئة مساكنهم التي كانوا يبنونها على الجروف وأطراف المنحدرات في الشتاء، ويساعد ذلك على تظليلها في الصيف. وبذلك استفادوا من تغيرات زوايا الشمس مع تغير الفصول.
في شمال الصين، وفي الجزء الأكثر برودة منها، كان الصينيون يبنون منازل صغيرة بفتحة واحدة مواجهة للجنوب، تسمح بدخول أشعة الشمس عندما تشرق، ولا تسمح بدخول الرياح الباردة.
الأفران والقوارب
في أواخر القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، استُخدم ضوء الشمس لتشغيل الأفران لرحلات طويلة. واستغل البشر طاقة الشمس لإنتاج قوارب بخارية تعمل بالطاقة الشمسية.
اختراع الألواح الشمسية نقلة نوعية
تجلّت الاستفادة القصوى من الطاقة الشمسية في القرن الماضي، بعد أن اخترع العالم الفرنسي إدموند بيكريل الخلية الشمسية، وهو مَن اكتشف أن الضوء يمكن أن يزيد من توليد الكهرباء عند وضع قطبين معدنيين في محلول موصل، وهذا ما يعرف بـ”التأثير الكهروضوئي”.
وفي عام 1873، اكتشف ويلوبي سميث أن السيلينيوم لديه إمكانات ناقلة ضوئية، ما أدى إلى اكتشاف ويليام جريلز آدامز وريتشارد إيفانز داي عام 1876 أن السيلينيوم ينتج الكهرباء عند تعرضه لأشعة الشمس. بعد بضع سنوات في عام 1883، أنتج تشارلز فريتس بالفعل أول خلايا شمسية مصنوعة من رقائق السيلينيوم.
استبدل داريل شابين وكالفن فولر وجيرالد بيرسون السيليكون بالسيلينيوم في عام 1954، ليكونوا هم من اخترعوا الخلية الكهروضوئية المعروفة اليوم، وهي الخلية القادرة على تسخير طاقة الشمس لتشغيل فعلي لجهاز كهربائي لعدة ساعات.
اقرأ أيضاً: إليك أساليب الاستفادة من الطاقة الشمسية
استخدامات الطاقة الشمسية حديثاً
توالت الجهود الرامية لتطوير هذه التكنولوجيا حتى أصبحنا نجد الألواح الشمسية الكهروضوئية في كل مكان، ويستفيد منها الإنسان حديثاً في شتى المجالات.
التهوية الشمسية
يمكن أن تقلل حلول التهوية الشمسية من عبء التدفئة والتهوية وتكييف الهواء من خلال المساعدة في تبريد منزلك خلال فصل الصيف، وتسخين هواء المبنى في المناخ البارد، ما يقلل من تكاليف الطاقة.
من أبرز استخدامات التهوية الشمسية ما يعرف بمراوح العليّة، وهي مروحة في السقف متصلة بخلية كهروضوئية تشغل محرك المروحة دون الحاجة للتيار الكهربائي المنزلي.
تسخين الماء
من نظام الطاقة الشمسية المثبت على سطح المنزل، يمكن الحصول على الماء الساخن والاستفادة من استخداماته المختلفة في المنزل.
يتكون نظام الطاقة الشمسية من عدة أنابيب شمسية يدور من خلالها سائل يسخّن المياه الموجود في الخزان المرفق.
اقرأ أيضاً: هل الطاقة الشمسية نظيفة وصديقة للبيئة حقاً؟
تدفئة المنزل
على مبدأ تسخين المياه، يمكن الحصول على نظام طاقة شمسية بهدف تدفئة المنزل بأكمله، حتى إن النظام يمكنه تدفئة المنزل وتسخين المياه في آن معاً.
في هذه الحال، تستخدم أنظمة التدفئة للمنزل بأكمله ألواح تجميع الطاقة الشمسية لتسخين المياه التي تدور من خلال ربط الأنابيب عبر ألواح التجميع. ولكن بدلاً من تخزينه في خزان ماء صغير نسبياً يتم تدوير هذا الماء الساخن من خلال أنابيب تمر عبر الأرضيات وتشع الحرارة داخل المنزل.
بطريقة أخرى، يمكن تدفئة المنزل باستخدام أنظمة الهواء الساخن بدلاً من الماء. تعمل هذه الأنظمة من خلال تجميع الهواء الذي تم تسخينه بفعل أشعة الشمس على سطح أو جدار مكشوف، وتدويره عبر المنزل ضمن قنوات هوائية مدمجة بالسقف.
تدفئة حمام السباحة
تعمل الشمس الحارة على تدفئة حمام السباحة البارد، لكن إن لم تكن الشمس ساطعة كفاية يمكن الاستفادة من ضوئها عبر تقنيات جديدة مثل البطانية العائمة، وهي جهاز تسخين سلبي يعمل عن طريق امتصاص حرارة الشمس ونقلها إلى الماء.
وفي طريقة أخرى، يمكن تمرير المياه من خلال نظام تسخين مياه شمسي متكامل يستخدم ألواح التسخين الشمسي المثبتة على السطح لتجميع حرارة الشمس، والتي تنتقل إلى الماء من خلال سلسلة من الأنابيب التي تدور عبر الألواح.
اقرأ أيضاً: ما أنواع الطاقة الشمسية وما أبرز مميزاتها وعيوبها؟
شحن البطاريات
تحتوي معظم الأجهزة الإلكترونية التي نستخدمها على بطاريات تمدها بالطاقة، لكن تمثل الحاجة للكهرباء اللازمة لشحن البطارية المتكرر مشكلة لدى البعض خاصة على طرق السفر أو أثناء وجودهم في مناطق بعيدة عن الشبكة الكهربائية.
يمكن الآن الحصول على خلايا أو ألواح كهروضوئية وتوصيلها بوصلات مخصصة لشحن بطاريات الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية وأجهزة الحاسوب المحمولة مباشرة.
تزويد المنازل والمدن بالكهرباء
أصبح من الشائع جداً تركيب الألواح الكهروضوئية على أسطح المنازل لتزويدها بالطاقة الكهربائية، كما يمكن استخدام نظام الطاقة الشمسية المركزة لتزويد مدينة بأكملها بالكهرباء.
الطهي
مع عدم توفر الغاز المنزلي اللازم للطهي، يمكن الاستفادة من الطاقة الشمسية لصنع طبّاخ شمسي، وهو عبارة عن أي حاوية مبطنة برقائق معدنية (مثل ورق الألمنيوم) أو مادة لامعة أخرى لتركيز أشعة الشمس في قدر الطهي.
الإضاءة الخارجية
تتطلب إنارة الطرقات أو الحدائق توصيل الأسلاك الكهربائية تحت الأرض، ويترافق هذا مع مشكلات معروفة بالإضافة إلى زيادة استهلاك الكهرباء. لكن أصبح بالإمكان الآن تزويد كل عمود إنارة طرقية أو مصباح حديقة بخلية كهروضوئية وبطارية تخزين قابلة لإعادة الشحن للإنارة الليلية.
النقل
تستنزف السيارات كميات كبيرة من الوقود الأحفوري، ما يسبب تلوث الكوكب. تتجه الدول حول العالم اليوم لتقليل هذه الانبعاثات، لذلك فإن الطاقة الشمسية بديل ممتاز للوقود الأحفوري، فقد يصبح بالإمكان في المستقبل القريب تسيير السيارات بالطاقة الشمسية، كما يمكن للسيارات الكهربائية إعادة شحن بطارياتها باستخدام الألواح الشمسية المنزلية.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن استخدام الطاقة الشمسية في مجال السيارات؟
الفضاء الخارجي
تعد الألواح الشمسية جزءاً أساسياً يمد أي قمر صناعي يرسل لمدار الأرض أو لاستكشاف الكون بالطاقة اللازمة لتشغيل أجهزته.
اقرأ أيضاً: ما أبرز مشاريع واستخدامات الطاقة الشمسية في المملكة العربية السعودية؟
ستبقى الشمس مصدر الطاقة الأساسي الذي يستفيد منه الإنسان طالما أنه يحيا على الأرض. وكانت هذه أبرز الطرق التي استفاد منها البشر من الشمس قديماً وحديثاً، وبالتأكيد سيجد طرقاً أخرى مستقبلاً.