إليك ملخص لما هو جديد وما ليس بجديد في واجهة إيلون ماسك التخاطبية بين الدماغ والآلة

5 دقائق
مصدر الصورة: نيورالينك
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

منذ فترة قريبة، تقاطر معجبو إيلون ماسك وكارهوه بالآلاف لمشاهدة بث حي على الإنترنت لأول عرض تقديمي عام من نيورالينك، وهي الشركة التي شكلها الملياردير مالك شركة تسلا لتحقيق هدف مثير (وإن لم يكن جديداً تماماً) بوصل أدمغة البشر إلى الحواسيب.

إذن، ماذا حققت نيورالينك؟

جمع هذا الحدث الذي دام لثلاث ساعات ما بين الاستعراض التسويقي المذهل والشروحات الفنية الجافة. وقد تحدث ماسك وأفراد فريقه عن هذا التصميم -محط آمالهم- للواجهة التخاطبية بين الدماغ والآلة، الذي يعتمد على العشرات من الوصلات الدقيقة لجمع الإشارات من الدماغ، والذي يرغبون في تجريبه على المشلولين قريباً حتى يتمكنوا من الطباعة باستخدام عقولهم فقط. ويهدف المشروع في نهاية المطاف إلى وصل هذه الأسلاك الدقيقة بجهاز بث للأفكار يتم تثبيته خلف الأذن مثل جهاز تقوية السمع.

ولهذا جمعنا آراء بعض الخبراء للتحدث حول مدى التطور والحداثة الفعلية في تكنولوجيا نيورالينك، وما سمعناه منهم يشير بشكل عام إلى أن نظام الواجهة التخاطبية مع الدماغ لنيورالينك يعتمد على أحدث التقنيات، ولكنه ما زال يعاني من بعض المشاكل بالغة الصعوبة. وقد لخص آدم ماربلستون -وهو أخصائي بعلم الأعصاب النظري في شركة ديب مايند التابعة لجوجل- الوضعَ بتشبيه نيورالينك بفريق تسلُّق مزود بأحدث التجهيزات، ولكنه لم يبدأ بعد بتسلق الجبل.

نقدم فيما يلي ملخصنا حول ما هو جديد في نيورالينك، وما ليس بجديد.

الفكرة العامة: ليست جديدة. فقد بدأ العلماء باختبار الزرعات الدماغية على المرضى لتمكينهم من تحريك مؤشرات شاشات الحواسيب أو الأذرع الروبوتية منذ حوالي 15 سنة، ولكن فقط ضمن بيئات بحثية.

فكرة التصميم: تحاول نيورالينك وضع تصميم هندسي لواجهة تخاطبية آمنة ومصغرة ويمكن استخدامها بشكل عملي ضمن الرأس. يقول آندرو شوارتز، وهو باحث في مجال الواجهات التخاطبية الدماغية في جامعة بيتسبيرج: “من الناحية المجردة، هذا أمر رائع؛ فنحن في حاجة إلى أن يتمكن الدماغ من التحكم في الأشياء خارج المختبر، وتحويل ذلك إلى سلعة”. وقد عمل شوارتز سابقاً مع شخصين مشلولين في مختبره، وتمكن من جعلهم يتحكمون في ذراع روبوتية متعددة الحركات بأذهانهم فقط، غير أن التجهيزات التجريبية كانت شديدة التعقيد (بما في ذلك كبل ضخم موصول إلى رؤوس المرضى) لدرجة أنه يستحيل أخذها إلى المنزل. ويقول إن من الواضح أن نيورالينك تطرح على نفسها الأسئلة الهندسية الصحيحة في محاولة لتصميم زرعة دماغية أكثر إفادة، ولكنه يضيف قائلاً: “لا أدري إلى أية درجة هي حقيقية”.

المعالج: استعرض ماسك وصحبه شريحةً حاسوبية مصغرة ومصممة بشكل خاص لهذه الواجهة من أجل تحويل الضجيج الكهربائي من العصبونات إلى إشارات رقمية صافية. تقوم الشريحة بعمل واحد فقط -مثل تجهيزات منقِّبي البيتكوين- وتقوم بهذا العمل باستخدام أقل قدر ممكن من الطاقة، وهو أمر ضروري بما أنها ستتواجد داخل الجمجمة. يقول آندرو هايرز، وهو أستاذ مساعد في العلوم الحيوية بجامعة ساوثرن كاليفورنيا: “لن تحتاج إلى تغيير البطاريات كل ساعتين”، ويضيف قائلاً إن نيورالينك “جمعت عدة تكنولوجيات متطورة معاً” بأساليب يصعب تنفيذها على الفرق الأكاديمية. ولكن الأمر المفقود من العرض التجريبي لنيورالينك هو جهاز البث اللاسلكي، الذي استعرضته شركات أخرى.

في الصورة اليسرى: أقطاب شبيهة بالخيوط لتسجيل نشاط العصبونات في دماغ حيوان. وفي الصورة اليمنى: جرذ يرتدي شريحة حاسوبية مع منفذ يو إس بي.
مصدر الصورة: نيورالينك

الأقطاب: تحدثت نيورالينك عن أسلاك بوليميرية دقيقة ومرنة تريد غرسها في الدماغ عبر فتحات في الجمجمة. وهذه الأقطاب المرنة مماثلة لتكنولوجيات يتم تطويرها في أماكن أخرى (بما في ذلك عمل تشونج شي في جامعة تكساس في أوستن). يقول هايرز: “هذه تقريباً أفضل التكنولوجيات الحالية، ولكنها لا تتجاوزها”.

وتزعم نيورالينك أنها تمكنت من تسجيل إشارات حوالي 1,000 عصبون في جرذ، ولكن هذا الرقم الكبير ليس مدعاة للفخر. فهو ليس رقماً قياسياً، بل قد لا يكون حتى من الضروري تسجيل كل هذه الإشارات للتطبيقات التي تعمل عليها نيورالينك؛ حيث إن تسجيل إشارات 30 عصبوناً وحسب في القشرة الحركية لدماغ المتطوع أثناء تخيله لتحريك يده يكفي للسماح له بالتحكم في مؤشر حاسوبي على الشاشة.

فترة التشغيل: كم ستدوم هذه الزرعة؟ قد تكون هذه الناحية أكبر مبعث للقلق لدى نيورالينك. فعلى الرغم من أن الأقطاب الدقيقة والمرنة تدوم لفترة أطول وتسبب مقداراً أقل من الأذى، فإن الموثوقية تمثل مشكلة حقيقية داخل الدماغ؛ حيث تتسبب الأقطاب في أذى للأنسجة يطلق عليه اسم الدّباق. ووفقاً لتغريدة من جايكوب روبنسون، وهو بروفيسور في جامعة رايس، فإن ماسك نفسه قال إن المشكلة “لم تحلَّ على الإطلاق”، ويلحظ روبنسون أن من الصعب تسريع اختبار طول فترة تشغيل الأقطاب المصنوعة من مواد مختلفة لدى الحيوانات، حيث إن الوقت يسير بنفس السرعة بالنسبة للجميع، حتى المليارديرات.

روبوت الخياطة: تقول نيورالينك إنها قامت بتطوير روبوت للجراحة العصبية يقوم بغرس الأقطاب الدقيقة في الدماغ آلياً في مواقع محددة بدقة، متفادياً الأوعية الدموية، وبسرعة تصل إلى 6 أقطاب في الدقيقة. يقول شوارتز: “إنه روبوت رائع، وقد احتاج إلى الكثير من العمل. ولكن، هل تطلب اختراعاً جديداً مثل الترانزستور؟ كلا”.

وقد نشرت وكالة التمويل الدفاعي داربا تغريدة على تويتر تقول إنها قامت بتمويل المرحلة الأولى من تطوير روبوت الخياطة الذي قدَّمته نيورالينك على أنه فكرتها الخاصة.

علم الأعصاب: ما زالت هذه الناحية الأضعف لدى نيورالينك. وعلى الرغم من كل هذه التجهيزات والمعدات، لم يكد ماسك وأصدقاؤه يذكرون شيئاً عن المعلومات التي يريدون قياسها وما يعتقدون أنها تعنيه. ويبدو أن الشركة تحتفظ لنفسها بمعلومات فعلية جمعتها من أدمغة الحيوانات لعرض تقديمي لاحق.

الصورة الترويجية: وزعت نيورالينك صورة لأنثى ترتدي أداة أنيقة المظهر بحجم جهاز تقوية السمع خلف أذنها. لم يكن هذا الجهاز المستخدم فعلياً، بل صورة لما يجب أن يبدو عليه عند الانتهاء. وفي الوقت الحالي، ما زالت الواجهة المستخدمة مع الجرذان تعتمد على كابل. أما المضحك في الموضوع فهو أننا رأينا صورة شديدة الشبه بها من قبل، ففي 1999، قرَّرت المجلة التكنولوجية ريد هيرينج أن تمازح العالم بقصة مزيفة في الأول من أبريل حول ما يفترض بأنه جهاز “للتواصل الفكري” لإرسال رسائل البريد الإلكتروني. وقد صدق الكثيرون هذه المزحة، ويعود هذا جزئياً إلى رسمٍ يُظهر أداة تُوضَع خلف الأذن، بشكل مشابه للغاية للأداة في صورة نيورالينك.

التجارب مع المشلولين: ليست بالأمر الجديد. فقد قال رئيس نيورالينك ماكس هوداك إن الشركة تريد اختبار الواجهة مع 5 أشخاص مشلولين لمساعدتهم على تحريك مؤشر حاسوبي أو الطباعة على الحاسوب باستخدام أفكارهم. ويمكننا القول بأن هذه التجارب هي الأكثر سهولة، فقد أجريت عدة تجارب مماثلة منذ بدايات هذا القرن، وقد تمكن الأشخاص فيها من تحريك الروبوتات أو العمل على الحواسيب، ولكن ما زال هناك مجال للتحسين، خصوصاً إذا تمكنت نيورالينك من نقل بيانات الإحساس إلى الدماغ، فليس من السهل استخدام روبوت للإمساك بأشياء لا تستطيع أن تتحسس مَلمَسها.

روبوت قامت شركة نيورالينك للواجهات التخاطبية مع الدماغ، والتابعة لإيلون ماسك، بتطويره من أجل غرس الأقطاب في الدماغ بالاعتماد على عدة كاميرات.
مصدر الصورة: نيورالينك

المنتج الاستهلاكي: على المدى الطويل، يحاول ماسك وزملاؤه إنتاج واجهة تخاطبية دماغية للعموم، لا تقتصر على من يعانون من أمراض شديدة وحسب، أي من النوع الذي “تنصح العائلة والأصدقاء باستخدامه”، وفقاً لأحد الجراحين العصبيين الذي أتى إلى حدث نيورالينك مرتدياً ملابس العمليات الجراحية. وما زالت هذه الناحية هي الأكثر حداثة وجنونية وإثارة للجدل في كامل مشروع نيورالينك؛ فمن الصعب أن نتخيل شخصاً يطلب إجراء جراحة دماغية إذا لم يكن في حاجة إليها، حتى لو كان الإجراء ببساطة عملية الليزك كما تقول نيورالينك. ووفقاً لوجهة النظر الشخصية، يمكن أن تكون الزرعات الدماغية الشخصية فكرة رائعة أو مزحة مريعة، ويقول هايرز: “أخبرتني زوجتي أنها لا ترغب في الحصول على واحدة”. ولكن قد لا يمر وقت طويل قبل أن نرى المراهقين يتوسلون إلى أهاليهم من أجل الحصول عليها.

الإطار الزمني: تقول نيورالينك إنها تريد أن تزرع نظامها في متطوعين مشلولين بحلول نهاية العام 2020، وقال ماسك سابقاً إنه يريد اختبار جهازٍ للتواصل عن بعد للأصحاء خلال فترة تصل إلى عقد من الزمن. لا نعرف ما إذا كان سيستطيع الالتزام بهذه المواعيد، ولكن بعد ذلك العرض التقديمي الماراثوني، من الواضح أنه سيحاول من دون شك، ويعلق شوارتز على هذا قائلاً: “إنهم في غاية الجدية”.